الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في حتمية الموت


زمن حياتنا ها هنا سباقُّ إلي الموت ، حيثُ لا توقفُّ ولا تباطؤ : بل الكل مدفوعون بنفس الحركة إلي الهدف . وليس لمن كان عمره أقصر من سواه أن يطوى نهاره بأسرع ممَّن كان عمره أطول . على السواء تنُزعُ الأوقات منهما ؛ فهذا يري هدفه أقرب وذاك يراه أبعد إنما كلاهما يسيران بالسرعة عينها.
أن يلاحق الإنسان حياته طويلاً شيء وأن يسير فيه ببطُّ شيء أخر. وبالنتيجة . فمن يقطع على طريق الموت زمناً طويلاً لا يعني انه يقطع مسافة أطول.
وبما أنك مولود فمن المحتم عليك أن تموت ، المرض ضروري ها هنا ليدفع بك إلي الموت.
من الواضح أن الأطباء حين يعاينون المرضي يقولون مثلاً : إن هذا مصاب بداء الاستسقاء وهو مرض غير قابل للشفاء وهذا الآخر مصاب بداء البرص ولن يشفي منه وذلك مسلول وموته محتم : ومن ذا الذي استطاع أن يشفي من السل ؟ لقد لفظ الطبيب حكمه عليه بأنه مسلول ومع ذلك فليس من المحتمَّ عليه ولا على المصاب بهذا الداء أن يموت ، وأن يكون محتوماً على كل مولود أن يموت.
يموت الإنسان لأنه مولود ، وما كان بخلاف ذلك فهو مستحيل.
أنت مولود ، ولهذا تموت : إن هربت من الموت أو تحاشيته أو دفعته عنك فلا يسعك أن ترجئه أو تمنعه عنك . أنه لآت حتماً ، ولو أبيت ؛ وفي ساعة لا تعلمها . ولماذا تخافُ ما هو آت رغماً عنك؟ أحر بك أن تخاف ممّا لن يكون . ما لم ترده أنت قارن بين هذين الأمرين : بين الموت الذي يتم في برهة من الزمن والعقاب الذي يدوم إلي الأبد . أنك تخشى الموت الذي يتم في برهة من الزمن والعقاب الذي يدوم إلي الأبد . أنك تخشى الموت الذي يأتي في برهة رغماً عنك فاخش بالأحرى العقاب الذي لن يحصل ما لم ترده أنت . أن ما يجب عليك أن تخشاه لأفظعُ بكثير ، وباستطاعتك أن تتجنبَّه . وأنه لشرّ فظيع طويلُ المدى ، عليك أن تخشاه طالما ما أنك تستطيع أن تمنعه عنك.
في الواقع ، أنك إن عشتَ عيشةً صالحة أو شريرة ، فسوف تموت ؛ ولا مفرَّ لك من الموت ، ولكن  إن عشت عيشةً صالحة فلن تلُقي في العذاب الأبدي ، وطال ما أنك تستطيع ها هنا أن تتمني عدمَ الموت ، فاخترْ أن تكون مع الأحياء لئلا تموت إلي الأبد.
كم من مشقات يتحملها الإنسان تطويلاً لمدة عذابه ، وإذا هدده الموت نراه يسعى إلي تجنبه ، لماذا؟ ألكي يخافه زمناً أطول؟
العمل من أجل الحياة الإنسانية : أي عذاب لا يذوقه أولئك الذين يعالجهم الأطباء ويجُرون لهم العمليات؟ أيتحمَّلون ذلك كله كيلا يموتوا؟ أما لكي يطيلوا أعمارهم يوماً أو أكثر؟ إن كان الناس يتحملون تلك المشقات ويقومون بتلك الجهود ويتكبدون نفقات باهظة ويواظبون على السهر والعناية تطويلاً للعمر وإن قليلاً فأحر بهم أن يسَعوا ويعلموا لكي يحيوا إلي الأبد.
وهبْ أن من اتخذوا تلك الوسائل تأخيراً للموت قليلاً وتطويلاً للعمر أياماً قصيرة قد سُمّوا حكماء فما أغباك لو عشتَ عيشة تسببتْ لك بخسارة اليوم الأبدي.
العالم ينهار : يا من تعمل ما بوسعك لترجئ موتك قليلاً ، أعمل ما شئت لئلا تموت إلي الأبد الويل لك ، إن العالم ينهار إذا كان العالم ينهار فلما لا تتركه؟
لو قال لك مهندس معماري أن بيتكَ ينهار ، ألا تبدأ تتركه ثمَّ تتذمَّر؟ ومهندس العالم يقول أن العالم ينهار ثم لا تصدقه ؟
أصغ إلي صوت الواعظ ونصيحة المرشد : الواعظ يقول(السماء والأرض تزولان"متى35:34"). والمرشد يقول{لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض"متى19:6}.
إذا أمنت بكلمة الله ولم تحتقر إرشاداته فأعمل بموجبها لأن من أعطاك تلك المشورة لا يغشّك وأنت فلست تخسر ما أعطاك بل سوف تتبع خيرك حيث أرسلته.
وإليك النصيحة :{أعط المساكين فيكون لك كنز في السماء"متى19: 21"} إذ ذاك لن تبقي بلا كنز لأن ما تتمتع به على الأرض ، قلقاً سوف تتمتع به في السماء مطمئناً.
قايضه به : نصيحتي إليك للخلاص ، وليست للهلاك ، سيكون لك كنز في السماء سرْ على خطي المسيح تصلْ إلي كنزك ، وبذلك تربح ولا تخسر . أنك تلُقي في الأرض حنطة ثم يأتي صديق لك عالم بطبيعة الأرض والحنطة فيكشف لك جهلك قائلاً : ماذا صنعت؟ لقد ألقيت الحنطة في أرض عميقة رطبة لهذا سوف يفسد بذارك ويضيع تعبك فتجيبه : وماذا أعمل؟(أذهب من هنا إلي فوق).
أو تسمع نصيحةً يعطيها صديق بشأن الحنطة وتهمل نصيحة الله بشأن قلبك؟
أتخشى أن تلقي حنطتك في أرض غير صالحة وتلقي قلبك في أمور الأرض ؟ ها أن الرب إلهك يعطيك توجيهاً لقلبك:(حيث يكن كنزك يكن قلبك "متى21:6").
أرفع قلبك إلي السماء لئلا يفسد على الأرض ؛ بهذا ينصح من يريد أن يخلص لا أن يهلك.