كاتب السفر:
اذا ما عرفنا ان "اسفار الملوك" في الاصل العبري يتبع "سفرا صموئيل" بدا لنا ان ابسط سبب لكتابته هو ان كثير من الانبياء كتبوا سجلات تاريخية، وفي الوقت المناسب ادمجت هذه السجلات مع مقتطفات من السجلات التاريخية الملكية.
تعتبر مدة حكم حزقيا فترة نشاط ادبي (ام25: 1). لذلك يرجح ان عصره كان العصر المناسب جدا للقيام بذلك العمل. ومن المعقول جدا ان اللاجئين الهاربين من السامرة قد احضروا معهم السجلات الملكية ويظن ان هذا هو الوقت الوحيد الذي يرجح فيه تنفيذ هذا العمل. وبالرغم من انه لا توجد ادلة تثبت ان اشعياء هو الذي قام بهذه المهمة الا ان احتمالا كهذا غير مستبعد. وان في عصر يوشيا تمت كتابة التاريخ حتى عصره وروجعت. وربما كان ارميا هو من قام بهذا. واخيرا يظن ان شخصا مجهولا اكمل تسجيل الحوادث التاريخية حتى السبي.
في القرن الثاني الميلادي كان الربيون على علم بالتباين الظاهري فقط في بعض الارقام التي وردت في هذا التاريخ. وتعليل ذلك واضح: مثلا حساب جزء السنة سنة كاملة، ووجود نواب للملك اذ كان يصرح للابن ان يشارك اباه الملك في اواخر حياته. تعاقب على الحكم: 19 ملك لاسرائيل (930 – 723 ق م)، و 19 ملك على يهوذا (930- 586 ق م).
السفر نبوي لان كتابه انبياء كما اسلفنا الذكر. فان الله لم يتكلم فقط عن طريق انبيائه بل عن طريق التاريخ. ولعل هذا السبب في ان بعض الملوك مر عليهم مرور الكرام، اذ ان الهدف الاول لكتابة السفر روحية لا سياسية. ولهذا السبب عينه هو الذي جعل الكاتب يسهب في تدوين تاريخ اخاب في الشمال وحزقيا في الجنوب ، وهما فترتان تازمتا فيها الامور.
شيخوخة داود:
كان عمر داود 70 سنة فقط حين مات. ويظن ان صحته تدهورت سريعا في اواخر ايامه بسبب ثورة ابشالوم ضده وموته.
لم تكن هناك سابقة في اسرائيل لتعيين من يخلف داود على العرش. وكان الشعب ليعبّر بعد ذلك عن رغبته فيمن يملك (1مل12: 1 و2مل 11: 17 23: 30). الا ان اختيار الملك كان دائما يواجه احتمال الصراع بين هذا الاختيار واختيار البكر. وقد كان من الواضح نية داود في تمليك سليمان خلفا له (13). ولكن حيث ان الملك لم يجاهر برغبته رسميا ، تشجع ادونيا للمطالبة بالملك. وكان ادونيا بسيطا (2: 13-15)، وربما شجعه يواب وابياثار (7). كان اكبر ابناء داود. اما كيلاب (2صم3: 3) فيظهر انه ودّع الحياة دون ان يسجل الكتاب عنه شيئا.
سليمان يمسح ملكا:
لقد كان الامر متعجلا من ادونيا. اثار عدم دعوة سليمان اهتماما بالغا (19) وكانت بثشبع صاحبة نفوذ "اما حلفت" لم تذكر هذه الحادثة قبلا.
من المحتمل ان ابيشج كانت مشاركة في المؤامرة والا لماذا يسجل اسمها هنا في منتصف القصة. ويظهر ان نصيبها في المؤامرة هو منع وصول اخبار تمليك ادونيا. ولكن ابيشج لم تستطع منع الزوجة المحبوبة.
"سجد الملك على سريره" اي سجد للصلاة.
"قد تمسك بقرون المذبح" رغم انه لم يرد شئ في الناموس حرفيا بشان اللجوء الى المذبح الا انه توجد اشارة في (خر21: 14).
وصية داود الاخيرة وموته:
واوصى داود سليمان ان ينتحل العذر ليعاقب يواب. يظهر ان يواب عندما قتل ابنير (2صم3: 27) وعماسا (2صم20: 8-10) قد تصرف بحسب الناموس. ففي حالة ابنير كان ينتقم لدم اخيه (2صم2: 23) اما عماسا فقد يكون يواب اتهمه بالغدر والخيانة.
اما نقمة داود على شمعي فقد كون لانه سب مسيح الرب، فهو يفعل هذا بحسب الناموس ، وان تاخر العقاب.
تثبيت سلطة سليمان:
هذا الجزء (2: 12-46) يسجل لنا خلاصة حوادث تمت في 3 سنوات على الاقل (39). وفيها لا يهتم المؤرخ بالتسلسل التاريخي لترتيب الحوادث، بل يواصل حديثه عن وصايا داود الاخيرة، وتنفيذ سليمان لها. وكانت هذه العادة عبرية، بمعنى ان الكاتب يواصل حديثه عن موضوعه بغض النظرعن التسلسل التاريخي.
