الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

الدينونة -2


 في أن المسيح الديان يأتي بشكل منظور في نهاية العالم:
نؤمن بمجيء المسيح الأول والثاني : الأول تم ولم يفهمه اليهود ، والثاني آت وكلنا نرجوه . إن الكتاب المقدس يشير ، لو انتبهنا إلي دينونتين : الأولي سرية وهي القائمة الآن . وعنها يقول بطرس الرسول :{قد آن للقضاء أن يبتدئ بيت الله"بطرس17:4"} وهي هذا العقاب الذي يتمرن عليه كل إنسان لكي ينتقَّي ويهتدي . أما إذا احتقر دعوة الله . فيساق إلي الهلاك.
أما الدينونة العلنية فهي تلك التي بها يدين الرب . في مجيئه الثاني ، الأحياء والأموات ، ويعرف الجميع أنه يهب الصالحين عطاياه وينزل بالأشرار شتى العذابات.
إن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح علّق في بداية الأمر على خشبة الصليب . وها هو الآن جالس في السماء . على الصليب دفع ديناً وها هو الآن في السماء يجمع من قد اشتراهم . وبعد أن يجمع من ينتقيهم على مر الأزمنة سوف يأتي في نهاية الأزمنة علناً . لا خفية ، كما جاء في المرة الأولي.
وجب عليه أن يأتي خفية ليُحكَم عليه . ولكنه سوف يأتي علناً ليدين ، ولو انه جاء في بدء الأمر ، علناً ، وأظهر نفسه ، لما تجاسر أحد من الناس أن يحكم عليه.
وجب عليه أن يصمت في آلامه ولكنه لن يصمت في دينونته ، وبما انه قبل ، بتواضع ، حكم الناس عليه ، فسوف يصدر حكمة بقوة عظيمة.
يوم جاء خفيةً أظهر نفسه لخدامة دون سواهم ؛ ولكنه حين يأتي علناً سوف يظهر نفسه للاختيار والأشرار.
لزم الصمت في محاكمته بيد انه لن يلزم الصمت متى أتي للدينونة . ولن يلزم الصمت تجاه من عرفوا صوته واحتقروه.
يسخر بعض الناس من وصايا الله ، لأنه تعالي لم يظُهر ما وعد به ؛ ولا هم يرون في الحال عاقبه تهديداته ؛ فلهذا يسخرون من وصاياه . أنه يظهر في حينه ويدين بالشكل عينه الذي به أدين.
حين رآه الرسل يصعد إلي السماء سمعوا بأنه سوف يأتي كما صعد : {إن يسوع هذا الذي رأيتموه يرتفع سوف يعود على مثال ما رأيتموه صاعداً إلي السماء} وسوف يراه بالشكل ذاته الأحياء والموات. الصالحون والأشرار : فالأبرار يرونه إنساناً كالذي آمنوا به والأشرار يرونه إنساناً كالذي احتقروه ورذلوه. 
إن الذين يتحملهم الآن خطاه سوف يدينهم مرذولين.
في بدء الأمر جاء متواضعاً ، أما بعد فسيكون ممجداً .
في بدء الأمر جاء مثالاً في الصبر وقدوة ؛ أما بعد فسيأتي ليدين الأشرار والأبرار حسب ما يستحقون.
في بدء الأمر جاء ليجمع أما بعد فسيأتي ليفرق.
إن لم يخش أحداً ، متواضعاً فهل يخشاه ممجداً.
إن قال الحقيقة كاملة على طريق الآلام أفلا يقولها حين يلفظ حكمه للدينونة؟
في البستان قال لأعدائه :{عَّمن تبحثون؟} فأجابوه : عن يسوع. إذ ذاك قال لهم(أنا هو) فتراجعوا للحال إلي الوراء وسقطوا على الأرض.
وماذا يحل بمن سقطوا على الأرض ، لدي سماعهم كلمة واحده من يسوع السائر إلي الموت ، متى سمعوا صوته في الدينونة؟
سيظهر مخيفاً من كان محتقراً.
لقد اظهر صبره فبقي عليه أن يظهر مجده.
على الصليب كان صبراً وفي الدينونة سيكون قوةً.
ومع ذلك لو تأملت الصليب لوجدته قاعة محاكمة : في الوسط القاضي ، ثم اللص الذي آمن فغفرت له خطاياه ؛ والآخر الذي رذل بسبب إهاناته.
بهذا المشهد عينه أشار إلي ما سوف يصنع بالأحياء والأموات حين يقيم أناساً عن يمينه وآخرين عن يساره: لص الشمال يمثل المرذولين ولص اليمين يمثل المختارين . وبينما كان المسيح يحاكم كان يهدد بالدينونة.