الجمعة، 28 ديسمبر 2018

مسيرة يقودها نجم


مسيرة يقودها نجم:
(مت2: 1-23)
لم يكن هيرودس من نسل يهودي. اكطنه ان يغتصب العرش ولم يحافظ عليهم الا بدعم امبراطور روما الذي كان هيرودس يتملقه.
وكان هوس الاضطهاد لشعبه يبقيه في هذيان واقعي خلال سنوات حياته الاخيرة. كان يشعر انه محاط باعدائه في بلاطه. وكم كان يكتشف دسائس فيطيح برقاب الكثيرين فتتكدث الجثث. فبالطبع كان الشعب ينفر منه ويحلم بثورة للتخلص منه. ولكن، حذار! فنتيجة الثورة يكون الاحتلال الروماني، وبالتالي فقدان اخر ما تبقى للشعب من كرامة وطنية.
في تلك الايام وصلت الى اورشليم قافلة مجوس من الشرق. يسالون "اين يوجد بلاط مسيح اليهود الذي ولد حديثا؟ لاننا راينا نجمه واسرعنا لنقدم له هدايانا تعبيرا عن اجلالنا وخضوعنا. والمجوس منجمون تخصصوا في دراسة الاجرام السمائية/ اي انهم يكشفون الطوالع حسب حالة ووضع الكواكب والنجوم يوم ولادة طفل.
كل شخصية عظيمة كان لها نجمها حسب اعتقادهم.
ليتحققوا الامر/ قرروا ان يتوجهوا الى اورشليم. وها هم في شوارع المدينة يطرحون السؤال على جميع من يقابلون. ذهل السكان. لا احد يعلم. لكن المجوس يؤمدون قائلين:
نحن على يقين مما نقول ومن حساباتنا/ لاننا منجمون محترفون/ والنجم الجديد الذي يبرق نيّرا هو بلا شك نجم المسيح.
ينتشر الخبر. ويصل الى اذني هيرودس.
ماذا؟ هل حقا ولد المسيح دون ان اعلم؟
ولما كان مرتابا، تخيل ان الشعب اختار له منافسا في الخفاء.. فكان لابد ان يعمل بمهارة ودهاء/ ليكتشف هذه المؤامرة الجديدة. كيف يكون تصرفي؟ مسالة المسيح مسألة دينية بقدر ما هي سياسية.. من يكون كفء لهذه المسألة الا الاحبار والكتبة وسائر رجال الدين؟ ولذا ارسل اليهم دعوات عاجلة. فحضروا الى البلاط. يدخل هيرودس رأسا في صلب الموضوع. غير انه يتظاهر بانه لا يعيره اهمية كبرى:
اني اسمع الناس حولي يقولون ان المسيح قد ولد او على وشك ان يولد. اذا كان هذا حدث فعلا، او انه سيحدث قريبا، لابد لي ان اعرف. كذلك اود ان تخبروني ما المعروف بالتأكيد عن عائلته ومكان ولادته؟
هذا السؤال المطروح فجأة لم يربم علماء الشريعة. ولكن المقصودد هنا ان هذا الحدث سري: فحسب الاعتقاد العام، عندما يأتي المسيح، لا يعرف اصله بالضبط، وانه سيقضي فترى في بداية حياته دون ان تعرفه الجماهير، وسيظهر يوما علانية: لان ايليا النبي سيرجع الى الارض ويتوجه رسميا ساكبا على راسه الزيت المقدس. هكذا قالوا الا ان كل ذلك غامض بعض الشئ، ولكن الاكيد على كل حال ان جده هو الملك داود. في هذا الصدد يوجد نص في الكتب المقدسة هو نص نبوة ميخا وبعد تبادل سريع للاراء اتوا بالمخطوط، وقام اعلى العلماء مقاما بالجواب:
سيولد في بيت لحم اليهودية لانه مكتوب:
"وانت يا بيت لحم ارض يهوذا لست الصغرى بين ولايات يهوذا لان منك يخرج الذي يرعي شعبي"
اطمأن هيرودس وررضى بهذا الجواب، وسمح للعلماء بالانصراف. وشرع يفكر : في بيت لحم هذه المدينة الصغيرة القرية القريبة من بلاطه انه لا يعرف اية اسرة نبيلة بها. اما عن نسل داود، فليس بينهم من له اية اهمية/ اما سليله فهو من الطبقة الشعبية، لا ينتبه اليه احد. زد على ذلك ان كل حكايات التنجيم والنبوة هذه تتراءى له وهمية تماما، فضلا عن ان المقصود هنا هو طفل مولود حديثا. ومن يصدق ذلك تسخر به الناس. ولكن هيرودس لا يزال راغبا في رؤية هؤلاء الاجانب.
فاستدعى المجوس سرا، ودفعه شئ من الارتياب ان يتحقق في اي وقت ظهر النجم. ان الحدث قريب العهد. لا يدور الامر اذن الا حول طفل. فلا داعي ليرسل حرسه في اثر هؤلاء الذين يدعون الرؤى.
وعليه، فقد تظاهر بالمرح وحلاوة السجية وقال لهم بشئ من السخرية:
:ها هو طريق بيت لحم. اذهبوا ابحثوا عن الطفل. واخبروني لاذهب انا ايضا واقدم له احتراماتي".
حال سماعهم هذه الطلام انصرفوا. وعندما مال النهار وظهر سواد الليل، راوا النجم ساطعا، هذا النجم الذي هو بالنسبة اليهم نجم المسيح حقا.
في بيت لحم مر شهران او اكثر بعد الاحصاء، وكانت مريم وابنها قد تركا بالطبع منذ زمن طويل حظيرة المغارة ومكثا في منزل يوسف. لم يكن من الصعب بالطبع على المجوس ان يتعرفوا على ذلك المنزل نظرا لان ولادة يسوع في ليلة النجم الجديد قد اثرت في حياة السكان.
عندما وصلوا الى المنزل وجدوا الطفل وامه. حينئذ اهتزت مشاعرهم وكانوا في غاية الفرح فركعوا امام الذين يعرفون انه ملك اليهود، المدبر الذي يرعى شعب اسرائيل.
اعتاد الناس في الشرق الا يزوروا شخصية كبيرة فارغي الايدي: فتح المجوس اكياس السفر واخرجوا منها بضع هدايا: ذهبا ولبانا ومرا. ولعلهم قالوا اثناء تقديمها ما يعني ذلك:
هذه القطع من الذهب، نقدمها الى الوليد من نسل داود الملك.. وامام المرسل من الله نقدم البخور ذا الرائحة الطيبة.. والى من سيعرف الم ومعاناة البشر نقدم اناء المر هذا.
في الليل تحت الخيم المنصوبة نامت قافلة المجوس. وفي صباح الغد لاحظوا انهم حلموا احلاما هي بالاحرى كوابيس. قال احدهم:
رايت الملك هيرودس يطارد الطفل ليقتله.
اضاف اخر.. وانا ايضا.
قبل انطلاقهم للرجوع اسروا الى يوسف:
احترس .. نحن نحذر من ملككم هيرودس.. هذا الطفل استثار شكوكه.. اما نحن فقررنا الا نمر باورشليم.