السبت، 24 أبريل 2021

التدرج

التدرج
هناك امور كثيرة يفعلها الله بالتدرج ليعلمنا هذه الفضيلة؟
لماذا التدرج؟
يقول احد الاباء (قليلا قليلا متواصل خير من كثير كثير متقطع).

١- التدرج في العقاب:
الله لا يغضب فجأة ولا يعاقب بغتة. فيصور لنا حزقبال مجد الله وهو يفارق بيته بالتدريج (حز٨). وكأنه لا يريد ان يفارقه ويتمسك به، او ليصور لنا انه يفارقه على مضض. فبعد ان رأى حزقيال مجد الرب في هيكله (حز٨: ١)، رآه يفارقه بالتدريج "فجاء بي إلى مدخل باب بيت الرب الذي من جهة الشمال، وإذا هناك نسوة جالسات يبكين على تموز." وصعد مجد الرب من على وسط المدينة ووقف على الجبل الذي على شرقي المدينة.. (حزقيال ١١: ١٤و٢٣). وهكذا زال المجد عن اسرائيل تدريجيا.
 
ويقول الحكيم "الكثير التوبخ، المقسي عنقه، بغتة يكسر ولا شفاء.. (الأمثال ٢٩: ١). هنا جاء السقوط بغتة بعد سلسلة طويلة من القساوة وعدم الاستجابة للتوبيخات الكثيرة.

ونجد ارميا يستخدم بابل وهي رمز للشر ليعلمنا عن المصير الصعب الذي ينتظر الاشرار الذين يتقسون في الشر "سقطت بابل بغتة وتحطمت. ولولوا عليها. خذوا بلسانا لجرحها لعلها تشفى!. داوينا بابل فلم تشف. دعوها، ولنذهب كل واحد إلى أرضه، لأن قضاءها وصل إلى السماء، وارتفع إلى السحاب.. (إرميا ٥١: ٨- ٩).

فالله يمنح الفرصة تلو الفرصة. ويعطينا زمانا كافيا للتوبة "وأعطيتها زمانا لكي تتوب عن زناها ولم تتب.. (رؤيا ٢: ٢١).
ايضا جاء العقاب في سفر الرؤيا بالتدريج. فالابواق تسبق الجامات والاثنين يسبقهما فك الختوم.

٢- التدرج في النعم:
نجد حزقيال يتذوق ملء الروح بالتدريج، وهو يستخدم رؤيا ليعلن ذلك، فيقول "وعند خروج الرجل نحو المشرق والخيط بيده، قاس ألف ذراع وعبرني في المياه، والمياه إلى الكعبين.." ثم عاد و " قاس ألفا، وإذا بنهر لم أستطع عبوره، لأن المياه طمت، مياه سباحة، نهر لا يعبر.. (حزقيال ٤٧: ٣- ٥).
وان كان الله قد فارق بيته بالتدريج ، لكنه سيعود اليه بغتة في اليوم الاخير وعن هذا يقول «ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي، قال رب الجنود». (ملاخي ٣: ١)
ولذلك قال السيد المسبح عن مجيئه الثاني "لا ياتي ملكوت الله بمراقبة"(لو١١).

وفي معجزة منح البصر للاعمى في اربحا، كان من الممكن ان بمنحه البصر دفعة واحدة، ولكنه فعل ذلك التدرج. ربما ليعطي فرصة للاعمى ان بدرك العطية الممنوحة له. ربما لان الاعمى ما كان ليحتمل النعمة التي تعطى له لو اعطيت له دفعة واحدة..

وما اجمل قول النبي "في المستقبل يتأصل يعقوب. يزهر ويفرع إسرائيل، ويملأون وجه المسكونة ثمارا.. (إشعياء ٢٧: ٦). لماذا في المستقبل وليس الان؟!
وباقي امثلة الملكوت توضح هذه الحقيفة فالخميرة تعمل عملها بالتدريج والشجرة تنمو بالتدريج والسنابل كذلك "ينام ويقوم ليلا فليلا تنمو من ذاتها وهو لا يعلم كيف".

وكما قال يسوع لبطرس :«لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد».. (يوحنا ١٣: ٧). فالان نعرف "الآن أعرف بعض المعرفة، لكن حينئذ سأعرف كما عرفت.. (١ كورنثوس ١٣: ١٢).

وقد تدرج الرب يسوع في اعلانه عن نفسه للسامرية. فهي ظنته مجرد رجل يهودي ثم نبي "العلك مثل ابينا يعقوب" ثم أدركت انه "المسيا" مخلص العالم..

وأنا درجت أفرايم ممسكا إياهم بأذرعهم، فلم يعرفوا أني شفيتهم..كنت أجذبهم بحبال البشر، بربط المحبة، وكنت لهم كمن يرفع النير عن أعناقهم، ومددت إليه مطعما إياه.. (هوشع ١١: ٣و٤)