الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في أن ساعة الموت المحتوم مجهولة



هل اثبت من الموت على الأرض؟ تأمل ما في هذه الحياة من خير وشر ، تأملّ في البر وفي الإثم هل من شيء ثابت ها هنا كالموت؟
لقد أحرزت تقدماً فصرت تعرف ما أنت عليه اليوم وجهلت ما ستؤول إليه غداً .
إن طلبت مالاً فلست تدري إن كنت ستحصل عليه.
وإن طلبت زوجة فقد لا ترضي بها ، وتجهل ما قد تكون.
وإن طلبت بنين فليس من الكيد أن يولدوا وإن ولدوا فليس من الكيد أن يعيشوا وإن عاشوا فلست تدري إن كانوا من الناجحين أم لا؟
أنيَّ توجهت وجدت كل شيء مجهولاً : الموت وحده ثابت.
أنت فقير ؟ من يدري إن كنت ستصير غنياً؟
أنت أمّي ؟ من يدري إن كنت ستصير مثقفاً؟
أنت مريض ؟ من يدري إن كنت ستتعافى؟
وماذا يفيدك هذا الكلام وأنت عالم بأنَّ يومك الأخير آت حتماً ؟ يحسن بك أن تنتظره وتجهل أجله وتستعد باطنياً بحياة صالحة حتى تحب ذاك اليوم ولا تخاف منه.
أنت مولود؟ ستموت حتماً ، وبما أن الموت محتوم فأجله مجهول . وكما أنه يزيد في شقاء الكفرة هكذا يضع حداً لشقاء الصابرين . من أية فئة تريد أن تكون؟ عليك أن تختار الآن طال لما يسعك أن تختار ، أما بعدئذ فلا.
اختر في الوقت المناسب طال لما أن الله يؤخر ، ما يخفي ، برحمةً منه وكيف تخطأ مرجئاً توبتك من يوم إلي يوم برغم أنك تجهل يومك الأخير؟
أيا كنت ، يا من لا يريد أن يصلح نفسه الآن ، بماذا تعدُ نفسك وماذا تقول؟ أعيش على هواي فترة من الزمن وجيزة ثم أصلحُ ذاتي ، طال لما أن النبي يقول(ليست مرضاتي بموت الخاطئ لكن بتوبة المنافق عن طريقه فيحيا).
يمحو الله جميع آثامي متى تبتُ إليه ، فلما لا أضيفُ إلي أفراحي هذا النزر اليسير. ولما لا أعيش على هواي مدةً أطول ، طال لما أن التوبة إلي الله أمرُّ لا بد منه ؟ ولما تقول هكذا؟ لأن الله وعَدني بالصفح إنْ أنا غيَّرتُ حالي.
إني أري وأدرك أن الله وعد بالصفح ، وعدك به على يد النبي القديس كما وعدك به بواسطتي أنا أحقر عبيده: ولقد أعطي هذا الوعد أيضاً بواسطة ابنه الوحيد.
وهل تزيد أيامك شراً على شر ؟(يكفي كل يوم شره)"متى34:6) أمس شرُّ واليومَ شرُّ وغداً شرّ.
أتظنها أيامَ  خير تلك التي تشبعها من الملذات ؟ أتظن أنك تُحْسن استعمال يومك بتناولك وليمة فاخرة؟ وهل يكون النهار صالحاً إذا كان الإنسان شريراً ؟ أتريد أن تزيد الأيام شراً على شر؟
إن كان الله قد وعدك بالصفح ، فمنَ يضمنُ لك العيش إلي الأبد؟ اقرأ على من الأنبياء والإنجيل والرسول حيث يقولون أن الله يمحو خطاياك كلها حين تتوب إليه : اقرأ علىَّ الموضع الذي يعدك فيه بأن تعيش للغد ؛ ثم عش يومك هذا على هواك ، مع انه ليس لي أن أقول لك: قد تكون حياتك طويلة وإن كانت طويلة ، وإن كانت طويلة فلتكن صالحة ، ولماذا ترغب في حياة طويلة وشريرة؟ أمَّا أن تكون هذه الحياة قصيرة  وتفرح بحياة طويلة ، لا نهاية لها وأما أن تكون طويلة ، وأي شر آنذاك إذا عشت طويلاً بالصلاح؟
أتريد أن تحيا حياةً شريرة وطويلة ، وتأبي أن تحيا حياة صالحة مع العالم بأن يومَ غد لا أحد يعدك به؟
أصلح ذاتك وأصغ إلي الكتاب المقدس :(لا تؤخر توبتك إلي الرب"بن سيراخ8:5"). أن هذه الكلمات ليست منى بل أنها موجهه إليًّ . أن شئتهُا أنا فهي لي ، وإن شئتَها أنت فهي لك . وقولي هذا هو من الكتاب المقدس الذي أنا احتقرته شكاك . ولكن اسمع قول الرب(أسرع وصالح أخاك "متى25:5"). فليسمع الجميع أني أردد على مسامعكم قول الكتاب الإلهي.
أيها المتواني الشرير ، يا من يتمنى لنفسه إحصاءً شريراً ، اسمعْ كلام الرب القائل واسمع تحذير الكتاب المقدس ، من هذا المكان أراقبك :(لا تؤخر توبتك إلي الرب ولا تتباطأ من يوم إلي     يوم"بن سيراخ8"5"). أتظن أنه لا يري أولئك القائلين(اليوم شرُّ وغداً برُّ) وفي الغد ستقول أنت الكلام عينه.
لا تؤخر التوبة إلي الرب ولا تتباطأ من يوم إلي يوم لآن غضبة يأتي بسرعة ويهلكك في زمن انتقامه . أأنا كتبت هذا الكلام؟ وهل يمكنني أن أمحوه؟ إن محوته خفت من أن أعود إلي العدم.
يسعني أن اصمت ولا أنطق بهذا الكلام ، إنما اخشي سكوتي لأني مضطراً إلي التبشير به خائفُّ أنا خَفتْ أنت معي كي تفرح معي.
لا تؤخر التوبة إلي الرب . تأمّلْ بما أقول : رب ، أصغ إلي كلامي ، رب ، أنت عالم بما أصابني من خوف لدي مطالعة نبيك.
من فوق هذا المنبر أقول : لا تؤخرّ التوبةَ إلي الرب ، ولا تتباطأ من يوم إلي يوم لأن غضبه يأتي عاجلاً وفي زمن انتقامه يهلكك.
ولا تقل لي : أريد أن اهلك أنا لئلا تهلك أنت ، رفضي أفضل من إرادتك . واسعة هي رحمة الله تحثك على أن تحيا بالبر . أنه يخفي عنك يوم موتك لئلا يعدك بشيء للمستقبل.
أعمل اليوم وأعيشُ اليوم ، وغداً لن أعمل . وماذا يحدث إن لم يكن غد؟ واسعة هي رحمة الله لنه جعل كل يوم من حياتك مجهولاً لئلا تعرف تاريخ أجلك ، يا من تنتظر الموت كل يوم لابد وأن تتوب إليه : وتلك هي رحمة الله الواسعة.
لو أنه أعلن لكل إنسان عن يومه الأخير لكانت الخطيئة تكاثرت بسبب راحة البال . ولذلك فبحكمة منه بقي يوم الموت مجهولاً : فكّر في يومك الأخير تفكيراً خلاصياً ، برحمة منه أنت تجهل يوم موتك ، يوم أجلك . لذلك يجب على المرء أن يكون يقظاً طوال أيام حياته.