شكاوى ايوب
(شكاوى ضميرها هو)
كيف يتكلم ايوب عن الله عندما يشكوه امام زائريه؟ فلنحاول ان نوضح بتحليل وجيز، علما بأن شكوى ايوب موزعة بشئ من الترتيب في حلقات الحوار الثلاث مع اصحابه.
سهام القدير (ص6 و 4):
هذه الاستعارة واردة في تقليد قديم: يشعر ايوب ان فعل الموت الذي بدأ يدب فيه سيواصل بلا رحمة بفعل سم السهام.
الحوار المستحيل (ص9):
يرد ايوب على ثقة بلدد باعتراض رئيسي: كيف لانسان ان يكون بارا امام الله؟ الحوار مع الله مستحيل في نظر ايوب لثلاثة اسباب:
ان الله لا يصغي لا من قريب ولا من بعيد "لَوْ دَعَوْتُ فَاسْتَجَابَ لِي، لَمَا آمَنْتُ بِأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتِي"(ع16). ولن يجيب عن دعوى "لأَنِّي وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أُجَاوِبُ، بَلْ أَسْتَرْحِمُ دَيَّانِي. لَوْ دَعَوْتُ فَاسْتَجَابَ لِي، لَمَا آمَنْتُ بِأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتِي. ذَاكَ الَّذِي يَسْحَقُنِي بِالْعَاصِفَةِ، وَيُكْثِرُ جُرُوحِي بِلاَ سَبَبٍ. لاَ يَدَعُنِي آخُذُ نَفَسِي، وَلكِنْ يُشْبِعُنِي مَرَائِرَ. إِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْقَوِيِّ، يَقُولُ: هأَنَذَا. وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ يَقُولُ: مَنْ يُحَاكِمُنِي؟"(ع15-19).
الله له طريقته وهي نقيض الحوار. انه "لا يرد غضبه "اللهُ لاَ يَرُدُّ غَضَبَهُ. يَنْحَنِي تَحْتَهُ أَعْوَانُ رَهَبَ"(ع13)، و"يسحق من اجل شعرة ويثخن جراحا بغير علة"(ع17). لا يبالي بيأس الابرياء "هِيَ وَاحِدَةٌ. لِذلِكَ قُلْتُ: إِنَّ الْكَامِلَ وَالشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا. إِذَا قَتَلَ السَّوْطُ بَغْتَةً، يَسْتَهْزِئُ بِتَجْرِبَةِ الأَبْرِيَاءِ. الأَرْضُ مُسَلَّمَةٌ لِيَدِ الشِّرِّيرِ. يُغَشِّي وُجُوهَ قُضَاتِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ، فَإِذًا مَنْ؟.."(ع22 وما بعده).
ليس الله انسانا، وما من احد يستطيع ان يخاصمه او يحاجه "إِنْ شَاءَ أَنْ يُحَاجَّهُ، لاَ يُجِيبُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ"(ع3)، وما من اجراء ممكن لانه ليس لاحد ان يدّعي على الله "لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانًا مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ، فَنَأْتِي جَمِيعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ"(ع32). واستحالة الحوار يعود خصوصا الى فقدان وسيط: "لو كان بيننا حكم يجعل يده على كلينا!"(ع33). استعمل المترجم اليوناني كلمة "وسيط" وهي المرة الوحيدة في الترجمة السبعينية، وهي الكلمة نفسها التي استخدمها العهد الجديد في الكلام عن المسيح (اتي2: 5، عب8: 6 ، 9: 15، 12: 24).
محامو الله (13: 3-19):
عزم ايوب على ان يعرض على الله جميع مظالمه، فقال انه مستعد لان يراهن بحياته في حديث يدور بينه وبين الله.
الله وفريسته (16: 7-17):
ان شكوى ايوب على الله تبلغ هنا ذروتها. هناك 4 استعارات تتوالى وهي تنسب كلها الى الله، من غير ان تسميه ابدا، هوس التخريب.
