الأحد، 8 سبتمبر 2019

ان فهمت كل هذا فهما سليما


عن محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث – مجلة الكرازة - 4 اغسطس 1989
لكي نحيا مع الله ينبغي ان ندرك التعريفات الصحيحة لكل الامور الروحية. فكيف ذلك ولماذا؟
للاسف الشديد هناك من يحيا حياة دينية او يظن انه يحيا حياة دينية، بينما حياته منفصلة عن الله!!
من الجائز ان يوجد عند هذا الشخص فكر ديني او ممارسات دينية، ولكن لا يوجد الله فيها! كما لو كانت حياته عبارة عن فلسفة لها طابع ديني.. او انه يريد ان يسير حسنا في حياته بدون الله. والسبب في ذلك مسالة التعريفات، اي كيف نعرّف الامور..
النقطة الاولى في نقاشنا..
الخطية والبر:
لا شك ان كل انسام متدين يريد ان يبتعد عن الخطية. فما هو مفهوم الخطية في نظره؟
هل الخطية هي عمل الشر ومجرد ارتكاب المحرمات؟
صدقوني ان الوثنيين والملحدين، وكل الاديان البدائية، كالكنفوشيوسية والبوذية والبراهما يرون الخطية بنفس هذا المفهوم. وهم يناون عن ارتكاب المحرمات.. على الاقل المحرمات اجتماعيا وما يحرمه العرف والقانون، وما تحرمه اديانهم..
هل الخطية هي السقوط والضلال؟ هي لا شك كذلك.
وكثيرون يبتعدون عن الخطية لانها شر وضلال.. في كل ذلك لم يرد اسم الله، ولا شئ من جهة تاثير الخطية على العلاقة به..!
اما المتدينون حقا فيعرّفون الخطية بانها انفصال عن الله.
ليست مجرد الشر.. بل تاخذ تعريفا جديدا : انها بعد عن الله، هي عصيان الله.. ولون من التحدي له والثورة عليه وكسر وصاياه.
من اجل ذلك نجد يوسف يقول "كيف افعل هذا الشر العظيم واخطئ الى الله" انه لم يقل اخطئ الى فوطيفار او زوجته بل الى الله نفسه . وكذلك قال داود "اليك وحدك اخطات"(مز50) ولم يقل الى اوريا او زوجته.
فان اعتبرنا الخطية موجهة الى الله تاخذ عندها تعريفا اخر..
فاعرف انها عدم محبة لله، وتمرد عليه، وخصومة معه.. لذلك حينما ابتعد عن الخطية ابتعد لانها تقطع علاقتي به.
جائز انسان يبتعد عن السرقة على اعتبار انها تسئ الى الاخرين او تكسر القانون وتعرضه للعقوبة. بينما انسان اخر لا يمكن ان يسرق لان السرقة تفصله عن الله.
هنا يكون ادخل الله في الموضوع..
فهناك اشخاص يرون ان التوبة هي ترك الخطية وان كمال التوبة هي كراهية الخطية ولكن الشخص الروحي يراها انها رجوع الى (احضان) الله.
الحياة الروحية:
ما معنى الحياة الروحية؟ اهي مجرد السلوك بالروح؟
وقد يقول البعض انها ارتفاع فوق مستوى المادة.. وفي كل هذا لم يرد اسم الله، انما هو الحديث عن العلاقة بين الروح والجسد والمادة!
ويمكن في فلسفة (اليوجا) ان يقال هذا كله..
اما الحياة الروحية في تعريفها السليم هي الحياة مع الله.
الصوم:
ليس هو المنع. انه انطلاق الروح من سيطرة الجسد لتتحد مع الله.. لكي يكون لها فرصة روحية بالصوم تقضيها مع الله.
الصلاة:
هل هي واجب روحي كان يقول الراهب اتممت قانوني اي مزاميره وصلواته.. هل هي تلاوات او راءات؟
ونفس الامر نقوله عن التسبحة: هل هي اتغام والحان؟ الى الان لم ندخل في العلاقة مع الله بعد.
انسان يرتقي فيقول ان الصلاة حديث مع الله.
ومن هنا نبدا، ولكن كثيرا ما يكون الحديث مع الله مرتبط بالذات فيشمل طلبات لها او شكرا على ما اخذته او اعترافا بخطايا.
وهنا تكون الصلاة حديثا مع الله عن الذات .. فما هو التعريف الحقيقي للصلاة؟
الصلاة هي حب النفس لله، واشتياقها الى الله.
وما الحديث معه سوى هذا الاشتياق.
الصلاة هي حب لله، يؤدي الى الحديث معه.
يقول داود "اشتاقت نفسي الى الله".. انها عبارات تعطينا تعريفا جيدا للصلاة.
الكتاب المقدس:
كلكم تقراون الكتاب. فما هو؟
اهو معلومات دينية؟ قصص اباء وانبياء؟ حكم وامثال؟
اما تعريف الكتاب فهو كلمة الله، رسالة الله اليك.
هو توجيه الهي في شكل وصية يحمل معه قوة لتنفيذها. او هو حيث من الله اليك.
الخلوة والصمت:
اهي فترة هدوء او retreat. بعد عن الضوضاء وخلطة الناس؟
الخلوة هي اختلاء بالله، انفراد بالله.
في الخلوة تجلس مع الله كما تجلس مع نفسك.