الثلاثاء، 30 يوليو 2019

معجزة اسكات عاصفة البحر

بقلم يوسف رياض
النائم الذي لا ينام

(مت8: 23-27)
بعد ان علم الرب الجموع كثيرا امر تلاميذه ان يذهبوا الى جانب البحيرة الشرقي، والمسافة تقدر بنحو 6 اميال، اي تستغرق ساعتين بالسفينة
ونتيجة للمجهود الذي بذله نام يسوع .. وكان الشيكان قد استغل الفرصة بما انه "رئيس سلطان الهواء" فاهاج البحر.
اعتقد التلاميذ في البداية انهم بمهارتهم يواجهون العاصفة دون ان يقلقوا معلمه لكن "كل حكمتهم ابتلعت"(مر107: 27) فهرعوا اليه مستغيثين واختلطت كلماتهم .. قال بعضهم "اننا نهلك" وقال اخرون "نجنا" وقال فريق ثالث "اما يهمك اننا نهلك؟".
قام الرب وانتهر الريح والبحر. فصار هدوء عظيم. ثم وبخ التلاميذ على عدم ايمانهم.
من يستطيع ان لنا خوف التلاميذ وهم وسط صخب الامواج؟ لعل كلمات المزمور تصور بدقة حالتهم "يصعدون الى السموات، يهبطون الى الاعماق، ذابت انفسهم بالشقاء. يترنحون مثل السكران"(مز107: 26 و27).
وكم يكون اختبارنا في اوقات كثيرة مشابها اذ تعصف بنا التجارب وتلعب بنا كريشة في مهب الريح. الا يكفيهم وجود المسيح معهم ؟ لماذا لم يتذكروا قول المرنم "لولا ان الرب كان معنا.."(مز124: 1-5). ولماذا لم يذكروا وعده "لا تف لاني فديتك .. اذا سرت في المياه فانا معك والانهار لا تغمرك"(اش43: 1-4).
اذا خضت في لج المياه العميق فلا تقدرن عليك اللجج
انا لك في الضيق نعم الرفيق وضيقك ابدل بالفرج
كان الرب مالانسام الكامل نائما ويا له من مثال نحتذيه. فلا شئ يصور سلام النفس اكثر من النوم. "لبنيامين قال: حبيب الرب يسكن لديه امنا. يستره طول النهار"(تث33: 12).
"الساكن في ستر العلي. في ظل القدير يبيت"(مز91: 1)
لقد كان يونان نائما في موقف مشابه. لكن فرق بين نوم ونوم.
كان يونان نائما في لا مبالاة اما المسيح فكان نائما نوم الابار وقد سلم نفسه بين يدي ابيه ولسان حاله "بسلامة اضطجع بل ايضا انام، لانك انت يا رب منفردا في طكاتينة تسكنني"(مز4: 8).
ان اولئك العاملين عملا في المياه الكثيرة الذين فرغت حيلتهم وابتلعت حكمتهم لم يعد امامهم سوى طريق واحد "ان يصرخوا الى الرب في ضيقتهم. وفي شدائدهم ينجبهم. يهدئ العاصفة فتسكن وتسكن امواجها"(مز107: 28، 29).
يصرخون الى الرب" – فذاك الذي كان نائما في سلام عجيب، هو الذي يجمع كند امواج اليم، ويجعل اللجج في اهراء (كز33: 7). انه لم يكن محتاجا الى عصا كموسىاو رداء كاليشع. بل كلمة واحدة منه كانت كافية "هو قال فكان. امر فصار".
لكن هل نرى في هذه المعجزة قدرته وسلطانه فقط؟ الا نرى فيها ايضا حبه وحنانه؟ قال احد المفسرين هذا المنظر يشبه ام تحمل ابنها الرضيع على صدرها وهي نائمة وسط الرعود والبروق او وسط صريف عجلات القطار او وسط اي صوت من الاصوات الكزعجة، وهي لا تسمع شيئا بل تنام ملء العين. لك اصغر تنهيدة من طفلها تجعلها تستيقظ على التو. انها نائمة وقلبها مستيقظ مع وليدها وحبيبها.. وهكذا هنا لم تستطع الزوبعة ان توقظ الرب ولكن بمجرد ان صرخ التلاميذ فانه قام. انه "يسمع صراخ خائفيه" .
"قام وانتهر" انه لم ينتهر التلاميذ بل البحر ثم وبخ التلاميذ لا لانهم اقلقوه بل لانهم هم انفسهم قلقوا وخافوا.
في ضعف ايمانهم قالوا "اما يهمك اننا نهلك؟" .. واذا كان هذا صحيحا فلم اتى من السماء؟ وما الذي اوصله الى مزود بيت لحم؟ ثم جعله يسير في عالم ملئ من الاتعاب حتى وصل الى تلك البحيرة الهائجة؟ وما الذي جعله بعد ذلك يسير الى الجلجثة وهناك واجه بمفرده رياحا اعتى وامواجا اشد، عمدما نادى غمر غمرا، وكلها على راسه الكريم انصبت؟!
لكن هناك هزم الشيطان "رئيس سلطان الهواء". واسكت هذه المرة كل غمار الدينونة ، وبعد ان نام في القبر قام من الاموات ومعه كلمات السلام لتلاميذه الخائفين (اف2: 17).
وكما فعل هنا، كذل فعل عشية القيامة "وبخ عدم ايمانهم".
ما دمت تحفظ الحياة لا نرهب الهلاك
في الضيق او حين النجاة نكون في حماك
ولخص مرقس هذه المعجزة في 3 كلمات:
عن التجربة يقول "حدث نوء ريح عظيم"
وعن تدخل الرب يقول "صار هدوء عظيم"
وعن نتيجة المعجزة "خاوا خوفا عظيما".