في هذا الحال الذي لا يطاق يظهر الله تارة مثل وحش يمزق "9غَضَبُهُ افْتَرَسَنِي وَاضْطَهَدَنِي. حَرَقَ عَلَيَّ أَسْنَانَهُ. عَدُوِّي يُحَدِّدُ عَيْنَيْهِ عَلَيَّ"(ع9)، ويحطم الرأس "كنْتُ مُسْتَرِيحًا فَزَعْزَعَنِي، وَأَمْسَكَ بِقَفَايَ فَحَطَّمَنِي"(12)، ومثل رام بالسهام "نَصَبَنِي لَهُ غَرَضًا. أَحَاطَتْ بِي رُمَاتُهُ. شَقَّ كُلْيَتَيَّ وَلَمْ يُشْفِقْ. سَفَكَ مَرَارَتِي عَلَى الأَرْضِ"(ع12 و 13)، ومثل محارب يهجم "يَقْتَحِمُنِي اقْتِحَامًا عَلَى اقْتِحَامٍ. يَعْدُو عَلَيَّ كَجَبَّارٍ"(14).
ان ايوب يمرغ جبهته في التراب مثل ثور جرح جرحا قاتلا، وهو يشعر الان ان اليأس مزق كيانه للابد، وكأن لبس الحداد لفف على جلده.
الله يستأصل الرجاء (19: 6-12):
شوّه الله حق البار "فَاعْلَمُوا إِذًا أَنَّ اللهَ قَدْ عَوَّجَنِي"(6) ونبذه نبذا نهائيا. ايوب مأخوذ في شبكة الله "وَلَفَّ عَلَيَّ أُحْبُولَتَهُ"(6). والسكوت يزداد كثافة حوله "هَا إِنِّي أَصْرُخُ ظُلْمًا فَلاَ أُسْتَجَابُ. أَدْعُو وَلَيْسَ حُكْمٌ"(7). انه محوط به من كل جهة، بنوع من القفر تضيع فيه صيحاته. ومع ذلك فايوب يحزر ان الله خفي، يعمل بيده في الحصار "ويسد عليه الطريق" بدأب يدعو الى القلق "قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ، وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَمًا"(8). يتخلى ايوب عن كل انتظار للسعادة، اذ ان الله يستأصل رجاءه مثل استئصال الشجرة "هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ، وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي"(10) فلا يبقى سوى ان يتأمل خرابه "أَزَالَ عَنِّي كَرَامَتِي وَنَزَعَ تَاجَ رَأْسِي. هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ، وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي"(9-10). في هذه المسيرة نحو العدم لا يرى ايوب الا سببا واحدا: عداء الله الذي لا مبرر له. ولا يبقى سوى ان يستعطي من اصدقائه الشفقة التي يضن بها الله عليه "تَرَاءَفُوا، تَرَاءَفُوا أَنْتُمْ عَلَيَّ يَا أَصْحَابِي، لأَنَّ يَدَ اللهِ قَدْ مَسَّتْنِي"(21).
كلما فكرت في الامر ازددت خوفا (ص23):
يجد ايوب نفسه حائرا بين حضور القدير وغيابه، وخطابه يتكيف على طراز هذه الحيرة. ويعبر في الوقت ذاته عن الرغبة والخوف: الرغبة في مواجهة مع الله تكون مبررة، والخوف من عظمة الله الساحقة، وهو يظن انه يغيظه "بشكواه المتمردة" (2-6). ان ايوب وهو مستعد لكي يملأ فمه حججا، يتأهب ليعرض قضيته "أُحْسِنُ الدَّعْوَى أَمَامَهُ، وَأَمْلأُ فَمِي حُجَجًا"(4). فيصف نفسه بأنه البار الذي يبرز كالذهب من بوتقة الامتحان "لأَنَّهُ يَعْرِفُ طَرِيقِي. إِذَا جَرَّبَنِي أَخْرُجُ كَالذَّهَبِ. بِخَطَوَاتِهِ اسْتَمْسَكَتْ رِجْلِي. حَفِظْتُ طَرِيقَهُ وَلَمْ أَحِدْ. مِنْ وَصِيَّةِ شَفَتَيْهِ لَمْ أَبْرَحْ. أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَتِي ذَخَرْتُ كَلاَمَ فِيهِ."(10-12)، ويصل لحظة الى يقين الحكماء واصحاب المزامير: هناك مكان فيه يكون الانسان المخلص على يقين من ان الله سوف يستمع اليه فيه: "هناك يستطيع انسان مستقيم ان يحاج الله وسأنجو من عند قاضيّ فائزا"(7).