مصير ادونيا:
تمنى ادونيا انيتزوج ابيشج اما لمجرد انه احبها وهو المرجح، او اراد ان يقوّي مركزه باعتباره ضمن الحريم ، اذ كان من المالوف ا ن الملك يرث حريم سابقه (2صم16: 21). ولا يجب ان ناخذ تدخل ابيشج في امر الزواج جديا. فاتباعها الرسميات في طلبها يرينا انها فرحت بقرب التخلص من اخر عدو يهدد عرش ابنها؟
نفي ابياثار:
يرجح ان تدعيم ابياثار لادونيا ناتج عن معارضته للسياسة الدينية لناثان وصادوق . وربما راى سليمان ان وجود ابياثار سيثير كثير من المشادات والمشاحنات الدينية بينه وبين صادوق في المستقبل. لذلك اراد ان يبعده عن الحكم. وكان هذا النفي اتماما لكلام الرب (27) وهذا القول لا يعني ابعاد نسل ابياثار عن الخدمة (1اخ24: 1-19).
اعدام يواب:
ان الاشارة في (28) لا تشير الى المؤامرة التي بسببها خر ادونيا حياته، بل الى مؤامرة قديمة. بينما السبب الاول في (22) هو العذر المنتحل الذي استند عليه سليمان للتخلص منه.
ان يواب كقاتل ليس له حق اللجوء لقرون المذبح (خر21: 14). اعدم يواب بشرف ودفن في بيته (34). فالسماح بدفن الانسان في بيته شرف لا يحصل عليه سوى عظماء كصموئيل (1صم25: 1) والملوك (حز43: 7). اما تعيين سليمان لصادوق رئيسا للكهنة فهو قرار عظيم الخطورة اذ يعني اخضاع الكهنوت لسلطان الملك.
مصير شمعي:
يظهر ان شمعي كان رجلا له نفوذ عظيم في سبط بنيامين (2صم19: 16) . وكان سليمان يشتبه ان شمعي يريد ان يعيد الملك الى سبط بنيامين (44). لذلك حدد سليمان مكان اقامته في اورشليم ومنعه من عبور وادي قدرون.
اخيش بن معكة (39) ربما هو اخيش بن معوك (1صم27: 2).
يظهر ان شمعيلم يكن يعرف ان سليمان لم يكن فقط يخشى مؤامرته في بنيامين بل كان ايضا يتحين له الفرصة للتخلص منه نهائيا. "سليمان يلبارك" بالتخلص من لعنة شمعي.
بدء حكم سليمان:
الخطوط العريضة لحكم سليمان (3: 1-3):
من الواضح ان هذه الفقرة ليست في التسلسل التاريخي. هذا فضلا عن ان الكاتب في ص2 سبق ان لخص القصة فكذلك هو يفعل هنا (كما في 2صم5: 40-10) ليعطينا الخطوط العريضة لحكمه. ولقد اثبت سليمان بزواجه انه كان يؤمن بالتحالف السياسي. وقد امتاز حكمه بميزتين : العظمة في المباني (1) والتساهل في العبادات الدينية (2و3). ابنة فرعون لم يرد ذكرها غير هنا. وقد سكنت في قصر داود القديم(2صم5: 11).
كان الناس يتعبدون امام مذابح مختلفة (2و3) ولماذا نلومهم؟ لقد فعلوا ذلك ايام القضاة وما ساد فيها من فوضى، ولقد اصلح صموئيل حالهم جزئيا. ولكن اللوم الاكبر على سليمان، فبمجرد ان بنى مذبح الرب العظيم كان عليه ان يحطم كل المذابح الاخرى.. ولكنه اراد ان يرضي كل تلك الفرق الاخرى عمدا.
"المرتفعات" اخذت من كلمة عبرية وهي من اسم كنعاني يعني منصة عالية وضعت عليها الادوات الخاصة بالممارسات الدينية.
لماذا اتخذ سليمان "جبعون" البلدة شبه الكنعانية لتكون مركزا للمذبح الرئيس، فلسنا ندري؟ ربما كان صادوق كاهنا في جبعون (1اخ16: 39)، وربما كان هناك كهنوت هاروني منذ ان قطع يشوع عهدا معهم . هذا يلق الضوء على سبب احضار خيمة الاجتماع (او بقاياها) مع مذبح النحاس الى جبعون (2اخ1) من شيلوه بعد الهزيمة الثانية عند حجر المعونة (1صم4) كما لا يوجد دليل على ان خيمة الاجتماع كانت في نوب. وهذا يفسر تفوق المقدس فى اورشليم التي كان فيها التابوت (15).
"الف محرقة" قد يكون عدد تقريبي.
ان الحكمة التي طلبها سليمان وحصل عليها حكمة دنيوية اكثر منها روحية. ان الشرح في (16-28) يرينا ان الحكمة المقصودة هي رئيسيا الدهاء والفكر الثاقب والبديهة الحاضرة.
"اصعد محرقات"(15) الذبائح المذكورة هنا هي مهمة قام بها البلاط الملكي اما الذبائح التي ذكرت في (4) فهي خدمة شعبية.
مقتطفات من السجلات الملكية
ينقسم الاصحاح الرابع الى قسمين:
1- تنظيم المملكة (1-19)
2- وكلاء الملك ثم اقوال في قوة الملك.
الديوان العالي الملكي:
ادونيرام ربما هو ادورام في (12: 18 و2صم20: 24) كونه كان مكروها يوحي بانه هو الشخص عينه.
وكلاء الملك:
قسم سليمان ارض اسرائيل الى12 قسما لانه اراد ان ينظم ادارتته تنظيما ادق، ومن جانب اخر لتسهيل جمع الضرائب.