الجمعة، 11 أكتوبر 2019

حزقيال: ص 29-33


نبوات على مصر:
كتبت اثناء الحصار، ما عدا (29: 17-21) فهي كتبت سنة 571 اي قبله ب6 اعوام.
سقوط مصر:
حزقيال يضع في فم فرعون كلام وحش الفوضى الرابض في المياه لا مجرد كلام تمساح فحسب.
مصر ستلقى مصيرا كمصير اسرائيل: التشتت 40 عاما من "مجدل الى اسوان"(10). وسوف يرد سبي مصر لكنها لن ترجع الى سالف مجدها بل "تكون احقر الممالك"(15).
اجرة نبوخذ نصر:
اضيفت هذه النبوة كملحق لان تاريخها آخر تاريخ في السفر(571 ق.م). بذل نبوخذ نصرا جهدا عظيما للاستيلاء على صور. فقد سقطت المدينة ولكن غنائمها كانت يسيرة ، اذ كان الصوريون في متسع من الوقت لشحن نفائسهم وتهريبها. لذلك سيجازي الرب خادمه (ار27: 6) باعطائه غنائم مصر. قد غزا مصر قرابة سنة 568 ق.م.
يوم مصر:
ع1-9 تصف دنو يوم الرب على مصر. ع20-26 كسر شوكة فرعون على يد نبوخذ نصر. "يا لليوم!" اي و اسفاه على اليوم! (قارن 7: 2 ويؤ20: 1و2 و صف1: 15). "كوب" في السبعينية "لوب" اي ليبيا. "بنو ارض العهد" امة غير معروفة متحالفة مع مصر.
يصف تدمير مصر تفصيليا
"اون" تعني العدم وقد اشتهر المدينة بهيكل الشمس الذي فيها (بيت شمس" في ار43: 13 واسمها اليوناني "هليوبوليس" اي مدينة الشمس.
في فيبست كانت تعبد "اوباستيت" الهة لها راس قط.
ع20-26 منشأها في هزيمة فرعون ويكنى عنه بكسر ذراعه وما يعقبه من اضعاف قوته. الامر الذي يعقبه بهزيمة اخرى تطيح العاهل المصري اطاحة كاملة.
فرعون الارزة الجبارة:
يقع المثل في 3 اقسام. تهشيم الشجرة – رد فعل الامم –
يماثل ذلك (اش14:14-20). اما ذكر "الغمر" و "جنة الله" فيشير الى احتمالية وجود خلفية مماثلة لخلفية ص28.
"هم ايضا نزلوا الى الهاوية" ربما كان ينبغي اعتبار هذه العبارة من قبيل صيغة اتمام النبوة "هم ايضا سينزلون الى الهاوية"(17). فسيلحق فرعون في الهاوية "الغلف" و "المقتولين"ولما كان المصريون يولون الختان والدفن اجل الاهتمام فان في ذلك أحط دركات الاحتقار.
مرثاة على فرعون ومصر:
الافكار في كلتا القصيدتين تنتقل من الحاكم الى المحكوم على نحو يكاد لا يحس.
تنقسم القصيدة الاولى قسمين: وصف مصير فرعون – تخريب مصر. تاريخها يعود الى ما بعد سقوط اورشليم ب 8 اشهر.
ثم يتحول النبي من دينونة الملك (11و12 ب) الى دينونة الامة (12 ب – 15). فيصور مصر في اعقاب خرابها.
ع14 علامة على الخراب والوحشة. ع17 يحتمل انه الشهر عينه المذكور في ع1، وقد جاء كلام الرب بعد 14 يوما. على مصر ان تفعل ذلك عند امر النبي (19 و20). في ذلك المكان يجد المصريون جيوش الامم العظيمة السالفة – اشور وعيلام وماشك وتوبل (22-27) جنبا الى جنب مع جيوش الامم التي تعاديهم. من الواضح انه سيبادون جميعا. حيث يجد فرعون العزاء ان امبراطوريته ليست الوحيدة التي هوت الى القبر.

الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

في طريق الحياة

سألت ابي الراهب: اني اشعر اني اضعت سنوات عمري الماضية، لذا اشعر بحزن فظيع؟
اجابني: لماذا تقول هذا الكلام؟ لا شئ ضائع، فالله يعطينا الخيرات وهو قادر ان يملأ قلوبنا سرورا.

سألت ابي الراهب: كيف اعرف ارادة الله؟
اجابني: الطريق المفتوح، هو طريق الله، فاسلك فيه وﻻ تقلق. 
قلت: حقا قال المسيح "انا افتح وﻻ احد يغلق..".

