احاديث اليفاز

الجولة اﻻولى لحديث اليفاز

ص4: 

فاجاب اليفاز التيماني وقال 2 ان امتحن احد كلمة معك فهل تستاء.ولكن من يستطيع الامتناع عن الكلام. 3 ها انت قد ارشدت كثيرين وشددت ايادي مرتخية. 4 قد اقام كلامك العاثر وثبت الركب المرتعشة. 5 والان اذ جاء عليك ضجرت.اذ مسك ارتعت. 6اليست تقواك هي معتمدك ورجاؤك كمال طرقك. 7 اذكر من هلك وهو بري واين ابيد المستقيمون. 8 كما قد رايت ان الحارثين اثما والزارعين شقاوة يحصدونها. 9 بنسمة الله يبيدون وبريح انفه يفنون. 10 زمجرة الاسد وصوت الزئير وانياب الاشبال تكسرت. 11الليث هالك لعدم الفريسة واشبال اللبوة تبددت 

يبدأ كلامه برقة "فهل تستاء؟" وقبل ان ينتظر الجواب يقرر "من يستطيع اﻻمتناع عن الكلام؟". ضميري يحتم عليّ ان انصحك. يبدأ بمديح عن اعمال الخير لايوب. مع ان هذا يعود فينفيه في (22: 5-9). 

“مسّك" انه يستهين بتجربة ايوب، لم يقل ضربتك او جروحك وهذا ينافي الحقيقة. “ضجرت وارتعت" ولم يقل "جدفت او تذمرت". 

في اية 7 سؤالين هما: “من؟ و "اين" – اﻻم يهدف من ورائهما اليفاز؟ 

س: اﻻم يلمّح في اﻻعداد 9-11 ؟

12 ثم الي تسللت كلمة فقبلت اذني منها ركزا. 13 في الهواجس من رؤى الليل عند وقوع سبات على الناس 14 اصابني رعب ورعدة فرجفت كل عظامي. 15 فمرت روح على وجهي.اقشعر شعر جسدي.16 وقفت ولكني لم اعرف منظرها.شبه قدام عيني.سمعت صوتا منخفضا 17 االانسان ابر من الله ام الرجل اطهر من خالقه. 18 هوذا عبيده لا ياتمنهم والى ملائكته ينسب حماقة. 19 فكم بالحري سكان بيوت من طين الذين اساسهم في التراب ويسحقون مثل العث. 20بين الصباح والمساء يحطمون.بدون منتبه اليهم الى الابد يبيدون21 اما انتزعت منهم طنبهم.يموتون بلا حكمة.

هنا يروي رؤيا رآها، الهدف منها اعلان انه ما من احد يقدر ان يصف بالبرئ تماما.

ص5: 

ادع الان.فهل لك من مجيب.والى اي القديسين تلتفت. 2 لان الغيظ يقتل الغبي والغيرة تميت الاحمق. 3 اني رايت الغبي يتاصل وبغتة لعنت مربضه. 4 بنوه بعيدون عن الامن وقد تحطموا في الباب ولا منقذ. 5 الذين ياكل الجوعان حصيدهم وياخذه حتى من الشوك ويشتف الضمان ثروتهم. 6 ان البلية لا تخرج من التراب والشقاوة لا تنبت من الارض 7 ولكن الانسان مولود للمشقة كما ان الجوارح لارتفاع الجناح 

ع1: اي من يقف في صفك اذا حوكمت؟ القديسين = الملائكة. 

ع3 و4: ﻻ يبدو انه يذكر مصدر متاعب اﻻشرار، ولكنه يعود فينسبها الى الله في القصيدة التالية. وان كان يجعلها امر او قانون طبيعي عام في ع7، في حين العدد السابق ع6 ينفي انها بسبب الطبيعة كعقاب الهي كما جاء في تك3. ومن هنا يبدو التضارب مثلما جاء ايضا في كلامه بخصوص صلاح ايوب (قارن 4: 4و5 مع 22: 5-9). 

ايضا ع6 يقصد ان البلية ﻻ تنبع من الخارج وانما مصدرها داخل اﻻنسان. او ان البلية ﻻ تخرج من اﻻرض بدون بذور، وكأنه يقول ﻻيوب، ﻻبد انه هناك جرثومة الشر في قلبك. 

في ع7 الكلمة "الجوارح" مترجمة الى "كما الشرر لاعلى" في اﻻنجليزية. وان كانت في اﻻصل العبري هي "ابناء راشيف" وهي الهة عند الكنعانيين تاخذ شكل الجوارح. في الحقيقة يوجد حوالي 100 كلمة في سفر ايوب يختلف الدارسون على ترجمتها. ومثلها ايضا "مرق البقلة" ترجمتها "بياض البيض" في اﻻنجليزية. لكن المعنى واضح انه طعام بلا طعم. 

