".. يا
سيد انزل قبل ان يموت ابني"(يو4:
49)
الاطفال
حينما يموتون وهم صغار يتخلصون من عالم
الاثم وشر الخطية بانتقالهم الى الصروح
العلوية والى
المنازل السماوية. فما
احسن الايمان بان نتحقق انهم في السماء
يتنعمون. فربما
يعيشون ويفقدون تلك المنزلة العالية.
قال
يربعام لامراته: "قومي
.. اذهبي
الى شيلوه. هوذا
هناك اخيا النبي.. وهو
يخبرك ماذا يكون للغلام.. وقال
الرب لاخيا : هوذا
امراة يربعام اتية لتسال منك شيئا من جهة
ابنها لانه مريض.. من
اجل انك اسأت (عبد
الاصنام) من
مات ليربعام في المدينة تاكله الكلاب ومن
مات في الحقل تاكله طيور السماء.
وانت عند
دخولك المدينة يموت ابنك ويندبه جميع
اسرائيل ويدفنونه لان هذا وحده وجد فيه
امر صالح نحو الرب"((1مل14).
"وليس
من يفطن انه من وجه الشر يضم الصديق"(اش57:
1).
ايها
الوالدون انكم تودون السعادة لابنائكم
فلماذا تحزنون ان حصلوا عليها؟
هو
هناك في مدرسة المخلص يعرف مقاصد الله
افضل مما ندركها نحن على الارض.
ان تلك الازهار
اليانعة التي قطفت من ارضنا قد غرست هناك
في فردوس الله. وهذه
الشهب الصغيرة قد غابت عن عيوننا ونظن
انها اطفئت ولكنها ليست الا محتجبة وراء
الافق وتضئ الان بلمعان ساطع في سماء
المجد. وتلك
الشفاه الصغيرة التي ما كانت تقدر ان تنطق
بتسبيح اسم الرب تترنم الان بالذ اناشيد
الحمد والخلاص للجالس على العرش.
فكف عن احزانك ايها
الاب وايتها الام فان ابنكما (او
ابنتكما) الان
وان كان قد انفصل عن ذراعيك الابوية هو
الان على ذراعي المخلص. يقول
الكتاب "على
الايدي تحملون وعلى الركبتين تدللون
وترضعون من ثدي تعزياتها"(اش65).
هل كنت تريد لابنك
ان يشاهد ما تشاهده من مناظر الشقاء؟ وان
يتلظى بنار عذاب الحياة، او ان ينفطر قلبه
مثلما ينفطر قلبك الان؟ الا تذكر الجهاد
الذي جاهدته في العالم والاخطار التي
احاطت بك مرارا؟ عليك ان تشكر الله على
وصول ولدم الى موطن السلام بلا مشقة ولا
جهاد.
وان
قلت ان فراق الولد خطب صعب لا يحتمل، اجبتك
بنعم. لكن
مصاعب العالم واتعابه خطب اصعب.
لعلك وضعت كل محبتك
في ولدك فاختطفه الله منك لتوجه قلبك
اليه، ورفعه الى السماء لترفع انت ايضا
افكارك اليه.
قال
السيد "خير
لكم ان انطلق"(يو16:
7)، لانه لو بقى على
الارض لبقيت افكار التلاميذ معلقة به على
الارض، ..
ولو
امكن للاولاد المنتقلين ان يخاطبونا
وامكن لنا ان نسمع اصواتهم لسمعناهم
يقولون بنغمة الفرح ان الذي خلقنا يحبنا
ولم يرض ان نذوق مررة شقاء الدنيا، ودعانا
الى مجده سريعا فلبينا الدعوة فرحين
وخضعنا لارادته شاكرين.. فلا
تبكوا علينا بل ابكوا على انفسكم لانكم
لا تزالون في ارض المنفى.. لقد
سبقانكم الى المجد. فان
كنتم تحبوننا ففكروا في نصيبنا..
ومتى تاملتم حقارة
الدنيا وتقلب احوال الدهر وقصر الحياة
وقارنتوها بامجاد السماء .. واياكم
والاعتراض على اعمال عناية الله.
فان ما يتراءى لكم
قساوة نراه نحن عطفا، وما ظننتموه غضبا
نراه محبة ورحمة. ولا
تقولوا اننا خرجنا من العالم في اول الحياة
لاننا قد قضينا الغاية من وجودنا وهي
الانتقال الى السعادة والمجد والتمتع
بالله- تلك
الغاية التي لم تبلغوها بعد.