الجمعة، 4 يناير 2019

هل يجب ان ندفع الجزية لمن يحتل بلادنا؟


هل يجب ان ندفع الجزية لمن يحتل بلادنا؟ (لو20 و مر12)

في الايام التي تلت الانقلاب المهيب الذي حققه يسوع بطرد باعة الهيكل، استشاط كهنة اليهود غضبا لرؤية امتيازاتهم واهم مصدر دخلهم قد اعيد الجدل حولها. فاخذوا يبحثون في وسيلة يعجزونه بها عن الجواب علنا ليجعلوه غير مقنع او ليتخلصوا منه. لكن حتى الان، فضح يسوع مكايدهم ببساطة وسهولة مذهلتين، لامر الذي اثار كل مرة السرور في الشعب.

الحيلة العظمى هي ان يستدرجوا يسوع ليتفوه بكلمة مثيرة للشبهة امام الشهود، وهكذا يبرهنوا للشعب ان هذا المضلل يغشهم، او ان هذه الكلمة تسمح ان يسلم يسوع للرومان كثوري. وهذه الحيلة هي الوسيلة الوحيدة للنجاح بدون ان تكشف مؤامرة الاحبار لاعين الشعب. لكن كيف يجذبون يسوع الى الميدان السياسي؟ … تناقشوا طويلا فيما بينهم في هذه المسألة. واخيرا لم يحصل الاتفاق بينهم فحسب، بال وجدوا ايض حلفاء لهم بين اصدقاء الملك هيرودس الذي يحكم اقليم الجليل تحت اشراف الرومان. ومعروف ان هؤلاء متعاونون مع جيوش الاحتلال.

فذهبوا كلهم لملاقاة يسوع. وبداوا حديثهم بمداهنة سخيفة، املين من ورائها، ان يحوزوا على جواب منه بطريقة اكيدة.

“يا معلم، عهدناك صريحا، صادقا، لا تبالي احدا، لانك لا تحابي الوجوه، – ليس لك الا هم واحد، وهذا يشرفك، انك تهدي الناس الى سبيل الله هداية صدق. اعطنا رايك عن هذا السؤال: ما هو واجبنا؟ بالنسبة الى لجزية؟ ايجب دفعها ام رفضها؟“

انه موضوع هام ، لان الجزية تدفع للرومان الذين يحتلون البلد. فلو اجاب “نعم” لخان القضية القومية، وبالنسبة ليسوع الذين يهتفون له الهتاف اللائق بالمسيح، لهدم كل شعبيته، لان لشعب لا يقبل محررا يقول بدفع الجزية للمحتل… ومن جهة اخرى لو اجاب “لا” لاعلن الحرب ضد روما. وعليه ، يا له من تهام خطير لدى بيلاطس.. على كل حال ، ان يسوع مجبر على ان يتخذ موقفا، وبالتالي ان يخاطر بسمعته. لا مهرب ممكن. كانت هذه الحيلة او هذا التحدي هو المصيدة التي دبروها، فهل لاحبار وحلفاء الملك هيرودس يان يتذوقوا انتصارهم.

لا يزال يسوع هادئ. يعرف نياتهم الغادرة، ويفطن لرياء اعدائه تحت مدائحهم الماكرة.

“ايها المراؤون، تظنون اني ساقع في شراككم! .. اروني اذن عملة الجزية حتى اتطلع اليها“.

في الحال اخرج احدهم دينارا من صرته، لابد في الواقع من دفع الجزية بمال جيوش الاحتلال، الذي يقتنيها بهمة الصيارف.



يتجنب يسوع لمس القطعة ويسأل:

“من ترون صورته على هذه القطعة وما هو المكتوب؟“

“الصورة والكتابة لقيصر“. هو رأس الامبراطور طيباريوس. والكتابة “الى ابن قيصر اغسطس الالهي“.

يا لطياشتهم! .. حال اخراج هذه القطعة من صرتهم، كانوا خاسرين، لانه اظهروا انه بالنسبة الى وضعهم الشخصي قد حلوا المسالة: فهم يدفعون الجزية. واكثر من ذلك، يدفعونها بقطعة وثنية من المال. انهم يخضعون لامبراطور يدّعى الالوهية، هم الذي يصرحون بانتمائهم الى الله الواحد، ويفخرون برضا كل من يؤله الامبراطور او الدولة.

يجيبهم يسوع:

“اعطوا اذن لقيصر ما لقيصر ولله ما لله“.

هذه القطعة التي تستعمل لدفع الجزية فليرجوعوها اذن لصاحبها، لقيصر روما بما انهم قبلوها كعملة للمداولة وهي في يدهم!

ذهب المعارضون خائبين مقطبي الوجوه.