حدثنا سيدنا انبا صرابامون عن بعض ذكرياته مع قداسة المتنيح البابا شنودة، فقال: خطر لي خاطر ان اقول لقداسة البابا ان يأتي الى قلايتي في دير اﻻنبا بيشوي. وكان الخاطر او الفكرة مصحوبة بسلام قلبي عجيب، لذا عرفت ان مصدرها الله وليس الشيطان، ﻻن الشيطان ﻻ يمنح سلاما، المسيح وحده ملك السلام. ووافق البابا فورا ولم يمانع.. وبعدها بدقائق صدر قرار التحفظ على قداسة البابا في الدير.

معنى دير:
كلمة دير  مشتقة من دائرة وهذا جاء ﻻنه قديما كان كل اب يلتف بعض الناس حوله طالبين التلمذة على يديه، وكنت ترى قلالي الرهبان ملتفة حوله في نطاق دائرة ومن نشأت اﻻديرة. فاﻻديرة قائمة على التلمذة ﻻب مشهود له.

الحكمة والذكاء:
كل حكيم هو ذكي ولكن ليس كل ذكي يعد حكيما.
الحكمة ترتبط بالحياة في مجملها لذلك تعتبر كافية للخلاص. ولكن الذكاء جانب عقلي لذلك فهو غير كاف.

هل الحكمة للجميع؟
نعم. يعلمنا الكتاب ان الحكمة تسعى لجميع الناس بمن فيهم الجهال وبسطاء الفكر "الحكمة تنادي في الخارج. في الشوارع تعطي صوتها. تدعو في رؤوس الاسواق في مداخل الابواب. في المدينة تبدي كلامها. قائلة الى متى ايها الجهال تحبون الجهل والمستهزئون يسرون بالاستهزاء والحمقى يبغضون العلم"(ام1: 20-22). 
"وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة.لا يعبر فيها نجس بل هي لهم.من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل"(اش35: 8).

كيف ننال الحكمة؟
تبدو الحكمة كشخص وليس كصفة في الكتاب المقدس. فاﻻبن هو اقنوم الحكمة، كما ان الروح القدس هو روح الحكمة. يقول الكتاب عن المسيح "المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم". ويقول عن الروح "ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب"(اش11: 2). لذلك فالسبيل الوحيد ﻻقتناء الحكمة هي اﻻلتصاق بالرب وبشريعته، فبدء الحكمة وجوهرها هو مخافة الرب (ام1: 7 و 9: 10).  

الذكاءات المتعددة:

ترفض نظرية الذكاءات المتعددة الاختبارات التقليدية للذكاء، لأنها لا تنصف ذكاء الشخصن فهي تركز على جوانب معينة فقط من الذكاء . و في هذا الإطار يقول جاردنر : ” إن الوقت قد حان للتخلص من المفهوم الكلي للذكاء، ذلك المفهوم الذي يقيسه المعامل العقلي، والتفرغ للاهتمام بشكل طبيعي للكيفية التي تنمي بها الشعوب الكفاءات الضرورية لنمط عيشها".