ولكن ما الفائد لايوب ان يصل الى "هناك" حيث يقيم الله؟ فالله يفعل ما يشاء "أَمَّا هُوَ فَوَحْدَهُ، فَمَنْ يَرُدُّهُ؟ وَنَفْسُهُ تَشْتَهِي فَيَفْعَلُ"(13). ما الفائدة من البر، وهو لم يجنّب ايوب من قضاء الله ولا الخوف ولا الظلمات؟ "لأَنَّهُ يُتَمِّمُ الْمَفْرُوضَ عَلَيَّ، وَكَثِيرٌ مِثْلُ هذِهِ عِنْدَهُ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْتَاعُ قُدَّامَهُ. أَتَأَمَّلُ فَأَرْتَعِبُ مِنْهُ. لأَنَّ اللهَ قَدْ أَضْعَفَ قَلْبِي، وَالْقَدِيرَ رَوَّعَنِي. لأَنِّي لَمْ أُقْطَعْ قَبْلَ الظَّلاَمِ، وَمِنْ وَجْهِي لَمْ يُغَطِّ الدُّجَى"(13-17).
الله يرفض حقي (27: 2-6):
ان ايوب، وقد تحطم منذ الان، لن ينتعش الا وقتا قصيرا ليعلن مرة اخرى اخلاصه في ابتغاء الله، يبتدئ اعلانه بيمين شأنها عظيم، وعلى قدر ما، توجز مظلمتي ايوب الرئيسيتين: "حي هو الله الذي رفض حقي، وحي القدير الذي مرر نفسي.. تمسكت ببري فلا ارضيه".
ان ما يؤثر اكثر من كل شئ، في هذه الشكاوى التي ورد فيها ضمير الغائب (هو)، هو تراكم استعارات العنف المقتبسة من عالم الحيوان، او من الصيد والحرب. رأينا ايوب لا يختار لتسبيحاته سوى موضوعات القدرة الالهية. اما هنا فانه يعرض عمل الله في صورة عنيفة وهو يفعل هذا عن اختيار متعمد. ينسب الى الله الاهواء التي ترافق الانسان عند استعمال القوة.
الله يبدو اذن لايوب الشرير (16: 13) والظالم "حَيٌّ هُوَ اللهُ الَّذِي نَزَعَ حَقِّي، وَالْقَدِيرُ الَّذِي أَمَرَّ نَفْسِي"(27: 2). ويذهب ايوب الى حد انه يتهمه بالشماتة عندما يرى يأس الابرياء المظلومين "إِذَا قَتَلَ السَّوْطُ بَغْتَةً، يَسْتَهْزِئُ بِتَجْرِبَةِ الأَبْرِيَاءِ"(9: 23).
قد يدعو هذا لاول وهلة، الى الاعتقاد بأن ايوب يريد التجديف: يبدو لنا انه ينتقم بذم الله، لكن تحدي الله او محاجاته هما ايضا نوع من الالتجاء الى الله. التجديف دائما هو طلب القطيعة. اما في سفر ايوب فالحوار يتواصل او بالاحرى يطلب في صيغة التحدي العنيفة. يحاول ايوب ان يعكس على الله صورا لا يطيقها. انه يحاول ان ينقل الى الله الخلاف الذي يجعله خصما له، ليثبت انه يرفض هذا الخلاف.
يتصور ايوب مسافة تجعل الله بعيد المنال. في رأيه ان الله ليس "هنا" حيث يتألم البار. انه "هناك". وهناك فقط يكون الحوار ممكنا. وهناك حيث يقيم الله يكون وطن البار. لانه "هناك ينال حقه الى الابد". ان محنته الكبرى انه "لا يعرف اين يبحث عنه "منْ يُعْطِينِي أَنْ أَجِدَهُ، فَآتِيَ إِلَى كُرْسِيِّهِ"(23: 3). هو يعرف الله لكنه يجهل مكان الله. فذكره لله باعث على البحث عنه. وبعد الله يجعل هذا البحث مأساة. ايوب وحده متروك لامره، لا يستطيع ان يزيل المسافة ولا ان يكف عن البحث.
