اتى الوكيل خبر بأن سيده ينوي عزله من الوكالة بسبب تبذيره، وَزَن الوكيل الأمور بسرعة في ذهنه. فأدرك حاجته إلى تأمين مستقبله. لكنه كان قد كبر في السن بشكل يمنعه من القيام بأعمال مضنية جسديًّا "لست استطيع ان انقب". كما أن كبرياءه لم تسمح له بالاستعطاء (مع أنّها سمحت له بالسرقة). فكيف عساه أن يدبّر أمر ضمانه الاجتماعي؟ فتبادرت إلى ذهنه خطة تخوّله كسب أصدقاء يحسنون إليه عند الحاجة. وجاءت هذه الخطة على الشكل التالي: دعا أحد زبائن سيّده وسأله كم كان عليه لسيّده. وعندما قال له الزبون: مئة بث زيت، دعاه إلى دفع ثمن خمسين فقط وأعفاه من الباقي.
كان الوكيل يبذر المال قبلا، اي يصرفهُ على نفسهِ، وأما الآن فاستغنم فرصة ليصرف جانبًا منهُ على الآخرين بتخفيض المبالغ التي كانت على مديوني سيدهِ.
ليس المقصد هنا أن يوضح حكم الوحي في عملهِ هذا أهو جائز لهُ أم لا؟ بل الحكمة العالميَّة فقط إذ نرة الوكيل وقد انتبه لسوء حالتهِ وكفَّ عن أن يصرف المال الباقي تحت يدهِ على نفسهِ وصنع رحمة لآخرين لكي يكون خير لهُ في المستقبل. لا شك بأن ما فعله كان نوعًا من الظلم بحيث لم يكن لهُ حق أن يغير الدفاتر لأن المال ليس لهُ، ولكنهُ بعد انتباههِ ترك التمتع بشهواتهِ في الوقت الحاضر وابتدأ يفتكر في حالتهِ المستقبلة. علينا نحن ايضا ان نتدبر امر مستقبلنا الابدي.
لم يقصد الرب ان يمدح الوكيل في تصرفه ولكنه فقط اثار انتباهنا الى الاهتمام بمستقبلنا لبس الزمني فحسب بل الابدي وهو الاهم. تماما مثلما وصف الرب بانه الأسد، ليس في سائر صفاته او طبيعته الوحشية بل قوته.
يحضرني موقف ، اثنان تخاصما على المال، وبسبب عنادهما وكبريائهما خسرا الاثنان ثروتهما في رفع الدعاوى مع انهما كان يمكن بقليل من المرونة والتنازلات ان يربحا على السواء.
يوصف المال ايضا بانه مال الظلم، بمقارنة هذا المال بالغني الحقيقي. على ان كلمة الظلم ليست هي نفسها الباطل، فيكون المعني هو المال الذي اعطاه الله لنا لنعطيه للفقراء، هو نصيب الفقراء فيما لنا من الخير. وبالتالي نظلمهم اذا لم نرجعه اليهم.