الأحد، 6 أكتوبر 2019

حزقيال: ص12-18

نبوات على اورشليم
تصوير السبي الوشيك:
يصور السبي باهبة الجلاء . وفي قوله "تغطي وجهك ليرى" اشارة الى صدقيا وهو يهرب ونهايته. وفي السبعينية تجدها مبنية للمجهول اي تنكرا. ولكن فيه ايضا اشارة الى ما فعله البابليون به (2مل25: 5-7).
الانبياء والشعب:
مجموعة من 5 خطابات تتعلق بالتمييز بين النبوة الزائفة والحقيقية وموقف الشعب من كليهما.
توبيخ المتشككين:
يزودنا ع21- 25 وكذلك 26- 28 بسببين لعدم الايمان: اولهما، "قد طالت الايام وخابت كل رؤيا". قارن مع 2بط3: 4. وربما عنصر التاخير قد زاد اذ انه بدا مع ارميا الذي تنبأ في سن ال30 ان العقاب آت وبدا ان الأحداث لم تثبت صدقه. وجواب الرب "قد اقتربت الايام وكلام كل رؤيا".
السبب الثاني: الاعتراض الذي صدر من اولئك الذين صدقوا النبوة، ولكنهم اعتبروا انها تنطبق على أزمنة بعيدة وبالجواب عينه يرد عليهم "لا يطول بعد شئ من كلامي".
التنديد بالانبياء الكذبة:
الطفال يترجم الى المبيض، ذلك ان الانبياء الزائفين يبيضون الجدران غير الامنة المضروبةحول الدولة بدلا من تقويتها. فعندما يزلزل الله الجدران تسقط ويدفنون تحت ركامها.
اما النبيات الكذابات فكن يخطن عصائب (أحجبة وليست وسائد) توضع على معاصم اليد (18). اما اغطية الرؤوس (المخدات) فكانت تستعمل لغرض مماثل وهو حل المسحور..
"تنجسنني عند شعبي.." لانهن كن يستخدمن اسم الرب بالباطل اذ يعزّمن باسم يهوة. الشعير ولخبز كانا يستخدما لاستطلاع المستقبل.
السائلون العابدون الاصنام:
يبدو ان هؤلاء ظنوا انه يجوز ان يسجدوا لاي اله بالاضافة الى الههم (3 و4). لم يشا الرب ان يجيب عن طريق وسيط بل ستكون افعالا عقابية.
الاساس المبدئي للعقاب:
ترسي الاعداد 12- 20 مبدا عام: وهو ان صلاح فئة لا يمكن ان ينجي شعب شرير. وبغية توضيح هذا يقدم 3 امثلة بارزة في مجال البر: نوح خلص اسرته. دانيال خلص رفاقه وايوب خلص اصحابه.
قارن توكيد ارميا المماثل لعدم جدوى التشفع لاجل اورشليم ولو من قبل موسى وصموئيل (ار7: 16 و15: 1-4) بخصوص مبدا المسؤلية الفردية.
كرم للحريق:
يوحي هذا المثل ان البعض شبهوا انفسهم بالكرم بين الاشجار للدلالة على كونهم صفوة الامم.
الزوجة الفاسقة:
هذا الخطاب يتكون من 4 اقسام:
  1. نقل بتصرف لقصة شعبية كانت تدور على طفلة لقيطة صارت ملكة.
  2. "اختا اورشليم الفاجرتين"، سدوم والسامرة ، بارتان بالمقارنة معها.
  3. لن تصلح اورشليم الا بالاتحاد مع اختيها المدينتين المحتقرتين سابقا.
  4. اورشليم التائبة سوف تتلقى عهدا جديدا من عند الله.

وهنا تلفتنا الصراحة التي يوسّع بها هذا الرمز وهو امر لميكن يعتبر منافيا للحشمة من وجهة النظر الشرقي القديمة."اموري.. حثية" هذا النسب اخلاقي لا عرقي. غير ان أجداد اسرائيل الاراميين كانوا اقرباء الاموريين (الكنعانيين) وكانت لهم علاقة مصاهرة مع بعض الحثيين. هذه الطفلة لم تلقعناية سوية لكونها وثنية النسب.
