الخميس، 17 يناير 2019

بهيموث ولوياثان

هيموث لوياثان
(40: 14 – 41: 26)
ان الخطاب الثاني للرب وصف لكائنين. الاول بهيموث (او فرس النهر)، ووصف لوياثان (او التمساح). وهما وحشان ورد ذكرهما معا في رسوم مصر القديمة، واحيانا في اساطيرها (على سبيل المثال في معركة بين حورس وشيث كما جاء في نص ادفو). يدعو الوصف الطويل لهذين الحيوانين بالنسبة لقصر الوصف للحيوانات الاخرى الى الاستغراب! ان المؤلف، لاختياره هذين الحيوانين القبيحين وهما نموذجان تامان - للبلادة في الاول، وللقسوة والشراسة في الثاني - يمهد الطريق لمزايدة:
تقنع الاشارة ايوب بان مطالباته تتجاوز الحد ومآلها الفشل: لم يحسب حسابا الا لعلمه على قدر قوته البشرية، من غير ان يقدر الى اي حد يستطيع الواقع ان يقاومه. فلا سبيل الى هزيمة بهيموث او تدجينه واستئناسه بل ولا ارهابه. فكم بالحري لوياثان "يحسب الحديد تبنا"(41: 19).
ما يفوق فكر يوب ليس سوى لعب (مرح او تسلية) عند الله. ان هذين الوحشين لم يصنعهما الله كما صنع ايوب فحسب، بل منحهما قوة جبارة لا تغلب: بهيموث "اول خلائق الله وصانعه يعمل السيف فيه" ولوياثان طبع على عدم الخوف: انه ملك على جميع بني الكبرياء"(41: 26). هذه اذن كائنات غير جديرة باهتمام الانسان، لا بل يخشى شرها، منحها الله قدرات خارقة. كيف السبيل على حمل ايوب لكي يشعر بمحدوديته؟
فمع ان الشاعر يرخي العنان لقريحته في وصف الحيوانات، بينما يضن بالكلمات في وصفه لله. فهناك نص وجيز يبدو انه يحسن الكشف عن فكرته "لوياثان لا يجروء احد ان يثيره فمن الذي يقف في وجهي؟ كل ما تحت السموات هو لي"(41: 2-3).
ان الخطاب الاول لله كان يكشف عن علامات عطفه وحنانه، اما هنا فيؤدي الى قولين متكاملين في الحرية والقدرة. ان الله يخلق ما يشاء وهو يعلم لماذا يفعل ذلك، فكيف يجرؤ الانسان على ان يجابه خالقه وهو الذي يرتعد امام تمساح؟