الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في أن حياة الإنسان قصيرة ومجهولة الأجل



ما هي حياة الإنسان ؟ (أنها بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل"يعقوب15:4". على حد قول الكتاب المقدس  إن السنوات التي تبدو طويلة ، قصيرة هي بعين الله ، لأن الله لا يحصيها كما تحصيها أنت لقد كان يوم سُمّي اليوم : ابتداءً منه إلي يومنا هذا ، كلّ ما كان مستقبلاً أصبح ماضياً وكأنه لم يكن . وهلم جرا حتى النهاية.
فليكن هذا الوقت بمقياس ما تصورُه مخيلتُك وبقياس ما تقول وتفكر وتحدد ، وطولّ حياتك ما شئت . ثم بعد أليس لك يوم أخير من عمرك ، تترك فيه هذا الجسد وتنبسط إلي البعيد البعيد؟ وماذا يعني العمر الطويل ها هنا إذا لم يبلغ الإنسان الشيخوخة ؟ وما فائدتك منه طالما أنه يؤدي بك حتماً إلي الشيخوخة؟ مهما بدا لك الوقت طويلاً فلابد من أن تعترف بقصره متى أتاك الموت وأنتهي أجلك.
قصير هو كل يعبر ويزول . هبْ أن آدم بقي حياً رزق حتى أيامنا هذه ثم مات ؛ فماذا ينفعه طول عمره؟
تأمّل فيما لو بقي عمر واحد : يريد الأطفال أن يكبروا ولا يدرون أن حياتهم تنقص كلما توالت فيها السنون.
السنون لا تزداد مع العمر ، بل تُستخرج منه كمياه النهر التي كلما تقدمت في الأرض ابتعدت عن ينبوعها.
أن أقبل عمرُّ أدبر آخر : إذا أقبل الشباب أدبرت الطفولة ، وإذا أقبلت سن المراهقة أدُبرت الطفولة وإذا أقبلت الشيخوخة أدُبر الشباب وإذا أقبل الموت أدُبرت كل حياة.
إن شئت أن تعيش عدداً أكبر من السنين تمنيت أن تطوي لنفسك أكبر عدد من الأوقات.
لا يثبت عمرنا على حال : تعب دائم وملل دائم وفساد في كل مكان . ومع ذلك تتمني العمر الطويل ولا تخشى الحياة الشريرة لأنك تريد أن تعيش طويلاً وإن شراً أنك تبحث عن شر مديد فلما لا تبحث عن خير مديد؟
وتقول : بعيد هو يوم موتي ـ ومن ذا الذي أنبأك بأن يوم موتك بعيد ؟ ومن أين لك أن تقول أن موعد أجلك بعيد ؟ ألا تحمل في جسدك علة موتك؟ ألست أسرع عطباً من الزجاج؟ ومع أن الزجاج سريع العطب فحفظُة ، طويلاً ، ممكن كم من كؤوس خلفها لك الآباء والأجداد وشرب فيها الأحفاد وأبناء الأحفاد ثم حُفظت طويلاً مع أنها سريعة العطب أما أنت أيها الضعيف السائر عرضة لأخطار كثيرة ، كل يوم وإن لم تفاجئك الأخطار فلست قادراً على أن تعيش طويلاً.
يموت الناس كل يوم : يشيع الأحياء موتاهم ويحتفلون بجنازاتهم معللّين أنفسهم بالحياة ولا يقول واحد منهم : على أن أصلح نفسي كيلا أكون غداً نظير من أشيعه اليوم.
أعمل إذن يا بنيّ وأصلح ميولك الشريرة ، ليكن الخوف فيك الآن طالما لا بد من الخوف.
إن كان يوم الدين بعيداً فيومك الخير لن يكون بعيداً والحياة قصيرة وطالما أن مدة حياتك مجهولة فإنك ليومك الخير جاهل أيضاً .
أصلح ذاتك اليوم من اجل الغد ـ أنك تعمل إلي زمن ولست تعمل إلي الأبد تعبك قصير أما سعادتك فإلي الأبد إلي زمن حزنك أما فرحك فإلي الأبد.
إن فرحت في الزمن فلا تثق بهذا الفرح وإن حزنت في الزمن فلا تيأس . لا تفسدنَّك السعادة ولا تحطمنَّك الشدة. 
إلعازر والغني: كم طال شقاء العازر؟ وكم دام غني الغني العائش كل يوم في رغد يلبس البرفير والأرجوان ؟ لقد تبادلا ما هو إلي الأبد.
لسنين معدودة شقاؤك ؛ إنما لن تنقصك التعزية ولن تحُرم الأفراح. لكن ، لا تفرح بالعالم بل أفرح بالمسيح وكلمته وشريعته.
سر مؤمناً وأصلح أخلاقك وعش كمسافر وأعلم أنك راحلُّ تخطأ قليلاً . لا تتهاون في عملك الآن ليكون فرحك إلي الأبد.