الجزء السابق يثير الكابة ومن هنا يبدأ يأخذ منحى به رجاء والقصيدة التالية (9-16) من اروع القصائد. 

8 لكن كنت اطلب الى الله وعلى الله اجعل امري. 9 الفاعل عظائم لا تفحص وعجائب لا تعد. 10 المنزل مطرا على وجه الارض والمرسل المياه على البراري. 11 الجاعل المتواضعين في العلى فيرتفع المحزونون الى امن. 12 المبطل افكار المحتالين فلا تجري ايديهم قصدا. 13 الاخذ الحكماء بحيلتهم فتتهور مشورة الماكرين.14 في النهار يصدمون ظلاما ويتلمسون في الظهيرة كما في الليل.15 المنجي البائس من السيف من فمهم ومن يد القوي. 16 فيكون للذليل رجاء وتسد الخطية فاها. 

ع8 في ترجمة اخرى "من جانبي" او لو كنت في مكانك لكنت ..”. “اطلب الى الله" فعل متعمد وليس فقط "افوّض لله امري" اي التسليم. احيانا نكتفي باﻻمر الثاني ونترك الاول، فيبدو اننا نسلّم لله حياتنا في حين ان المطلوب هو ان نطلب بلجاجة من اجل امر ما (اع12 في موقف سجن بطرس ماذا فعل المؤمنون؟". 

يتغنى بسلطة الله على المطلقة على الطبيعةفي ع10 ثم يتحدث عن اﻻنسان – المتواضعين بالتحديد في باقي اﻻعداد وان كان يدخل حديثه عن المحتالين والحكماء والماكرين في ع12-14. 

وذكر مثال المطر ﻻنه مثال ﻻعمال الله "التي ﻻ تعد" وهو غير مفهوم (فيمكن ان يستخدم للاهلاك كما في الطوفان وللخير والرخاء وهذا المثل يستخدمه الله في حديثه مع ايوب). 

كلمة البائس من الكلمات الصعبة وان كانت تتوازن مع كلمة الذليل في العدد التالي. اما كلمة القوي فهي في صيغة المذكر ويمكن ان يكون المقصود بها الله وليس يد اﻻشرار. 

17 هوذا طوبى لرجل يؤدبه الله.فلا ترفض تاديب القدير. 18لانه هو يجرح ويعصب.يسحق ويداه تشفيان. 19 في ست شدائد ينجيك وفي سبع لا يمسك سوء. 20 في الجوع يفديك من الموت وفي الحرب من حد السيف. 21 من سوط اللسان تختبا فلا تخاف من الخراب اذا جاء. 22 تضحك على الخراب والمحل ولا تخشى وحوش الارض. 23 لانه مع حجارة الحقل عهدك ووحوش البرية تسالمك. 24 فتعلم ان خيمتك امنة وتتعهد مربضك ولا تفقد شيئا.25 وتعلم ان زرعك كثير وذريتك كعشب الارض. 26 تدخل المدفن في شيخوخة كرفع الكدس في اوانه. 27 ها ان ذا قد بحثنا عنه.كذا هو.فاسمعه واعلم انت لنفسك 

ينتقل الى ضمير المخاطب كواعظ، وهو تعليم كان موجودا في مدارس الحكمة (انظر مز29: 12 وام3: 11 وعب 12: 5 ) وهو ايضا افضل حل يقدمه اليهو حين يقول "ويفتح اذانهم للانذار (للتهذيب والتاديب)"(36: 10). 

ايوب يحتاج الى العطف والرثاء ﻻ الى النصيحة. ربما ايضا استخدم نفس الكلام ايوب (4: 3 و4) مع المكلومين. والكلام يظهر ان الله يستخم "لطفه وصرامته" فقسوته الظاهرة تظهر في ارساله المرض (18) واﻻنتكاسات (19) والمجاعة والحرب (20) والنار والطوفان (21) واﻻوبئة والوحوش (23). ويقابل هذا ارسال يده للانقاذ من كل هذه الشدائد. 

ان افضل تصوير لحياة الرجل العاقل ليس هو الخالي من المتاعب بل من تتحول ضيقاته الى بركات، لذا فاﻻعداد التالية توازن اﻻعداد السابقة. 

“حجارة الحقل عهدك" من العبارات الصعبة وان كانت حجارة ممكن تشير الى اكثر من معنى فهي في تك 29: 24 تشير الى راعي اسرائيل وفي اش 14: 19 وحز28 تشير الى ابناء. 

