الخميس، 3 يناير 2019

التجلي


يسوع يتجلى فوق الجبل
(مت17: 1-9)
يشعر يسوع جيدا ان كلامه عن الصليب لا يستوعبه تلاميذه بسهولة. فالجو المعنوي يثقل في جماعته الصغيرة – قد يحسن اذن ان يرفع من روحها المعنوية. ان يظهر لها ان الله ذاته يصدّق على قول يسوع، ويؤكد ان رسالة يسوع هي حقا التي وصفها وعرضها عليهم.
وعليه اختار يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا. وفي المساء، بينكا كانت القافلة قد حطت في سفح التل لتخيّم، دعا الثلاثة الى رفقته صعودا الى القمة.
واذ خلال الليل استيقظ المحظوظون ووجدوا انفسهم محاطين بسحابة نيّرة. تجلى يسوع امامهم. فظهرت ثيابه متلالئة ناصعة البياض ساطعة كالنور.. هكذا تحقق حلم البشرية القديم الذي عبّرت عنه كل خيالات الشعراء.. والاخصاء الثلاثة اضحوا شهودا لاعلان باهر عن شخصية يسوع والعالم الاتي. وتراءت هنا بالقرب من يسوع شخصيتان بارزتان من العهد القديم: موسى وايليا. كان الاثنان قد حظيا بلقاء مع الله على جبل سيناء.. وان كنا هنا، فليتحدثا مع يسوع عن الميتة التي سيلقاها في اورشليم.. حتى يقنعا الاخصاء الثلاثة.
كنا نود ان نعرف تفاصيل اكثر عن هذه الرؤية. لكن، كيف يكون تعبيرنا للكلام عن التجلي؟ .. الكلام عاجز والكقارنات باهتة الى حد الياس. وهي تماثل موقفنا عندما نريد ان نعبّر لمن ولدوا عكيانا عن جمال العالم الذي نعيش فيه.
في التجلي فهم التلاميذ ان يسوع هو حقا المرسل من الله، واكثر من ذلك، اوحى اليهم كما اوحى الى يوحنا المعمدان عندما كان يعمّد يسوع في الاردن، ان الله حاضر في يسوع، ومثل المعمدان سمعوا هذا الاعلان:
"هذا هو ابني الحبيب، وهو منبع كل سروري.. فله اسمعوا!".
انتهى التجلي وتلاشت الرؤيا. وانكفا الثلاثة بوجوههم الى الارض.. واجالوا الطرف في ما حولهم، فلم يروا الا يسوع وحده .. في هيئته المعتادة.
ان "التجلي" مثلما عاشه التلاميذ الثلاثة، هو نوع من الاختبارات السرية، ونموذج لاوقات الاستنارات التي يخص الله بها بعض الذين يبحثون عنه.. لابد لتلميذ المسيح ان يصص لنفسه اوقاتا للتامل والصلاة التي تنير تفاهة الحياة اليومية. وتشدده في مواجهة الصعوبات اليومية.