السبت، 5 يناير 2019

اكلة على شاطئ بحيرة


اكلة سريعة على شاطئ بحيرة
(يو21: 1-19 و مر16: 7)
في تلك الايام ترك سبعة من التلاميذ اورشليم وذهبوا الى الجليل، كما امرهم يسوع. وفي الواقع، انه كلف النسوة اللواتي راينه قائما ان يبلغوا رسالة. ان يقلن لرسله الحميمين انه ينتظرهم في الجليل.. والجليل، بلد الطوائف المختلفة. وهكذا يريد يسوع ان يرسل تلاميذه الى جميع الشعوب. وهؤلاء التلاميذ السبعة كانوا: بطرس وتوما وبرثلوماوس ويعقوب ويوحنا واثنين اخرين.
ما العمل وهم في انتظار ظهور يسوع؟ .. لابد ان يعيشوا ويمضوا وقتهم في عمل ما. عثروا ثانية بسهولة على سفينة وشباك.
قال لهم بطرس:
انا ذاهب للصيد.
ونحن نذهب معك.
وها هم يركبون السفينة.
ولكنهم خلال الليل كله لم يصيبوا شيئا: لان السمك المتقلب يتقدم اسرابا ثم يتراجع فجاة.. ولعل بطرس ومن معه فقدوا شيئا من مهارتهم بعد سنتين..
فتعبوا، وها هم عند طلوع الصبح يعودون بالسفينة.
وكان رجل مجهول في انتظارهم. فصاح فيهم من بعيد:
ماذا؟ هل وفقتم في صيدكم يا فتيان؟
لا، لم نصب شيئا البتة.
لكن هذا الشخص المجهول، لذي يتطلم كانه خبير في مهنتهم، يصيح :
"صدقوني!.. القوا شباككم الى اليمين تجدوا"
"لعله على صواب، على كل حال، اذا كان موجودا هنا من مدة، فربما يكون قد لاحظ بضع سمكات كبيرة تقفز وتعوم على سطح الماء. ولما كان الصيادون متضايقين بعض الشئ لرجوعهم خائبين، عزموا على ان يحاولوا مرة اخيرة.
فنشروا الشبكة نحو المكان المشار اليه .. وبعد قليل راوا السدادات التي تدعم الشبكة تهتز.. وعندما ارادوا ان يسحبوا الشبكة لم يكن هذا ممكنا، لثقلهت من كثرة السمك.
عندئذ تذكر يوحنا.. رجع الى ذاكرته صيد اخر عجيب.. فلابد ان يكون هو يسوع.. همس في اذن بطرس الذي يتصبب عرقا من جذب الشبكة:
"هو يسوع بالتاكيد"
بغتة ادرك بطرس الموقف. فترك الشبكة تسقط في الماء، لبس صدرية الصيد، لانه كان عاري، وقفز في الماء ليعوم الى الشاطئ.. وقفز الاخرون بسرعة واخذوا يجرون السفينة حتى البر، الذي لم يكن الا على بعد مائة متر تقريبا.
وها هم على اليابسة. ماذا ابصروا؟ .. يسوع بقرب نار حطب بسيطة.
وعلى هذه النار يشوي سمكا، وبضع قطعات من الخبز. قال لهم يسوع:
"هاتوا من ذلك السمك الذي اصبتموه"
فصعد بطرس ثانية الى السفينة وجذب الشبكة الى البر.. وجد فيها مائة وثلاثة وخمسين سمكة من السمك الكبير، ولم تتمزق الشبكة رغم هذا العدد الكبير.
"هلموا الان الى الطعام"
خلال هذه الوجبة البسيطة، لم يكن احد غبيا الى حد انه يسال يسوع: من انت؟ لعلمهم جميعا انه الرب. . ونزولا على رغبته تركوه يخدمهم/ ويوزع عليهم الخبز والسمك..
وبعد الطعام قال يسوع لبطرس:
"اتحبني اكثر مما يحبني الاخرون؟"
السؤال غريب ! زعج بطرس بعض الشئ.. لا شك في انه يحب يسوع!.. ولكن، اكثر من الاخرين.. لو اكد ذلك لكان في حرج عظيم، انه يتذكر تصاريحه المفرطة عن امانته امام كل الاخرين، بضع ساعات قبل تلك الليلة، ليلة القبض على يسوع. ويتذكر فناء منزل رئيس الكهنة، والخادمة وصياح الديك..
فيجيب بخجل:
"يا يسوع، انت تعلم اني احبك!".
اذن، ارع حملاني".
ساله ثانية:
"يا بطرس، اتحبني اكيدا؟"
"نعم، انت تعلم اني احبك!..".
(وبطرس متضايق من هذا الالحاح)
"اذن، ارع خرافي".
وللمرة الثالثة:
"يا بطرس اتحبني حقا؟"
وعليه حزن بطرس .. اذن يسوع ليس متاكدا من حبه !.. لا شك في ان بطرس انطره ثلاث مرات!.. وهذا الموجود على الشاطئ يذكره بالحاح بمجمرة فناء قصر رئيس الكهنة.. اه، مسكين يا بطرس! .. ها هو متالم وعلى وشك البكاء لظنه ان يسوع يشك في محبته.. غير انه مستعد ان يضحي بحياته ليعوّض عن خطيته!..
حينذاك وفي غاية الاضطراب، نظر الى يسوع بعينين مغرورقتين بالدموع، وكبت الشهيق الذي يتصاعد في صدره، واجاب بساطة:
"لكن يا يسوع، بما انك تعلم كل شئ وتعلم عمق قلبي، لا شك انك تعلم اني احبك حقيقة!"
فاذن ارع خرافي"
كان يسوع قد اعلن عن انه الراعي الصالح، اي قائد الشعوب المثالي.. فهو الان يشرك بطرس في ذلك. بعد ان محا في نظر الاخرين، انكاره الثلاثي بتاكيد ثلاثي لحبه.