لقد امنت
عن كتاب المسيحية المجردة ، س. اس لويس
يبدو ان المسيحيون يستخدمون كلمة اﻻيمان بمعنى التصديق: اي قبول تعاليم المسيحية على انها حق. ان ما يربكني هو ان المسيحيين يعدون اﻻيمان فضيلة، فما الفضيلة وما هو اﻻخلاقي في تصديق جملة من التصريحات..؟
ان اﻻنسان العاقل اما يقبل اي تصريح او يرفضه تبعا لوجود البراهين على صحته. فان اخطا بشأن قوة البراهين ومصداقيتها فلا يعني ان ذلك اﻻنسان شرير او صالح بل فقط محدود الذكاء. اما ان اعتقد ان البراهين غير موجودة واجبر نفسه على التصديق رغم ذلك، يكون ذلك علامة على بلاهة خالصة!
حسنا، اني كنت افترض بداهة ان العقل البشري يحكمه المنطق. غير ان الواقع ليس هكذا. فمثلا، عقلي مقتنع تماما على اساس براهين قوية ان ادوية التخدير لن تقضي علي. اﻻ انني اصاب بذعر صبياني حالما امدد على طاولة الجراحة ويوضع على وجهي قناع التخدير وابدا افكر في انني ساختنق او ان الطبيب سيبضعني قبل فقدان الوعي تماما. فليس لعقل هو الذي ينزع ايماني بل على العكس ايماني مؤسس على العقل، ولكن العلة في خيالي وعواطفي. عليه فان المعركة هي بين اﻻيمان والعقل من جهة، واﻻيمان والعاطفة والخيال من جهة اخرى.
واﻻن فا اﻻمر عينه تماما يحصل بالنسبة الى المسيحية. فانا ﻻ اطلب من احد ان يقبل المسيحية اذا كان تفكيره المنطقي اﻻفضل يقول له ان ارجحية البراهين ضدها. ولكن ماذا لو قرر عقل اﻻنسان فعلا ان ارجحية البراهين في صفها؟ .. سياتي وقت بعد ان يقبل المسيحية ويتلقى خبرا سيئا او يكون في ضيق او يتواجد وسط اناس ﻻ يؤمنون بها وفجاة ستثور مشاعره وتشن ما يشبه غارة مفاجئة على ايمانه. انا اتكلم عن اﻻوقات التي فيها يثور مزاج او طبع يكون مناقضا للمسيحية.
واﻻن فاﻻيمان بالمعنى الذي استخدم بها الكلمة هنا، هو فن التمسك باﻻمور التي قبلها عقلك مرة، على الرغم من تقلب مزاجك. فاﻻمزجة تتقلب حتما!.. ما لم تعلم امزجتك اين تمضي فليس بوسعك ان تكون مسيحيا راسخا.. وﻻ حتى ملحدا راسخا! بل تمسي مخلوقا متارجح تعتمد قناعاته على تقلبات الطقس ..! من هنا كان على المرء ان ينمي عادة اﻻيمان.
واول خطوة هي ان تدرك ان امزجتك متقلبة.
والثانية، ان تتيقن بانه ما ان تقبل المسيحية حتى تغدو بعض تعاليمها معروضة عمدا امام عقلك وقتا ما كل يوم. ولذلك كانت الصلوات اليومية والقراءات الروحية وحضور الخدمات الكنسية مقومات ضرورية للحياة المسيحية.
+
اﻻن على ان انتقل الى اﻻيمان بمعناه اﻻسمى. ولعلك تعرف ان اول خطوة نحو اكتساب فضيلة التواضع هي ان يدرك المرء انه متكبر. عليك ان تبذل جهدا لنحو 6 اسابيع. فانه حتى لو تقهقرت كليا او ايضا الى ما قبل النقطة التي انطلقت منها اﻻ انك تكون قد اكتشفت بعض الحقائق بشان نفسك. فلا احد يلاحظ كم هو ردئ اﻻ بعد ان يكون قد بذل اقصى جهده ليكون صالحا. انك ﻻ تعرف قوة العدو اﻻ بمحاربتك له ﻻ باﻻستسلام. وﻻ تعرف قوة الريح اﻻ بالسير عكسها ﻻ باﻻنبطاح امامها. والرجل لذي يستسلم للتجربة بعد 5 دقائق ﻻ يعرف بالتأكيد ما كان ممكنا ان تكون عليه بعد ساعة. ولذلك بمعنى من المعاني ﻻ يعرف اﻻشرار عن حقيقة (اغواءات) الشر اﻻ القليل. فهم قد عاشوا حياة امنة من الصراعات باستسلامهم للتجارب.. ثم ان المسيح ، لكونه اﻻنسان الوحيد الذي لم يستسلم للتجربة قط، هو الشخص الوحيد الذي يعرف الى التمام ما تعنيه التجربة..
ان كل ملكة لك انما هي هبة لك من الله. فلو كرست كل لحظة منة حياتك له فليس بوسعك ان تعطيه ما لم يكن ملكا له اصلا. حتى اذا تكلمنا عن انسان قدم كل حياته خدمة لله، فانه يشبه ذهاب ولد لابيه يقول له "بابا اعطني جنيها ﻻشتري لك هدية عي ميلادك".