التواء مرير في الحديث يثير غضب ايوب ﻻنه يمس بره بالحديث عنه وعن عائلته. فالوعد بكثرة الذرية .. ﻻ يعزي شخص فقد اوﻻده.. ليس من الصواب ان تعده بالصحة وبطول العمر وهو يحك قروحه فوق كومة رماد. او تعده بالثروة واللصوص قد نهبوا ممتلكاته، وبكثرة النسل واوﻻده يرقدون تحت الجدران المتهدمة. 

نجد ان اليفاز كان مخطئا بان بر اﻻنسان يضمن اﻻ يصيبه البلايا. وما سبق كان سببا لما نجده في نهاية السفر ان الرب يحدد اسم اليفاز "قد احتمى غضبي عليك وعلى..”، فهو المتقدم في السن والكلام.. خطا اليفاز ليست خطا تعليمه ولكنه في غير وقته.. 

من العبارات التي لها ترجمة اخرى: 

“الموت الخانق اختار عظام رقبتي"(7: 15) يقصد الاحلام المزعجة. ﻻن في التقليد اليهودي يهوة كان له كل اعمال اﻻلهة القديمة بما فيها العالم السفلي فهو يشبه باﻻسد الذي يفترس فريسته (الموت)”(هو5: 14). 

ان ايوب كان متحديا وهذا يدل على ثقته من براءته. لكنه لم يكن يعلم ان الله يراقبه صامتا حتى نهاية اﻻمتحان وحينئذ ياتي وقت اعلان صحة موقف ايوب (42: 8). 

الجولة الثانية للحوار: 

ص15: 

فاجاب اليفاز التيماني وقال 2 العل الحكيم يجيب عن معرفة باطلة ويملا بطنه من ريح شرقية. 3 فيحتج بكلام لا يفيد وباحاديث لا ينتفع بها. 4 اما انت فتنافي المخافة وتناقض التقوى لدى الله. 5 لان فمك يذيع اثمك وتختار لسان المحتالين. 6 ان فمك يستذنبك لا انا وشفتاك تشهدان عليك
7 اصورت اول الناس ام ابدئت قبل التلال. 8 هل تنصت في مجلس الله او قصرت الحكمة على نفسك. 9 ماذا تعرفه ولا نعرفه نحن وماذا تفهم وليس هو عندنا. 10 عندنا الشيخ والاشيب اكبر اياما من ابيك. 11 اقليلة عندك تعزيات الله والكلام معك بالرفق
12 لماذا ياخذك قلبك ولماذا تختلج عيناك 13 حتى ترد على الله وتخرج من فيك اقوالا. 14 من هو الانسان حتى يزكو او مولود المراة حتى يتبرر. 15 هوذا قديسوه لا ياتمنهم والسموات غير طاهرة بعينيه. 16 فبالحري مكروه وفاسد الانسان الشارب الاثم كالماء 

تختلف هذه اﻻعداد عن المقدمة التي يقسو فيها اليفاز فيشبه رد ايوب بانه ريح (باطل) وخطير على الدين (يناقض التقوى وخوف الله). 

وليس هناك ما يدعو ﻻن نرتبك من كثرة اﻻستعارات، فقد يكون ذلك بقصد من الكاتب ليجعل من حديث اليفاز المنمق حديثا هزليا يدعو للضحك. فاﻻشرار كالنخيل والعنب والزيتون ولكن بلا ثمر .. كيف يوفق بين نجاح اﻻشرار وعدالة الله؟ 

نلاحظ ان ايوب في رده على اليفاز يرد الصاع صاعين فالله هو الذي في حالة عداء مع ايوب وليس العكس، فهو ﻻ يعاني من ضمير معذب (15: 17-26).ومعنى الموت مختلف تماما عن تفسير اليفاز. 

الجولة الثالثة للحوار: 

ص22: 

فاجاب اليفاز التيماني وقال 2 هل ينفع الانسان الله.بل ينفع نفسه الفطن. 3 هل من مسرة للقدير اذا تبررت او من فائدة اذا قومت طرقك. 4 هل على تقواك يوبخك او يدخل معك في المحاكمة. 5 اليس شرك عظيما واثامك لا نهاية لها. 6 لانك ارتهنت اخاك بلا سبب وسلبت ثياب العراة. 7 ماء لم تسق العطشان وعن الجوعان منعت خبزا 8 اما صاحب القوة فله الارض والمترفع الوجه ساكن فيها. 9 الارامل ارسلت خاليات وذراع اليتامى انسحقت. 10لاجل ذلك حواليك فخاخ ويريعك رعب بغتة 11 او ظلمة فلا ترى وفيض المياه يغطيك.

اليفاز رجل صالح فلا اثر لحقد في كلماته، والسخرية التي في حديثه سببها فشله في ان يرى مشكلة ايوب. انه يبذل محاولة جبارة لكي يقنع ايوب بخطيته في القصيدة السابقة. ثم يتحدث عن عظمة الله في القصيدة التالية واخيرا يبذل محاولة اخيرة ليدفع ايوب لتقديم توبة. 

