مجتمع جديد: ملكوت الله
(لو5: 1-3 و مت13: 44-46 و 13: 31- 33)
في اواخر الضحى راى الصيادون يسوع اتيا وكان بدوره قد حضر ليعرف اخبار هذه الليلة لانه يهتم بمهنة تلاميذه الاول.
ولكن جمعا من اهل كفرناحوم كانوا يتبعونه تواقين الى رؤيته وسماعه.. بعضهم تاركين سيقانهم مسترخية على شط البحيرة.. كلهم ينتظرون في هدوء.
لاحظ يسوع هذا، فقال لسمعان:
"يا بطرس! دعني اطلع على المركب وابعده قليلا حتى اكلم هذع الشعب المتجمع على الشاطئ".
"يا اهل كفرناحوم وكل الجليل اعلن لكم مجئ ملكوت الله.
وذلك مثل قصة هذا الفلاح الذي يحرث حقلا ووجد كنزا – جرة تحوي قطعا من الذهب. اخفوها هنا اثناء احدى الحروب. كان هذا الكنز ضائعا. ذهب الرجل الى السوق وباع كل ما يملكه : ثوره ومحراثه والاته.. وبهذا المبلغ توجه الى موثق العقود واشترى رقعة الحقل. ثم اخرج الكنز من الارض وهو يقول: اه كم انا سعيد.. انتهى بؤسي منذ الان. وها انا ابدا حياة جديدة".
وايضا مثل قصة هذا الصائغ الذي يتاجر بلالئ ثمينة. وهو مجتاز السوق لمح على طاولة بائع عاديات (اشياء اثرية) لؤلؤة في غاية الجمال بانعكاسات ضوئية بديعة للغاية. هذه اللؤلؤة تفوق كل مجوهرات اجمل مجموعاته. لم يتردد. باع كل ما لديه من لالئ حتى يشتري "لؤلؤة حياته".
هكذا من وجد ملكوت الله قد اكتشف الكنز الحقيقي، اللؤلؤة الثمينة الحقيقية. وبموجب ذلك تكون حياته قد تغيرت جذريا.
ولكن ما هو ملكوت الله هذا بالضبط؟
في زمن يسوع كان "ملكوت الله" يعبر عن كل اماني الشعب ورجائه في حياة سعيدة يسودها البر في ظل سلطان المسيح على الكل.
كان الجليليون وكل اليهود خاصة في الطبقات الشعبية بائسين. الانسان ذئب للانسان. اقلية من اصحاب القوة والسلطة تستغل نفوذها وتتسلط على على غيرها من الفقراء والضعفاء. ليس الا امل واحد يجعل قلوب المساكين والمحرومين تخفق، هو ان الله ذاته ياتي ويعيش الجميع في ظل سلطانه. انظمة حاكمة تعاقبت وبالرغم من اجمل الوعود وبرامج الاصلاح الا انه بسبب الخطية في قلب الانسان جعلت العالم دغلا حقيقيا حيث الانانية والمصلحة ومحبة المال والطمع والشراسة والانتقام والكذب والرياء ..
قصارى القول ان "ملكوت الله" الذي يعلن عنه يسوع ويشبهه بكنز وبلؤلؤة هو تحقيق هذه الرغبة التي تخالج فكر البشر في جميع العصور والبلاد حيث لا دموع ولا حروب .. بل يحيا الجميع اخوة متحابين.
يفترض هذا التغيير تجديد القلوب وتغيير المجتمع ليتماشى مع ارادة الله الصالحة.
لا يكتفي يسوع باعلانه بل شرع في تحقيقه. وفي الواقع ان بتعاليمه ومعجزانه يبرهن ان ملكوت الله قد اكبر فعلا. فالعمى يبصرون والبرص يطهرون والفقراء يقنعون ان مصيرهم يتغير..
بالاختصار ملكوت الله تحقق في شخص يسوع ذاته.
استطرد يسوع يقول مخاطبا الجموع:
"ان ملكوت الله اقبل ولا يمكنه ان يقف. ان له حيوية عجيبة. مثل حبة الخردل الصغيرة. ولكنها تعطي اعلى اشجار الفواكه.. هكذا سوف يستظل اناس كثيرون بظل الملكوت من كل الافاق.
ان ملكوت الله يبرهن على قوة دافعة لا تقهر. انه خميرة قادرة على ن تخمر العجين كله. اناشدكن انتن يا مدبرات البيوت اللواتي تستعملنه. امراة تستعمل 3 اكيال من الدقيق (اي 120 لترا) غير انها لا تحتاج سوى حفنة قليلة من الخمير لهذه الكمية الكبيرة من الدقيق.