الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

الثلاثة فتية في اتون النار


فى معسكرات الاعتقال الشيوعية ، قبض على جمع من الشباب ، وكانوا عشرين على ما أتذكر ، ودخل الضابط الشيوعى ، وعدهم قائلا أنتم عشرون وقال شاب : لا ، بل نحن واحد وعشرون ، وعد الضابط مرة أخرى ، ... وقال : أنتم عشرون . ورد عليه نفس الشاب : بل واحد وعشرون ، وإذ أعاد العد ، قال : ومن هو الواحد والعشرون !! فأجاب الشاب : إنه الرب يسوع المسيح !! .. وإذا كان المسيح معنا فى كل وقت ، فإنه أدنى إلينا وألصق بنا ونحن فى الأتون ، ... ومن اللازم أن نشير إلى أن الثلاثة الفتية كانوا يؤمنون بالنصر ، سواء عاشوا أو ماتوا !! .. فإذا عاشوا فهم شهود قدرته ، وإذا ماتوا فهم أوفياء لمحبته ، ومن المثير أن نبوخذ نصر قذف بهم موثقين ، فإذ به يراهم محلولين يتمشون فى وسط الزتون ، وما بهم ضرر ومعهم رابع شبيه بابن الآلهة ، ... لقد أخطأ الرجل أعمق الخطأ ، سواء فى فهم قيودهم ، أو فى فك هذه القيود ، ... لقد ظن أن يقيدهم بحبال البشر وما درى أن قيدهم الحقيقى هو حب اللّه، الذى يعيشون من أجله ، ويموتون فى سبيله ، ... ولقد ظن أن النار ستأتى عليهم وعلى قيودهم معاً ، وما عرف أو أدرك أنهم أحرار ، يتمتعون بأكمل صور الحرية رغم قيودهم ، أحرار فى ذلك الذى حل قيودهم وفكها ، وسار معهم داخل الأتون الملتهب ، دون أن ينالهم أدنى ضرر ، إذ هو القائل : « فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً » " يو 8 : 36 " ..

ولا حاجة إلى القول إن القصة تتكرر فى كل عصور التاريخ بهذه الصورة أو تلك ، من أتون التجارب ونيران الاضطهاد والمصاعب ، ولكن ابن اللّه يظل هناك على الدوام ، لا يتغير ولا يتبدل ، مهما كانت النتائج التى تتمخض عنها الأحداث ، وقد اشتعلت النيران طوال ثلاثة قرون فى مطلع التاريخ المسيحى ، وحمى الأتون سبعة أضعاف ، ... ولكن المسيحية خرجت من قلبه ، وجوليان الإمبراطورى يصيح : لقد غلبت أيها الجليلى !! ... إن الدرس العظيم الذى يعطيه الثلاثة الفتية للعالم ، إلى جانب الولاء المطلق للسيد ، هو اليقين الذى لا يتزعزع فى جوده وحبه ، ... وفى وجوده على صورة خارقة عجيبة تفوق الإدراك والوصف ، وتحير العقول وتذهلها كما تحير نبوخذ نصر وتعجب هو والمرازبة والشحن والولاة ومشيرو الملك وهم يرون « هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على أجسادهم ، وشعرة من روؤسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأت عليهم " دا 3 : 27 " !! ..

فهل لنا مثل هذا الإيمان ، مهما تغيرت أو تلونت ظروف الحياة ... ومهما أحاطت بنا الصعاب والمتاعب ؟!!