**
عندما ينادي ايوب الله (شكاوى ضميرها انت)
في الشكاوى التي ضميرها انت، يتاح لنا فرصة لادراك كنه مأساة ايوب.
النصوص:
يوجه ايوب في اول حلقة من الحوار كلاما طويلا الى الله. يقول في شكواه لله:
الشكوى الاولى (7: 7-21)
"كف عني ان حياتي هباء"
"تذكر"
"يا رقيب البشر".
الشكوى الثانية (9: 27- 31 و 10: 1-22):
"اعلمني على اي شئ تخاصمني!"
"لماذا تتعبني عبثا؟"
"ايحسن لديك ان تظلمني؟".
الشكوى الثالثة (13: 20 – 14: 22):
الانسان الذي مات اين هو اذا؟ "أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ يُسْلِمُ الرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ؟"(14: 10)
ورقة منثورة "يخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَنْحَسِمُ"(14: 2).
ظل يبرح "وَيَبْرَحُ كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ"(14: 2).
مقارنة مع الشجرة والبحر والسماء "لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً" و "قَدْ تَنْفَدُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرَةِ، وَالنَّهْرُ يَنْشَفُ وَيَجِفُّ، وَالإِنْسَانُ يَضْطَجِعُ وَلاَ يَقُومُ"(14: 7 و 11).
"من لي بأن تخفيني في مثوى الاموات؟" وفي ترجمة اخرى " لَيْتَكَ تُوارِينِي فِي الْهَاوِيَةِ، وَتُخْفِينِي إِلَى أَنْ يَنْصَرِفَ غَضَبُكَ، وَتُعَيِّنُ لِي أَجَلاً فَتَذْكُرَنِي"(14: 13).
انت تفني رجاء الانسان "الْحِجَارَةُ تَبْلِيهَا الْمِيَاهُ وَتَجْرُفُ سُيُولُهَا تُرَابَ الأَرْضِ، وَكَذلِكَ أَنْتَ تُبِيدُ رَجَاءَ الإِنْسَانِ.."(14: 18-22).
في الحلقة الثانية انخفاض مفاجئ، لا يمكن الاشارة الا الى 3 ايات (17: 4-6) "اوقفني مثلا للشعوب، وصرت للبصق في الوجه".
واخر الامر تتوقف الشكاوى لله تماما في الحلقة الثالثة (ص22-27). ثم تظهر بايجاز في نصف حديثه الى نفسه (30: 20-23) حيث يقول "اصبحت لي عدوا قاسيا".
اربعة اتجاهات بارزة: تسري في هذه النصوص الخمسة السابقة، عدة موضوعات كبرى ستمكننا من القاء نظرة مجملة. ان ايوب في شكواه يطعن في رحمة الله، وقداسته، وحكمته، وكل طعنه على عدل الله يستند الى هذا التشكيك المثلث.
