هنا في الجحيم يقف امامي ايضا الخير الذي لم افعله ، و الفرص الضائعة التي لا عدد لها تواجهني بنقمة لا شفقة فيها . ترون اذن ان كل شئ فعلته و كل شئ لم افعله تدب فيه الحياة في موضع العذاب هذا- يجب ان اقول انه يتخذ شكلا مجسما - و يقف للشكاية ضدي. احاول ان اهرب و لكنها تحوطني من كل جانب، و هذه الاشكال المخيفة تكفي لملء الدنيا من اليأس ، انها تضطهدني و تعذبني، و انا فريستها، و بكل اسف ان ذكريات الخير الذي لم افعله اشد مرارة من الشر الذي فعلته، ان المغريات لعمل الشر كانت كثيرة و بقوتي لم استطع التغلب عليها ، و لكن عمل الخير ما كان يكلفني الا يسيرا.
ان القلب معين لا ينضب من القوة و البركة ، فان الله نبع الحب و الطهر الذي منه كل عطية صالحة قد رتب ان في هذا الامر لا اختلاف بين الغني و الفقير و المتعلم و البسيط. فاسمحوا يا اخوتي و اخواتي ان اتوسل اليكم ان تسمعوا لصوت قلوبكم ما دام نهار!
لم اكن متحجر القلب عندما كنت عائشا في الدنيا، على العكس كان من السهل تحريكي للشفقة . ان الذي اوردني التهلكة هو محبة نفسي لدرجة لا نهاية لها اعمتني عن رؤية احتياجات الاخرين ..
ليت اختباري المخيف هذا يحدث فيكم تغييرا للافضل. فربما يخفف هذا من عذاباتي المريعة! و لكني لا اجزم حتى بهذا ، فان الروح في جهنم لا تستطيع سوى الشك.. الشك الابدي.