الأربعاء، 29 مايو 2019

مزمور 87


مزمور 87
يد الله في التاريخ
هذا المزمور هو احد الاناشيد الوطنية الاربعة الكبيرة في السفر، والثلاثة الاخرى هي (مز105 و 106 و 136). وفي كل منها الموضوع الرئيسي هو اختبار خروج الشعب من ارض مصر. في مز 78 يبدو ان هذا الموضوع الاوحد الذي يغلب، ولو انه من الواضح انه كتب بعد عصر داود. وغاية هذا المزمور هو تكرار قصة الشعب القديمة حتى تتحذر الاجيال القادمة من تكرار الفشل (ع1-11 وقارن 1كو10: 1-11 و عب2: 1-4..)
ويقع القسم الرئيسي من المزمور في جزأين: ع12-42 و ع43-66. ويعني الجزء الاول بتيه البرية اما الجزء الثاني فبعد ان يستعيد عددا من ضربات مصر يعالج الدخول الى كنعان الى زمن داود.
والخاتمة تؤكد رفض افرايم وقبول يهوذا واختيار داود.
المقدمة:
الكلمة شريعة حرفيا توراة وتعني تعليما. لاحظ كيف اقتبس ع2 في مت13: 35 "سافتح بالغاز فمي وانطق بمكتومات منذ تاسيس العالم". فالتشديد على "الشهادة في يعقوب" اي على التعليم العائلي التقليدي (ع3-6) مرتكز على (خر10: 2 و 12: 26 و 13: 8).
وفي المزمور يتضافر اتجاهان من الفكر كما لاعطاء اراء متناوبة عن الضعف البشري والقوة الالهية. "بنو افرايم .. انقلبوا"(ع9) . لا توجد في ذهن المرنم مناسبة خاصة لهزيمة عسكرية لهذا السبط ، وقد راى البعض ان في هذا العدد اشارة الى خروجهم المبكر من مصر وتقهقرهم بيد رجال جت (1اي7: 21) او انه يشير الى استياءهم عند دخولهم ارض كنعان (يش7: 14 وما يليه) لكن المرنم انما يذكر الموضوع بطريقة الاستعارة فقط، بنو افرايم اي الملكة الشمالية كلها ، خانوا عهد الله، انهم يشبهون جنودا مدججين بالسلاح ولكنهم تراجعوا في قلب المعركة. وهذا التشبيه استخدم مرة اخرى في عدد (57). اما عدد (67) فيصرح ان افرايم رفض كقائد واختير سبط يهوذا بدلا منه.
الانحراف والنجاة – القسم الاولى (12-42):
بعد ان تهيا المسرح يوصف طرفا التمثيلية كل لدوره اي امانة الله ، وانحراف اسرائيل (12-20) ثم يتكرر المشهد بتوسع (21-42).
اذ اوشك نصف القصيدة ان ينتهي ، يعكس المرنم الوضع، فيذكر نعمة الل اولا قبل استفزاز الانسان. "كثيرا ما رد غضبه ولم يشعل كل سخطه. ذكر انهم بشر" ولو انهم "لمم يذكروا يده".
النجاة والانحراف – القسك الثاني:
يتقدم الان المزمور ليذكر حوادث الخروج بالتفصيل . والفرق كبير بين البيان عن عجائب الله في بلاد "صوعن" وبين تلك المذكورة في السابق. هناك تغيير مهم في وجهة النظر فالاعداد (12-16) عالجت الموضوع من الناحية الطبيعية .. اما الاعداد 44 وما يليها فتتحدث عن الوضع البشري. لاحظ كثلا التكرار المستمر عن "هم" والضمير المستتر المماثل. وهذا التغيير لا يهدف الى توضيح القضاء الالهي على المصريين بمقدار ما يظهر الطريقة المعجزية معاملة الله لشعبه.
وبالاختصار ، فيما تعالج القسم الاول الناحية التاريخية يعالج الثاني الاختبارات الشخصية من ضربات واستقرار.
لاحظ ان الضربات ودراستها هنا من الجانب الشعري لا التاريخي. لان المرنم ذكر 7 ضربات فقط وليست بالترتيب. "الجردم هو الجراد في اطوار اليرقة. و "اوائل القدرة" اي اول ثمرات الزواج.
وهطذا تستمر هذه القصة المحزنة سار الشعب من سئ الى اسوا (56-58) ونتيجة لذلك رذلهم الله (59).
وهناك تشبيه جرئ يذكر الله يتدخل ليتعامل مع هذا الانحطاط البشري الذي لا نهاية له، والذي يبدو كعملية حتمية لا مفر، وقد شبه بجبار جعلته الخمر يحب القتال والنضال ، وقد استيقظ من نومه ليحط الاعداد الذين استعبدوا شعبه. والاشارة الاولية الى تغيير كامل في الظروف اذ يبدا عصر الملوك شاول وداود وما يتبع ذلك من تحطيم الاعداء .
الخاتمة:
الغرض الاول هو اظهار قوة المملكة الجنوبية ومسؤليتها. لقد تدخل الله ليس فقط ليحرر الشعب من فرعون (42) والفلسطينيين (66) بل ليختار سبط يهوذا واورشليم مسكنا وداود راعيا لشعبه. والجملة الاخيرة تظهر مقابلة مع يد الله الفادية في عدد 42.