اولا- التشكيك في رحمة الله:
ان الصورة التي يرسمها ايوب لمصير الانسان هنا وهناك تثير الشك في رحمة الله. فالله اذ يمنحه الحياة يهدي اليه هدية مضحكة. فان حياة الانسان اينما ينظر اليها تبدو في الواقع:
زائلة:
لا يستمتع الناس لا بثبات السموات، ولا بما للبحر من ملء لا ينضب. فالانسان، ولا اصل له في العالم، محروم حتى من الرجاء الذي لشجرة بفروعها، ولا يستروح الماء الذي ينعشه "لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً. إِنْ قُطِعَتْ تُخْلِفْ أَيْضًا وَلاَ تُعْدَمُ خَرَاعِيبُهَا. لَوْ قَدُمَ فِي الأَرْضِ أَصْلُهَا، وَمَاتَ فِي التُّرَابِ جِذْعُهَا، فَمِنْ رَائِحَةِ الْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعًا كَالْغِرْسِ. أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ يُسْلِمُ الرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ؟"(14: 7- 12). انه زهرة تذوي سريعا، وورقة في مهب الريح، وعصافة تثيرها اقل زوبعة "اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ، قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَبًا. يَخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَنْحَسِمُ وَيَبْرَحُ كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ. فَعَلَى مِثْلِ هذَا حَدَّقْتَ عَيْنَيْكَ، وَإِيَّايَ أَحْضَرْتَ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ مَعَكَ. مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ، فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحْ، إِلَى أَنْ يُسَرَّ كَالأَجِيرِ بِانْتِهَاءِ يَوْمِهِ"14: 1- 6). ولا قوام له سوى ظل يزول. ليست حياته سوى هباء. وايامه تزول مثل سفن البردي "أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنْ عَدَّاءٍ، تَفِرُّ وَلاَ تَرَى خَيْرًا. تَمُرُّ مَعَ سُفُنِ الْبَرْدِيِّ. كَنَسْرٍ يَنْقَضُّ إِلَى قَنَصِهِ"(9: 25 و 26) لان البقاء لله.
أليمة:
ليست الحياة لمولود المراة هربا لا نهاية له فحسب، بل سخرة اجير " أَلَيْسَ جِهَادٌ لِلإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ، وَكَأَيَّامِ الأَجِيرِ أَيَّامُهُ؟" و "فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحْ، إِلَى أَنْ يُسَرَّ كَالأَجِيرِ بِانْتِهَاءِ يَوْمِه"(7: 1، 14: 6). طويلا ما اورث من "اشهر بطل" و"ليالي مشقة" لن يكون له سوى ان يمضغ المه "هكَذَا تَعَيَّنَ لِي أَشْهُرُ سُوءٍ، وَلَيَالِي شَقَاءٍ قُسِمَتْ لِي"(7: 3) ولن يتاح له ان ينسى شكواه "إِنْ قُلْتُ: فِرَاشِي يُعَزِّينِي، مَضْجَعِي يَنْزِعُ كُرْبَتِي، تُرِيعُنِي بِالأَحْلاَمِ، وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى" و "إِنْ قُلْتُ: أَنْسَى كُرْبَتِي، أُطْلِقُ وَجْهِي وَأَتَبَلَّجُ، أَخَافُ مِنْ كُلِّ أَوْجَاعِي عَالِمًا أَنَّكَ لاَ تُبَرِّئُنِي"(7: 13 و 9: 27). من اصحابه البشر لا يسعه ان ينتظر شيئا: فليكونوا في مأمن من الشقاء، يبصقون بالاحرى في وجه البائس " وَصِرْتُ لِلْبَصْقِ فِي الْوَجْهِ"(17: 6).
بائسة:
