الخميس، 3 يناير 2019

هذا هو جسدي.. هذا هو دمي


هذا الخبز هو جسدي.. هذه الكأس هي دمي
(لو22: 19، 20 و مر14: 22، 23 و مت26: 26، 27)
تبدأ حينذاك الوجبة المهمة، بالحمل الفصحي والخبز بدون خمير. كان من واجب رب الاسرة او المسئول عن المائدة ان يذكر معنى هذه الوجبة ومدلول الاطعمة فيها. لانه في الواقع لابد من ان تعاش من جديد، في قرارة النفس، الوجبة التي اخذها الاجداد في عجلة في ليلة التحرير المشهورة. وتسمى "هجادة" كانوا يحثون الاطفال على ان يطرحوا اسئلة. كان هذا الطقس ضروريا. وهو ما نسميه تعليما دينيا يقوم به الاباء لابنائهم.
ويسوع، في تلك اللحظة، يقوم هو ايضا ب "هجادة"لتلاميذه. ليس لدينا نص هذا التعليم ولكن يمكننا ان نفكر بصواب بانه يهيئهم لادراك ما سوف ياتي. المفروض على تلميذ المسيح ان يحيا تحرير الفصح بمعنى انه تحرير من عبودية الخطية، التي هي اسوا كل العبوديات ومصدرها.. وحمل الفصح هو صورةرسول الله او عبد الرب الذي يحمل خطايا البشر.. الخمير القديم الذي يطرح خارج المنازل هو الشر الذي يختمر في القلوب بينما العجين الجديد هو رمز البشرية المجددة المخلوقة ثانية..
وكان هذا القسم وهو اهم قسم محاطا ببركتين وبعروض احتفالية. ان تقام بركة الخبز الذي يقسمه رب الاسرة ويوزعه على كل المدعوين. وفي نهاية الوجبة يقام بركة الشكر على الكأس الذي يتداول بينهم. كانت هاتان البركتين وحركات التوزيع تقيم وحدة بين المشتركين في المائدة. وفي الواقع كان هؤلاء يشتركون بقولهم "امين" والتي تعني انا اوافق. وكانت هذه الوجبات تحافظ على رجاء الوجبات القادمة التي يتراسها المسيح الذي كانوا يتوقعون مجيئه. وهكذا من السهل ان تتحول وحدة المائدة هذه الى وحدة في الصلاة.
يجدر بنا ان نجد هنا ما نسميه تاسيس الافخارستيا.
اخذ يسوع خبزا وتلا عليه البركة وعندئذ كسر واقتطع منه قطعة لكل واحد ووزعها. ولكنه اضاف هذه الكلمات المؤثرة للغاية التي تعطي معنى جديدا للخبز المقسم:
"خذوا كلوا: هذا الخبز هو جسدي الذي يبذل من اجلكم.. افعلوا هذا لذكري"في نهاية الوجبة، قام يسوع من جديد، كرئيس للمائدة، من تمدده على ديوان، واخذ كاس الخمر الاخيرة ورفعها قليلا فوق المنضدة وقال، وهو يتلو صلاة الشكر ويجيب الرسل "امين.
وعندئذ يعطي الكاس للتداول دون ان يشرب هو منهت وهو يفوه بهذه الكلمات المؤثرة للغاية:
"هذه الخمر هي دمي الذي يراق من اجل جماعة كثيرة من البشر كنتيجة للعهد الجديد بين الل والبلشرية. ستصنعون هذا لذكري".
ويسوع بصفته رئيس المائدة، ينشد القسم الثاني من نشيد التسبيح "سبحوا لله لان حبه الى الابد".
هكذا يجعل يسوع من الوجبة الفصحية وجبة وداعه ويعطيها معنى جديد. لانه يحيا موته في حضرة تلاميذه. ويمكن القول انه من الان في حالة ذبيحة: ذهب يهوذا ليسلمه، وجميع من اشتركوا في القبض عليه وتعذيبه هم في اماكنهم مصممون على العمل. ومن خلالهم كل الشر وكل خطايا البشر هي التي تقتل ابن الله. ويسوع الذي يقبل ان يحمل كل خطايا البشر وعقابها هو الحمل الفصحي الحقيقي.
واخيرا يقول يسوع "ستصنعون هذا لذكري" .. سوف يفهمون فيما بعد ان هذا الحدث الذي عاشوه لابد من ان يعيش من جديد ودائما. سوف يسمى خدمة كسر الخبز او العشاء الرباني.