"بسطت ذيلي عليك"(را3: 9) وربما يشار في هذه الكناية الى العهد في سيناء، فيما يمكن تطبيق الاعداد 9-14 على العهد المزدهر لسليمان . تمثل ع18-20 الافعال التي تمارس في اعياد الالهة الكنعانية. مع ان يوشيا قمع هذه الممارسة الشريرة الى حين (2مل23: 10). فمن المحتنمل انها تكون انبعثت من جديد ايام الحصار اليائسة. وفي ع26 اشارة الى الميل الدائم لدى اسرائيل الى التطلع الى مصر طلبا للعون. وبالمثل يشير ع28 الى الاعتماد على اشور. وع29 الى الاتكال على الكلدانيين اي البابليين.
خطيتها كانت ابشع من سابقاتها سدوم.. (47) وستجبر على الاعتراف بذلك (52). وليس من الضروري الافتراض ان افعال اورشليم كانت ابشع من سدوم ولكن لا شك ان الاحساس بشناعة ذنبها ازداد بامتيازها كخطيبة يهوة (عا3: 2).
اما الوعد برد السبي (53- 58) فهو معروض بصورة تجعله قليل التعزية لاورشليم. فلن يتاح لها الرجوع الا بمعية السامرة وسدوم اللتين تلقيان المواساة في الاعتراف الخجول الذي تقدمه جارتهما التي كانت في السابق متكبرة صاحبة ب ذاتي.
"اذكر عهدي" هذه بارقة الامل الوحيد في هذا الجو القاتم. (ار31: 31 و حز37: 26 و اش59: 21 و 61: 8).
النسر والكرمة:
"نسر عظيم" كما يظهر من اي39: 27-30 و مي1: 16 يرمز الى نبوخذ نصر. اما لبنان فهو ريف يهوذا الجبلي. "فرع الارز" هو يهوياكين. "مدينة التجار" استعارة لبابل. في حين يتحد الانبياء في استنكار لجوء اسرائيل الى صر طلبا للعون (اش30: 1-5 وار2: 32 مثلا) يثير غيظ حزقيال – ليس عدم الملاءمة السياسية – بل نقض صدقيا لعهد نبوخذ نصر (15-18). فمن ع19 يتضح ان صدقيا حلف باسم الرب اثباتا لعهده، وعليه، فنقضه اهانة للاسم المقدس (يش9: 15-20). وطلبا لمثال اخر على نقض صدقيا للعهد انظر ار34: 8-22.
بالحقيقة ان الاعداد 22-24 تكون مثلا اضافيا تطبق فيه – على نحو مختلف – استعارات العددين 3و4. فان الغصن المأخوذ من راس خراعبه (غصيناته الطرية) هو مسيا بيت داود الذي سيغرسه الرب على جبل صهيون.
المجازاة والمسؤلية:
ان التعليم الذي يتضمنه ص18 وخلاصته في ع20، يجب ان يوضع في سياق السفر بأكمله. فغرضه الرئيسي تبرير عدالة الله، وفي الذهن ازمة معينة. اذ عزا معاصرو حزقيال العقاب النازل بهم الى خطايا الجيل السابق لهم. وقد افضى عزل "مبدأ مسؤلية الفرد " من سياقه الى الاعتقاد بان حالة الانسان تعكس حكم الله عليه، بحيث تكون البلية نتيجة الخطية والازدهار ثمر البر. ان سفر ايوب موجّه ضد هذا التشويه لتعليم حزقيال، الا انه لا مبرر للقول انه كان يستهدف سفر حزقيال.
كان هذا المثل (2) شائعا في اورشليم (ار31: 29) ومنها وصل الى المسبيين في بابل. وفي ع4 يرد المبدا مختصرا. ثم يتناول حزقيل –ايضاحا له- حالة 3 اجيال : انسان بار (5-9) وابنه يسلك مسلكا شريرا (10-13)، ثم حفيده الذي يسلك بارا (14-17).