ان الالم الجسدي "لبِسَ لَحْمِيَ الدُّودُ مَعَ مَدَرِ التُّرَابِ. جِلْدِي كَرِشَ وَسَاخَ"(7: 5)، والاضطراب المتواصل "إِذَا اضْطَجَعْتُ أَقُولُ: مَتَى أَقُومُ؟ اللَّيْلُ يَطُولُ، وَأَشْبَعُ قَلَقًا حَتَّى الصُّبْحِ" و "تُرِيعُنِي بِالأَحْلاَمِ، وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى"(7: 4 و 14) يلدان الغم ويغذيانه "أَنَا أَيْضًا لاَ أَمْنَعُ فَمِي. أَتَكَلَّمُ بِضِيقِ رُوحِي. أَشْكُو بِمَرَارَةِ نَفْسِي"(7: 11). وعندما يضاف الى ذلك العزلة العاطفية والشعور بصمت الله، والشعور المضني بان كل امانة تؤدي الى الفشل، فما من مكان عند ذاك في قلب الانسان الا "سأم الحياة" "قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي"و "فَاخْتَارَتْ نَفْسِي الْخَنِقَ، الْمَوْتَ عَلَى عِظَامِي هذِهِ"(10: 1 و 7: 15). فتفاقم سوء العيش يشل مبادرة المؤمن. اليأس يسود ذاك الذي يسميه ايوب "ضيق الروح ومرارة النفس"(7: 11 و 10: 1). فالحياة ليست بعد ذلك سوى وهم وخيبة ويصبح البار المتألم مثلا للسخرية، مثلا حيا للبطل "أَوْقَفَنِي مَثَلاً لِلشُّعُوبِ، وَصِرْتُ لِلْبَصْقِ فِي الْوَجْهِ"(17: 4 و6). ولما كان الطريق قصيرا من بطل الحياة الى العدم، يحطم اليأس كل قفزة. فالانسان وقد اصبح بلا هدف يفضل "الخنق او الموت"(7: 15) على حياة مشوهة حتى انها بلا معنى. فالافضل لو لم يأت الى الوجود او لو اعيد من الجوف الى القبر "فَلِمَاذَا أَخْرَجْتَنِي مِنَ الرَّحِمِ؟ كُنْتُ قَدْ أَسْلَمْتُ الرُّوحَ وَلَمْ تَرَنِي عَيْنٌ! فَكُنْتُ كَأَنِّي لَمْ أَكُنْ، فَأُقَادَ مِنَ الرَّحِمِ إِلَى الْقَبْرِ. أَلَيْسَتْ أَيَّامِي قَلِيلَةً؟ اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَلِيلاً، قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ وَلاَ أَعُودَ. إِلَى أَرْضِ ظُلْمَةٍ وَظِلِّ الْمَوْتِ، أَرْضِ ظَلاَمٍ مِثْلِ دُجَى ظِلِّ الْمَوْتِ وَبِلاَ تَرْتِيبٍ، وَإِشْرَاقُهَا كَالدُّجَى"(10: 18 – 22). او ان يبق له قليل من الانشراح "إِنْ قُلْتُ: أَنْسَى كُرْبَتِي، أُطْلِقُ وَجْهِي وَأَتَبَلَّجُ" و "اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَلِيلاً، 21قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ وَلاَ أَعُودَ."(9: 27 و 10: 21).
مآلها مثوى الاموات:
ان حدا لا يجتاز، هو عقبة دون كل رغبة الانسان في حياة مستقلة في ذاتها. ان عدد الشهور معين من الله وله اجل لا يتعداه "إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ"(14: 5). انه ميت منذ الان لانه لابد له من الموت. وايوب يحس في نفسه منذ الان بعلامات الموت الذي يدنو: كل شئ فيه ينحل مثل ثوب اكله العث او خشب يفسده السوس "28وَأَنَا كَمُتَسَوِّسٍ يَبْلَى، كَثَوْبٍ أَكَلَهُ الْعُثُّ"(13: 28). فتوقع مثوى الاموات الذي ينتظره الذي يجعل ظلاما كل ما قد يكون نورا او بريقا في ارض الاحياء (10: 21..). من هناك لا يستطيع احد ان يخرج (30: 23) اين هم ؟(14: 10) وقد انغلق الانسان على نفسه الا المه (14: 20-22). عندما يموت الانسان يكون الاوان قد فات من كل شئ واذا لم "يذكره" الله (7: 1) فانه سيطلبه عبثا بعد الموت (7: 8 و 21).
ليست الحياة سوى مهزلة وباطل، وكلما عرف الانسان هذه الحقيقة وجدها غير مجدية: هذا اذن اول طعن يطعنه ايوب في رحمة الله.
2- ولكن طعنه الاخر يذهب الى ابعد من ذلك ، لانه يحاول ان يفسر لا سكوت الله فحسب، بل نياته.