يبدأ بقوله “اليس شرك عظيمك واثامك ﻻ نهاية لها؟". ثم يعدّد تهم ﻻ برهان عليها. 

“قلت هل الله يعلم" نجد انه وﻻ مرة سال ايوب هذا السؤال- اي ان كان الرب يعرف طريق اﻻشرار (يعرف اي يهتم او يبالي) ولكن يبدو انه احس بذلك من حديثه. ولكن اليفاز هو يرد على ما اعتبره انه تجديف على الله بان الله غير مبال بالشر، نجده قد وقع في تجديف اخر بان الله غير مبال بالفضيلة (ع2) ونحن نعلم ان بر ايوب كان موضع مسرة واعجاب الله. 

ماذا نلاحظ في قائمة التهم التي ذكرها؟ 

وﻻ تهمة منها تتعلق بالعقيدة او واجبات العبادة.

لماذا تغير الضمير الى الغائب في هذا العدد 8؟

استبعد بعض المعلقين هذا العدد ﻻنه يقطع تسلسل اﻻفكار. اﻻ اننا نجده ان يلخص ما سبق ويليها. وهو يوضح لماذا امسكت الشباك التي تكلم عنها بلدد ي (18: 8) بايوب.

12 هوذا الله في علو السموات.وانظر راس الكواكب ما اعلاه. 13فقلت كيف يعلم الله.هل من وراء الضباب يقضي. 14 السحاب ستر له فلا يرى وعلى دائرة السموات يتمشى. 15 هل تحفظ طريق القدم الذي داسه رجال الاثم 16 الذين قبض عليهم قبل الوقت.الغمر انصب على اساسهم. 17 القائلين لله ابعد عنا.وماذا يفعل القدير لهم.18 وهو قد ملا بيوتهم خيرا.لتبعد عني مشورة الاشرار. 19 الابرار ينظرون ويفرحون والبريء يستهزئ بهم قائلين 20 الم يبد مقاومونا وبقيتهم قد اكلها النار 

اﻻشارة الى النار (ع20) يقوي الشك بان عدد 16 يشير الى الطوفان.

ليس هناك شك في جدية كلمات اليفاز فهو رابح نفوس مجتهد، ودفء كلماته عن الله تشعرنا بانها حلت محل القسوة السابقة. فبالرغم مما قاله عن دينونة الله اﻻ انه بخﻻف صوفر الذي ﻻ تلين له قناة يفضل رحمة الله التي تقبل كل خاطئ تائب بسعة. ومن المبهج ا دعوته الختامية بها دعوة قلبية فيها نداء تبشيري "تعرف به واسلم" اﻻ انه يعيبها انها ﻻ تناسب حالة ايوب.

عدد23-25 وصف للشروط التي يجب ان يستوفيها.

21 تعرف به واسلم.بذلك ياتيك خير. 22 اقبل الشريعة من فيه وضع كلامه في قلبك. 23 ان رجعت الى القدير تبنى.ان ابعدت ظلما من خيمتك 24 والقيت التبر على التراب وذهب اوفير بين حصا الاودية. 25 يكون القدير تبرك وفضة اتعاب لك. 26 لانك حينئذ تتلذذ بالقدير وترفع الى الله وجهك. 27 تصلي له فيستمع لك ونذورك توفيها. 28 وتجزم امرا فيثبت لك وعلى طرقك يضيء نور. 29 اذا وضعوا تقول رفع.ويخلص المنخفض العينين. 30 ينجي غير البريء وينجي بطهارة يديك

ع29 و30 من اﻻعداد الصعبة. لو كانت الترجمة اﻻنجليزية على صواب بقولها ان الله "ينجي البرئ" يكون اليفاز قد نسخ دعوته التبشيرية ﻻيوب. وهناك راي بانه شخص غير برئ لكنه خلص بطهارة ايوب وهذا ما يحث في ص42.

ويمكن ان نلخص احاديث اليفاز الثلاثة بما ورد في الموسوعة البريطانية:

في ثلاث خطب تزداد حدتها تدريجيا، يحاول أليفاز تعليل سبب النكبات التي المت بأيوب ، كما يحاول حثه على التوبة. في الخطاب الأول ، يروي رؤية أبلغته بالخطية العامة للإنسان - دليل على أن المعاناة لا تأتي بدون سبب. في الخطاب الثاني ، يستخف ببر أيوب الذاتي كما يتهمه بتجاوزات في حق الله. في الخطاب الثالث والأخير ، يعبر عن الفكرة العبرية القديمة بأن المعاناة تنطوي دائمًا على أفعال شريرة، من خلال اتهام أيوب بأعمال غير أخلاقية محددة.