قرأت ان "كوبر" الشاعر العظيم، في لحظة من لحظات التأمل وتبكيت النفس، حلم حلما- حلم أنه يسير في مقابر عظماء الانجليز في "وستمنستر"، وإذ سمع صوتًا ورأى بابًا مفتوحًا من على بعد سارع نحو الباب. وقبل أن يبلغه قفل أمامه بصوت رهيب مفزع، وقال كوبر إنه فزع من الباب المغلق على نحو لا يباريه فزع ولو صدر من جميع كنائس العالم مجتمعة معًا.
انه الفزع من فقدان الباب الأبدي إلى السماء في نهاية الحياة.
إذا كانت قصة ابن أرملة نايين تعطي ما لا ينتهي من الدروس والعبر والعظات، فإنها أولاً وقبل كل شيء، تكشف عن أن نايين الجميلة مهما أعطت من متع ولذات، فإنها لا تستطيع أن تكشف آخر الأمر إلا عن النعش الذي يخرج منها، وكأنما يدفن معه كل الأحلام والآمال والرؤى والانتظارات، وهل يمكن أن ننسى الشاب القديم الذي جرب المتعة والبهجة والفرح ويقول : «ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما. لم أمنع قلبي من كل فرح. لأن قلبي فرح بكل تعبي وهذا كان نصيبي من كل تعبي. ثم التفت أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس» (جا 2 : 10 و11)