الخميس، 3 أكتوبر 2019

تفسير سفر حزقيال

مضمون السفر:

اختلف حزقيال عن ارميا اختلافا بينا – فارميا كان رقيقا هادئا تاقت نفسه الى السلام وحسب خطاياهم خطاياه. اما حزقيال فكان على نقيض ذلك واتخذ موقفه في عزلة عن شعبه، كأنه قاض يصدر احكامه اعقاب الجريمة. وكان هذا الموقف اثرا طبيعيا لما علم به، وهو ان كل انسان مسئول عن اعماله. واول اقواله جاءت في السنة الخامسة بعد سبي يهوياكين اي سنة 592 ق.م واخر اقواله 572 ق.م. اي بعد عشرين عاما.
ينقسم السفر الى 3 اقسام:
الاول: 1- 24 يندد بخطايا الشعب وينذر بالعقوبات المتوقعة.
الثاني ص 25 – 32 مجموعة من الاعلانات والرؤى عن الشعوب الاخرى.
ص 33- 48 يحفل بالرجاء في العودة من السبي.

  • في الصورة باعلى يشاهد حزقيال رجل يمسك عصا القياس ليقيس الهيكل والعابدين.

في الصورة اعلى يمسك حزقيال عصوين يمثلان المملكتين الشمالية والجنوبية.

تمثيل النبوات في سفر حزقيال


عدة مرات في سفر حزقيال ، دعى للقيام بعمل نبوي ورمزي. كان هناك غرضان رئيسيان لهذا اﻻمر. أولاً ، جذبت الطريقة الدرامية والغريبة لأفعاله اهتمام الناس وفضولهم.
ثانياً ، جعل الأداء النبوة أكثر واقعية وتأثيرا وتلامسا.

هناك عشر مرات بارزة في السفر  تروي تمثيل حزقيال لنبواته. 
  1. المرة الأولى هي في 3: 22-27 عندما ظل حزقيال صامتًا ، غير قادر على التحدث إلى الناس. 
  2. بعد ذلك ، في 4: 1-3 ، يقوم حزقيال برسم مدينة القدس على قرميد ويضع حصارًا عليها في النهاية. 
  3. ثم ، في 4: 4-8 ، يرقد حزقيال على جانبه الأيسر 390 يومًا وعلى جانبه الأيمن 40 يومًا ، ممثلاً كيف انحرفت إسرائيل ويهوذا عن الله.
  4. في 4: 9-17 حزقيال يطهو طعامه على روث الحيوانات. 
  5. في 5: 1-12 يحلق حزقيال رأسه ويتخلص من شعره بطرق مختلفة.
  6. ثم في 12: 1-12 حزم حزقيال حقائبه لرحلة طويلة "اهبة الجلاء" وحفر في الحائط. 
  7. في المرة القادمة في 21: 18-23 حيث يخلق حزقيال العديد من الطرق المختلفة و مفترق طرق للملك البابلي.
  8. ثم في 24: 15-24 ، توفيت زوجة حزقيال ولم يبكي موتها. 
  9. في 33: 21-22 حزقيال ينهي صمته. 
  10. أخيرًا ، في 37: 15-28 ، يجمع حزقيال عصوين معًا لتوحيد الأمة.

