السبت، 16 يناير 2016

نهاية المملكة البابلية



لكل واحد مملكته الخاصة، وحين يتحدى الإنسان الله، ويضرب بوصاياه عرض الحائط يحصي الله ملكوته وينهيه، ويسمعه كلمات داود القائلة:

"لماذا تفتخر بالشر أيها الجبار.. لسانك يخترع مفاسد كموسى مسنونة يعمل بالغش. أحببت الشر أكثر من الخير. الكذب أكثر من التكلم بالصدق.. أحببت كل كلام مهلك ولسان غش. أيضاً يهدمك الله إلى الأبد. يخطفك ويقلعك من مسكنك ويستأصلك من أرض الأحياء.. فيرى الصديقون ويخافون وعليه يضحكون. هوذا الإنسان الذي لم يجعل الله حصنه بل اتكل على كثرة غناه واعتز بفساده" (مزمور 52: 1 - 7)

لقد أحصى الله حدود مملكة بيلشاصر.. أحصى غناه الموجود في خزائنه.. أحصى جيشه الكلداني القوي. أحصى كل ما ذخره آباؤه.. أحصى كل ما في ملكوته، وأنهاه.

صدر الحكم الإلهي بإنهاء الإمبراطورية البابلية.

وفي كل يوم يصدر الله أحكامه على المتكبرين، والمستهترين، والمتكلين على غناهم وثروتهم وقوتهم ومراكزهم.. وينهي حياتهم.

ضرب المسيح لسامعيه مثلاً قائلاً "إنسان غني أخصبت كورته. ففكر في نفسه قائلاً ماذا أعمل لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري. وقال أعمل هذا. أهدم مخازني وأبني أعظم وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكلي واشربي وافرحي. فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعددتها لمن تكون. هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنياً لله" (لوقا 12: 16 - 21)

لقد كان هذا الرجل غنياً، وكان غبياً والفرق بين الاثنين نقطة تهبط إلى أسفل بدلاً إن كانت إلى أعلى.. وكان غبياً لأنه جعل نفسه "مركز الحياة".. وكان غبياً لأنه كان أنانياً. فقال "أثماري" "مخازني" "غلاتي" "خيراتي" "وأقول لنفسي" "استريحي وكلي واشربي وافرحي"

وكان غبياً لأنه خطط لحياته ومستقبله دون أن يعمل لله حساباً.

وكان غبياً لأنه خطط للمجهول الذي ليس له سلطان عليه "ليس لإنسان سلطان على الروح ليمسك الروح ولا سلطان على يوم الموت" (8: 8)

وكان غبياًً لأنه ظن أن نفسه يمكن أن تحيا على الغلال مع أنه من الواضح أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (لوقا 12: 20)

هكذا أصدر الله حكمه بإنهاء ملك بيلشاصر. "قسمت مملكتك وأعطيت لمادي وفارس". ما أدق كلمات النبوة.. لقد أعلن الله للملك نبوخذ نصر أنه بعد الرأس الذهبي الذي يرمز للإمبراطورية البابلية "تقوم مملكة أخرى أصغر منك" (دانيال 2: 39) وما قاله الله في النبوة لا بد أن يتم بكل دقة، فالله هو صاحب السيادة المطلقة والسلطان الكلي على التاريخ، هو الذي يعزل ملوكاً وينصب ملوكاً، هو المتسلط في مملكة الناس.

قرأ دانيال النبي للملك بيلشاصر الكتابة التي كتبتها اليد الكاتبة "حينئذ أمر بيلشاصر أن يلبسوا دانيال الأرجوان وقلادة من ذهب في عنقه وينادوا عليه أنه يكون متسلطاً ثالثاً في المملكة" (دانيال 5: 29)

هذا أمر ملكي من بيلشاصر الملك.. لكن ما قيمته؟ والملك سيقتل في ذات الليلة التي أصدر فيها أمره الكريم.

"لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده. تخرج روحه فيعود إلى ترابه. في ذلك اليوم نفسه تهلك أفكاره" (مزمور 146: 3)

"في تلك الليلة قتل بيلشاصر ملك الكلدانيين. فأخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن اثنتين وستين سنة" (دانيال 5: 30 و 31)

بينما كان دانيال يفسر للملك بيلشاصر الكتابة كانت الجيوش المادية الفارسية تدخل مدينة بابل من قناة فتحتها تحت سور المدينة الضخم. اقتحم الجنود قاعة الوليمة وفي الحال اختلطت الخمر الحمراء بالدم الملكي البابلي.

في تلك الليلة قتل بيلشاصر على عرش أبيه. قتل بقضاء إلهي. ورقدت جثته على الأرض. بغير تاج وبغير صولجان. رقدت في رداء أرجواني.. كتلة من الطين. انتهت الإمبراطورية البابلية بعد أن امتلأ مكيال إثمها وتمت كلمات النبي إرميا التي قالها رب الجنود:

"إني أنا صنعت الأرض والإنسان والحيوان الذي على وجه الأرض بقوتي العظيمة وبذراعي الممدودة وأعطيتها لمن حسن في عيني. والآن قد دفعت كل هذه الأراضي ليد نبوخذ نصر ملك بابل عبدي وأعطيته أيضاً حيوان الحقل ليخدمه. فتخدمه كل الشعوب وابنه وابن ابنه حتى يأتي وقت أرضه فتستخدمه شعوب كثيرة وملوك عظام" (إرميا 27: 5 - 7)

وها قد جاء وقت بابل وانتهى ملكوتها. 

وتظهر دقة النبوة في أنها حددت أن المملكة تقسم بين مادي وفارس – وقد حكمها الماديون لفترة قصيرة من الزمن ثم حكمها الفارسيون لوقت غير قليل.

وكما صدقت النبوة من المملكة البابلية، ستتم بدقة في كل ما قالته بخصوص المجيء الثاني للمسيح. اسهروا....

مقال عن نفس الموضوع تجده هنــــــــــــــــا