سلوك الله: يلحق الله بايوب اثام اصابه "لأَنَّكَ كَتَبْتَ عَلَيَّ أُمُورًا مُرَّةً، وَوَرَّثْتَنِي آثَامَ صِبَايَ"(13: 26)، ويكتب عليه احكاما مريرة ويتفقده (7: 18). ويشعر ايوب بانه مغلق عليه "أَبَحْرٌ أَنَا أَمْ تِنِّينٌ، حَتَّى جَعَلْتَ عَلَيَّ حَارِسًا؟"(7: 12) واطرافه بغير حركة في مقطرة "فَجَعَلْتَ رِجْلَيَّ فِي الْمِقْطَرَةِ، وَلاَحَظْتَ جَمِيعَ مَسَالِكِي، وَعَلَى أُصُولِ رِجْلَيَّ نَبَشْتَ"(13: 27) لا بل ملقى في النفاية "حَرِشَ جِلْدِي عَلَيَّ وَعِظَامِي احْتَرَّتْ مِنَ الْحَرَارَةِ فِيَّ"(19: 30).. والخليقة نفسها في يد الله وسيلة للتعذيب والسخرية: فالغيوم تخطف ايوب في مسيرة مميتة وتذيبه "تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. حَمَلْتَنِي، أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهًا. لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ إِلَى الْمَوْتِ تُعِيدُنِي، وَإِلَى بَيْتِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ"(30: 21 – 23). وهكذا فشقاء البار يعود بالعالم الى الزمان الاول، زمان مصارعة البحر الهائج وتنين المياه "أَبَحْرٌ أَنَا أَمْ تِنِّينٌ، حَتَّى جَعَلْتَ عَلَيَّ حَارِسًا؟"(7: 12)
ان الله يعلم، بل هو يريد الالم لايوب. وهذه القسوة من الله تظهر ما في قلبه منذ الازل "لكِنَّكَ كَتَمْتَ هذِهِ فِي قَلْبِكَ. عَلِمْتُ أَنَّ هذَا عِنْدَكَ"(10: 13). ليس قصده الخلاق الا واجهة، لان نيته الاولى والاخيرة هي ان يسوق الى الموت "لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ إِلَى الْمَوْتِ تُعِيدُنِي، وَإِلَى بَيْتِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ"(30: 23). يجب ان يرى المرء الموت على انه لا خاتمة الحياة فحسب بل غايتها.
ثانيا - التشكيك في قداسة الله:
يشك في قداسة الله ضمنيا عندما يتوهم ايوب ان "رقيبه" قد يكون غير مبال بالخطية "أَأَخْطَأْتُ؟ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ يَا رَقِيبَ النَّاسِ؟ لِمَاذَا جَعَلْتَنِي عَاثُورًا لِنَفْسِكَ حَتَّى أَكُونَ عَلَى نَفْسِي حِمْلاً؟ 2"(7: 20). وفي مكان اخر "يشرق على مشورة الاشرار"(10: 3) فيكافئ هكذا الاشرار بصداقته. ولكن طعن ايوب في خطابه الثالث يصبح جذريا علة وجه اعمق . فلربما الله عاجز عن اعلامه بمعصيته "لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي!" و "كَمْ لِي مِنَ الآثَامِ وَالْخَطَايَا؟ أَعْلِمْنِي ذَنْبِي وَخَطِيَّتِي"(10: 2 و 13: 23) فهو يبحث ويفتش عن اثمه "حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟" و "إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي"(10: 6 و 14..).