مقدمة في سفر حزقيال



كاتب السفر وتاريخ الكتابة:
هو النبي حزقيال احد المسبيين وكان السبي سنة 597 ق.م (1:1) واخبار السفر مرتنبة تاريخيا على نحو متدرج من السنة الخامسة من السبي اي 593 ق.م (1: 2) وصولا الى السنة الخامسة والعشرين حين كتبت الاصحاحات 40- 48 (40: 1 و 29: 17 وما بعده، تمت كتابتها في العام 27 للسبي وقد اضافها النبي في مواضعها لاحقا لغرض خاص – انظر التفسير).
بمعزل عن المنحى العام لنبوات حزقيال – اولا الدينونة (1-22) ثم التعزية (22-48) – نجده يدمج الوعد بالوعيد بحيث يثير شعورا بالخزي في لحظة اعطاء الوعد. انظر حز20: 42 وما بعده و20: 33-44 .
مضمون السفر:
بعد الرؤيا الافتتاحية (1-3) يركز حزقيال على فضح اثم شعبه. وهو لا يكل عن الكلام على شر الامة ودمارها الحتمي وذلك من خلال اعمال رمزية وامثال وخطب نارية وتسلسل منطقي في عرض الموضوع ومما يزيد الامر حدة انه فيما تلطف الكتابات النبوية الاخرى تهديداتها بالمواعيد يكاد عنصر التلطيف هذا يغيب في القسم الاول من السفر. (انظر مثلا20: 43و44) وبهذا يتشابه مع سفر الرؤيا.
اما القسم الثاني فهو يقتصر على النبوات الموجهة على الامم المجاورة لاسرائيل ، سواء كات الدويلات التي نهبت الشعب وقت الضيق او الامم الكبرى يومذاك. وهنا يحلق خيال حزقيال الشعري في اعلى اجوائه حتى نتحصل على بعض الصور الاكثر حيوية في نبوته ضد رئيسي صور ومصر. ومن المستغرب ان يصمت ازاء مصير بابل. لابد – كما يعتقد البعض – انها مرموز لها بجوج (ص38 و39). لكن يبدو ان كل ما في النص يناقض اعتبار جوج هي بابل. ولا يسع المرء تفادى الشعور ان حزقيال يعتبر نبوخذ نصر –كارميا- خادما ليهوة. غير انه ، بخلاف ارميا، لم يتلق وحيا بخصوص بابل.
ان نقطة التحول في خدمة حزقيال تمثلت في وصول رسول من اورشليم يعلن سقوط المدينة (33: 21). وفي مواجهة التشكيك الدائم من قبل الشعب في وعظه ومناداته، شكلت هذه الحادثة برهانا على التاييد الالهي لخدمته. ومنذئذ اندفع الناس افواجا الى الاستماع له (33: 30). وهكذا ركز على اعادة تاهيل الامة المشتتة وهذا موضوع ص33-37.
ولطالما كان مبعث حيرة دائمة ان يعود حزقيال بعد حديثه عن احياء الامة في العصر المسياني الى الحديث عن قيام الامم الاجنبية مرة اخرى على اسرائيل (38-39). على ان وراء هذا التعليم اسبابا وجيهة، ولسنا نرى اي داع لانكار ذلك (انظر الملاحظات التفسيرية في مقدمة هذين الاصحاحين).
اما خاتمة السفر (40-48) فهي نتاج نبي طالما تفكر بحنو في عبادة اسرائيل في عصر سعادتها الاتية. وهذا يحملنا على تذكر ان حزقيال كان كاهنا فلعبادة المثالية في هيكل نموذجي على ارض مطهرة من الرجس تليق بشعب تقي.
خصائص السفر:
ان حزقيال اشبه بجسر بين النبوة والرؤى الاخروية. وبفضل ممارسته للكهنوت كان من الطبيعي ان يهتم بالعبادة اكثر من التبشير. وبالتالي فان الروح التبشيرية التى تتجلى في الاصحاحات الاخيرة من اشعياء تكاد تغيب مطلقا عن كتابات حزقيال. تجاهله للامم الغير يهودية في توقعات ملكوت الله، ونبواته الاخروية حتى انها انتجت صورا كاريكاتورية لبعض ما علم به (ص18.
تقسيم السفر:
  1. خطية اسرائيل والعقاب الوشيك (1-24)
  2. نبوات على امم اجنبية (ص25-32)
  3. استرداد اسرائيل (33- 48)

حزقيال: اﻻصحاحات من 1-5




دعوة حزقيال (ص1-3)
رؤيا مجد الله (1: 1-28):
شرح الاحبار لوجوه الحيوانات غالبا ما يستشهد به مع ابداء استحسانه: "الانسان هو الارفع بين المخلوقات والنسر بين الطيور والثور بين البهائم الاليفة والاسد بين الوحوش”.
اتاحت البكرات للمركبة ان تسير في كل الاتجاهات وهنا تذكير لا غنى عنه للمسبيين. وبالنظر اليها من موقع حزقيال بحيت تدور احداها داخل الاخرى . وهذه المركبة فائقة الوصف.
دعوة النبي:
هذا اللقب "ابن ادم" المطبق على حزقيال يؤكد وضعه كمجرد مخلوق بشري امام جلال الله.
يؤمر النبي الا يشترك في تمرد امته باخفاء الرسائل التي سيعلنها له الله (8). لمس الله فم ارميا (ار1: 9) في حين اعطى حزقيال درجا (9) وهذا يوضح الفرق بين النبيين: فالاول يعلن حلول الله والاخر تعاليه. والكتابة على الدرج طمن داخل ومن قفاه" على خلاف السائد يدل على ملء المضمون. "مراث ونحيب وويل" وصف ملائم للقسم الاكبر من نبوة حزقيال.
على الرغم من طبيعة الرسالة فان طعمها في فم النبي كان "كالعسل حلاوة" لانه من الحلاوة ان يعمل المرء مشيئة الله او يؤتمن على رسالة. لاحظ الاختلاف مع اختبار صاحب رؤيا العهد الجديد (رؤ10: 10).
التشديد على المأمورية:
لا يرسل النبي الى امة اجنبية "شعب غامض اللغة وثقيل اللسان"(5) ولكن الى المسبيين .. وما ان تنطلق مركبة المجد ذاهبة حتى تبدو من النبي ردة فعل تتصف بالمرارة وحرارة الروح (14) غير انه مضطر الى مباشرة خدمته النبوية. فينتقل الى "تل ابيب" ومعناها بيت السنابل وهو مركز رئيسي لسكنى المسبيين. وتستغرق عودته من ذهول الرؤيا الى سابق حالته سبعة ايام"(15).
النبي رقيبا:
كانت مهمة الرقيب ان ينبه الشعب الى خطر داهم وكان على حزقيال ان ينبه شعبه الى الخطر الوشيك. انه مسؤل عنهم فردا فردا وكراع امين عليه ان ينذر كل انسان (17-20) لان الله سيتعامل معهم كشخصيات ادبية لا كمجموعات (19) وهذا المفهوم "ثوري" وهو يشكل معلما هاما في مجرى الاعلان.
الامر بالصمت:
يوصى الرب حزقيال ان يلزم بيته (24) ربما اتقاءا لعنف يتهدده (25) وسيحل به البكم (26) الا حينما يفتح الرب فمه للتفوه بالنبوة (27). فان كان هذا المشهد في موضعه، تكون خدمة حزقيال خدمة خاصة يتلقاها فقط الذين ياتون الى بيته (8: 1) وذلك حتى تبلغه اخبار سقوط اورشليم (33: 21). ويرى البعض ان هذا مستغرب بعد المهمة السابقة ، يقترحون ان هذه الفقرة في غير موضعها وتعود الى فترة لاحقة في خدمة حزقيال. فان صح هذا الراي فان العدد 27 يتعلق بمناسبة معينة فيها يجعل الله لنبي يقلع عن صمته (33: 21 و22). وهذه النقلة المقترحة ليست مستحيلة، خصوصا لان الفقرة السابقة تلقى استفاضة في 33: 1-20.
اربع نبوات يتم تمثيلها:
1- حصار اورشليم:
اللبنة المصنوعة من الطين يخط فيها الرسم بواسطة قلم، حتى اذا ما فرغ، وضعت في الفرن فتصبح آجرة. اما صاج الحديد فيصور التحصينات لمحاصري المدينة.
2- السبي:
يتكئ النبي على جنبه حاملا اثم اسرائيل اي عقوبة الاثم مدة تصور فترة السبي. في السبعينية تقرا 190 بدلا من 390 ومن المحتمل ان تكون هذه الارقام اصح. الفترة من سبي تغلث فلاسر 734 ق.م حتى سبي اورشليم 586 كانت 148 اي 150 سنة تقريبا فيما تكون 40 يوما المتبقية هي المدة بين 586 حتى 536 ، مدة سبي يهوذ في بابل.
3- المجاعة :
علينا ان نميز هنا فكرتين تتعلقان بالمجاعة المقتربة. قلة الطعام (9-11) والنجاسة التي ينطوي عليها الاكل في ارض اجنبية (12-15). كانت الوصية ان يأكل في اليوم بوزن 20 شاقل اي 275 جم (وهذا بالكاد يفي بالاحتياجات الغذائية او مجرد يسد الرمق وليس الشبع)، ويشرب سدس الهين = 3/4 لتر (بينما الطبيعي يشرب 2 لتر ماء في اليوم)
كان الغائط البشري بالنسبة لحزقيال الذي تربى كاهنا مقززا للنفس. ولذلك سمح له باستعمال "خثي البقر"(15) استجابة لصلاته (14). وهذا يعلمنا ان الله يعطي للانسان فرصة ان يحاججه بل انه يطلب منا ذلك. كانت جميع الاراضي خارج كنعان تعد نجسة لان الرب لا يعبد فيها (عا7: 17).
4- المذبحة:
كان حلق الراس رمزا للكارثة (اش7: 20 وار41: 5). وهذا العمل يمثل هنا مصير سكان اورشليم فلسوف يحرقون ويذبحون ويشتتون وسيطارد السيف الهاربين من المدينة (2 ج) ومن بين الناجين القلائل – وهم المصرورين في أذيال حزقيال – سيهلك البعض ايضا (4) بحيث تكون الخميرة (البقية) ضئيلة جدا. وبهذا يلتزم حزقيال التعليم بوجود بقية (6: 8-10 و9: 8 و11: 13). وهذا الى سقوط اورشليم حيث تصبح الدينونة هي الموضوع المهيمن.
تفسير الرموز:
ان الامم حول اسرائيل كانوا يسلكون بموجب ما كان لهم من نور، الا ان اسرائيل لم تفعل ذلك. بالعدد 10 قارن لا26: 29 وتث28: 53 حيث نبوتان تمتا بالفعل (مرا4: 10).
"الوباء والدم"(17) هما ضربة واحدة، وهكذا نجد هنا الضربات الاربع المذكورة في لا26 "الجوع والوحوش الرديئة والوباء والسيف" هذه الضربات تتكرر ثانية في 14: 21 وتظهر في رؤ6: 7و8.