ثالثا- التشكيك في حكمة الله:
كيف السبيل الى الفهم ان الله يقوم ببحث دقيق في انسان وهو يعلم حق المعرفة انه غير مذنب "فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِبًا، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ"(10: 7). لماذا يجب ان يبدو مذنبا مهما كلف الامر؟ لماذا لا يقول له لاي شئ يخاصمه " لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي!"(10: 2)؟ اتراه يخاف تكذيبا؟ ان الله لا يظهر بواعثه، وهذا دليل على عبودية لا تطاق، اذ لا يعرف ماذا يعمل سيده، ولا ماذا يريد منه. فليس له سوى ان يقوم بتخمينات تؤول به الى اليأس: اما ان الله نساه "يَدَاكَ كَوَّنَتَانِي وَصَنَعَتَانِي كُلِّي جَمِيعًا، أَفَتَبْتَلِعُنِي"(10: 8)، واما لا يرى فيه الا عبئا وملّ صداقته "لِمَاذَا جَعَلْتَنِي عَاثُورًا لِنَفْسِكَ حَتَّى أَكُونَ عَلَى نَفْسِي حِمْلاً؟"(7: 20). واما ان الله تغير "تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي"(30: 21)
ولا معنى ايضا لان يظهر الله قدرته "ان ارْتَفَعَ تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ، ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ"(10: 16)، بأن يحكم على انسان ضعيف، وهو فوق ذلك لا غبار عليه وان يضربه ويلطخه "وَلَوِ اغْتَسَلْتُ فِي الثَّلْجِ، وَنَظَّفْتُ يَدَيَّ بِالإِشْنَانِ"(9: 30). فكل من الحكمة وحسن المنفعة "أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ، أَنْ تُرْذِلَ عَمَلَ يَدَيْكَ"(10: 3) يقضي بان يقتنع الله الابقاء على ايوب، لا لان الموت في كل حال سيهتم بعد قليل بأمره فحسب، بل لان الله، بازدرائه صنع يديه، يستنكر عمله، ويجعل تعبه يذهب سدى "يَدَاكَ كَوَّنَتَانِي وَصَنَعَتَانِي كُلِّي جَمِيعًا، أَفَتَبْتَلِعُنِي؟ اُذْكُرْ أَنَّكَ جَبَلْتَنِي كَالطِّينِ، أَفَتُعِيدُنِي إِلَى التُّرَابِ؟ أَلَمْ تَصُبَّنِي كَاللَّبَنِ، وَخَثَّرْتَنِي كَالْجُبْنِ؟ كَسَوْتَنِي جِلْدًا وَلَحْمًا، فَنَسَجْتَنِي بِعِظَامٍ وَعَصَبٍ. مَنَحْتَنِي حَيَاةً وَرَحْمَةً، وَحَفِظَتْ عِنَايَتُكَ رُوحِي."(10: 8- 12). وما عدا ذلك فقد اراد الله ان يكون "رقيبا". لا يمكن ان يكون الله احب الانسان ثم يريد بعد ذلك ان يهدمه. ماذا يستفيد الانسان ان احبه الله الا اذا احبه للابد؟ او تكون الرحمة الالهية –الى حين – وهي تخفي قصد الموت "لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ إِلَى الْمَوْتِ تُعِيدُنِي، وَإِلَى بَيْتِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ"(30: 23)؟
ان الله اذ يتصرف كما الناس "أَلَكَ عَيْنَا بَشَرٍ، أَمْ كَنَظَرِ الإِنْسَانِ تَنْظُرُ؟ أَأَيَّامُكَ كَأَيَّامِ الإِنْسَانِ، أَمْ سِنُوكَ كَأَيَّامِ الرَّجُلِ، حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِبًا، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ"(10: 3-7) يشاركهم عيوبهم. فما دامت عيناه ليست من لحم، وايامه ليست معدودة، فلماذا قلة الصبر هذه وعقابه بقسوة؟ ولماذا هذا التفاوت البشع بين القدرة التي يظهرها وسرعة عطب الانسان. بين تشدد القاضي المفرط و ضعف المتهم الخلقي "أَتُرْعِبُ وَرَقَةً مُنْدَفَعَةً، وَتُطَارِدُ قَشًّا يَابِسًا؟"(13: 25- 27)؟
رابعا - التشكيك في بر الله:
ان ايوب يشعر انه سجين في عالم الذنب، وكل مخرج مسدود في وجهه. لن يستطيع تبرئة نفسه ولا رفع رأسه "أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي، وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أَرْفَعُ رَأْسِي. إِنِّي شَبْعَانُ هَوَانًا وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي"(10: 15)، ولا معنى لتوبته لان الله يحرص على ان يسد في وجهه طريق العودة "لِرَجُل قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ، وَقَدْ سَيَّجَ اللهُ حَوْلَ" و"قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ، وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَمًا"(3: 23 و 19: 8).
تجاه هذا الظهور غير المتوقع لعداء الله، وتجاه اخفاق بر ايوب نفسه، فان جواب ايوب متشعب. ليس لديه سوى صورة لله ممزقة، واحاسيس متناقضة، لذلك ردود فعله موسومة بمثل الازدواجية التي تظهرها له اوهامه في موقف الله. ولكن ايوب لا يستسلم تماما، فهو يحلم بالعودة الى الحوار.