حزقيال : اﻻصحاحات من 6-11


نبوة على جبال اسرائيل:
يستعمل النبي المجاز المرسل، لكون الجبال ابرز المعالم الطبيعية لاورشليم المكونة من سلسلة من الجبال المنحدرة على السهول لضيقة بمحاذة البحر الابيض المتوسط والاردن. اضف ان الجبال والاكام يربطها الانبياء عادة بالممارسات الوثنية (اش65: 7 وار3: 6 وهو4: 13). في حين ان الاودية كنت تستعمل لعبادة مولك (ار7: 31 و32). وبدا ان اصلاحات حزقيا ويوشيا كانت بغير جدوى (2مل18: 4 و23: 5).
"فتعلمون اني انا الرب" عبارة وردت 63 مرة وهي تميز حزقيال. "اه"(11) تترجم في السبعينية بلفظة تفيد الاستحسان ومعناها "مرحي- برافو" وكانما النبي يبتهج بالدينونة ألآتية. فهو معني بتزكية كرامة الرب اكثر منه بهلاك الخطاة.
ص7- النهاية :
في ص7 اربع خطابات نبوية قصيرة يتبعها عرض لموضوعها المشترك (14-27). وبما ان النهاية (2) منصوص عنها انها داهمة. والتاريخ المحدد في بداية السفر يسبق سقوط اورشليم بسبع سنين، فالارجح ان هذا الاصحاح كتب في وقت لاحق. والواقع ان التاريخ على راس كل قسم لا يشمل بالضرورة كل ما يعقبه حتى تحديد التاريخ التالي.
يوجه الكلام الى ارض اسرائيل وان كانت الآيات 5-7 و10 و12 فيما يبدو تعني يوم الرب بمفهومه العام. "شر وحيد"(5) اي نهائي.
يبدو ان الشراء والبيع في ع12 و13 يتناولان الاملاك حيث يكون البائع مكرها او مضطرا لبيع بثمن بخس. فقول النبي انه لا يجب على الواحد ان يفرح والاخر يحزن لان كليهما سيبتليان.
الذهب نجاسة لانه يكرس للاصنام والتي سوف يدفعها الرب للغزاة (21). "اصنع السلسلة" عمل رمزي. ع26 يقس الشعب دينيا الى انبياء وكهنة وشيوخ للمشورة الدينية. والعدد التالي فيه تقسيم من الناجية الاجتماعية الملك والرئيس (رؤساء) والعامة.
خطية اورشليم وعقابها (ص8-24):
عبدة الاصنام داخل الهيكل:
"تمثال الغيرة" هو نصب يثير غيرة او سخ الرب . وان منسى قد نصب مثل هذه الصورة وازالها فيما بعد (2اي33: 7 و15). فربما كان هو الصنم ذاه وقد اعيد الى مكانه. "مخادع تصاويره" قراءة السبعينية "مخدعهم السري"(اش29: 15 وحز9:9).
"تموز" اله الخصب عند البابليين.
"وهم ساجدون للشمس"(16). كان الكنعانيون يمارسون عبادة الشمس ولكن هذه العبادة اعيد ادخالها مؤخرا من بلاد اشور (2مل23: 5 و11 وار8: 2).
"بين الرواق والمذبح" هو الموضع حيث درج الكهنة على رفع الصلوات فيه (يؤ2: 17). صلوا "ظهورهم نحو هيكل الرب" (2اي29: 6).
ص10:
عقاب اورشليم:
"قرّب" او ليقترب "وكلاء المدينة" اي منفذي افتقاد المدينة. عدد الرجال سبعة بما فيهم حامل "دواة الكاتب يشير الى الملائكة السبعة (رؤ8: 2و6).
"ابتدئوا من مقدسي" قارن "القضاء يبدأ من بيت الربط..
احتراق اورشليم:
ها هو العرش خال (1) قاارن مع حز9: 3 والكروبيم ينتظرون ركوب الرب ورحيله.
"الرجل اللابس الكتان" هو مهلك المدينة . الملائكة السبعة هم الان خدام الانتقام الالهي كما في رؤ8: 1-11: 15. ثم لا يقال شئ عن خراب المدينة ، ما خلا القول ان الملاك المكلف اخذ نارا "من بين الكروبيم"(6 – قارن اش6: 6) وكانت الرؤيا منبئة بالنيران التي دمرت المدينة سنة 586 ق.م (2مل25: 9). ولكن الاهم من الانباء بالخراب هو اعلان هوية المهلك، اي الله بالذات. وما الغرض من التكرار في الاعداد 9-22 الا التشديد على هذه الحقيقة عينها، لان وصف مجد الله والملائكة قد سبق ان قدم في ص1. وقد ظن الناس ان الله ملتزم بمقدسه ومدينته التزاما لا يقبل الفصل، لكنه يوشك الان ان يدمرهما معا ويهجر اطلالهما. ع11 يتحدث في جزئه الاول عن البكرات فيما يبدو ان الجزء الثاني يتحدث عن الكروبيم. وتصبح القراءة واضحة لو وضع ع13 بعد ع6. ويقصد ان يكون الوجه الاول في ع14 "وجه ثور" لا وجه كروب. وع15 يقطع مجرى السياق ويشكل استباقا للعددين 19 و20.
رحل الرب عن الهيكل اما رحيله عن المدينة كلها فتجده في حز11: 22و23.
عقاب المتامرين:
"هي القدر" يثبت هذا القول انحراف تفكير هؤلاء الرجال. فاسوار المدينة تحميهم مثلما تحمي القدر اللحم من النار. "الم تبن بيوت من وقت قريب؟"(3) ربما تعكس تهلل الرؤساء لكونهم نجحوا في ازالة اثار غزو السنة 597 وما يضمرونه من اعتقاد بانه لا داع للقلق الان. اما هؤلاء المتآمرين فسوف يساقون الى خارج المدينة ويعدمون على حدود البلد (10) انظر اتمام ذلك في 2مل25: 18-21.

الوعد بالخلاص:
"ابتعدوا عن الرب"(11: 15) ان هذا التهكم الصادر من القلة الباقية في اورشليم يعكس الفكرة بان قدرة الرب مقصورة على ارضه.
ثم ينتقل مجد الرب كليا من المدينةوفي اعتقاد البعض ان مرحلتي الرؤيا (11: 1-21) حدثتا في زمن لاحق لاحداث باقي الاصحاحات 8-11، ووضعتا هنا لتعلقهما بالامور التي جرت في الهيكل.
يبدو مستغربا ان تأتي الرؤيا بعد اهلاك الشعب في صواحتراق المدينة في ص10. كذلك من شان الوعد بالخلاص ان يأتي قبيل خراب المدينة.