الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في بطلان الخيرات الزمنية


مع أن حياتنا هذه شاقة وفانية فلها حلاوتها ، فإذا لم تتمكن من التخلص من الموت ، تحاول بجد واستمرار أن لا تموت باكراً .
أنت لا تستطيع أن تمنع الموت عنك ، إنما تعمل ما بوسعك لكي تؤجله . ولماذا يتكبد الناس مشّقات كثيرة ، قياماً بما هو ضروري لوجودهم ، فيخضعون للطب مثلاً ولسواه من الخدمات التي يفرضها المرض عليهم أرجاءً لساعة الموت عنهم؟؟
ثمن الموت في الآخرة:ـ وما هو ثمن الموت في الآخرة إن كان تأخير أجله ها هنا يتطلب هذا الثمن الباهظ؟؟
إن كان يقصد بهذا الدوىّ مجداً عالمياً فما أشبهه بسقسقة الماء بين الحصى تأمله يجري وأنظر إليه منحدراً وإذا تأملته جارياً منحدراً فاحذر من أن يجرفك معه لا تكترث لنهر يجري بسرعة إلي مصبه الله عشب :ـ لأن كل بشر عشبّ ومجده كزهر الصحراء {العشب قد يبس وزهره قد سقط}أشعياء6:40-7"}.
العشب يخضر شتاءً وييبس صيفاً ، فأنظر إليه ، لا أسرع منه إلي الزوال . وهل أبهي منه وأشد اخضراراً ؟ لا تفرح به مخضراً بل خف منه يابساً.
الخطاة .. أجل الخطاة كالعشب يزهرون ، والحمق ينظر إليهم فيقتدي بهم وإذا أراد أن يزهر معهم في الزمن ، هلك إلي الأبد.
ولماذا يتيه كبْراً الذي يزُهرُ الآن ثم لا يلبث أن ييبس ؟ خير لك أن تحوّلك رحمةُ الله من عشب إلي ذهب . وأي نفع لك من كل ما هو زمني فإن ؟ سواء أكان فضة أم لذة بطن ولسان ، أم مجداً تجنيه من مديح الناس لك ؟ أليس هذا كله دخاناً وريحاً ؟ ألا يزول سريعاً؟ الويل لك إذا تمسكت بما يزول  فإنك تزول معه ، ألا يشبه نهراً سريعاً يثب إلي البحر ؟ الويل لك إن وقعت فريسة له ، جرفك إلي القعر.
الأبرار / أما إذا زال العشبُ وانقضى زهرُ الخطاة فماذا يحل بالأبرار؟{الصديق كالنخلة يزهو وكالأرز في لبنان ينمو} "مزمور13:29". جمالُ النخلة في جذعها ، وفي التراب جذورها القاسية أما أغصانُها العَّالية فهي تناطح السحاب . وهل تجف النخلة والارزة لشروق الشمس عليهما في حين أن الزوابع لا تستطيع أن تحنى رأسيهما؟؟
أيها الشقي المولع بحب العالم لا تغتر بسعادة الكفرة وزهر العشب ، ولا تحسد من يسعدون إلي حين  ويشقون إلي الأبد .
أختر لنفسك :ـ تأملًّ إن كانت أصولك راسخة في بيت الرب وأردت أن تزهو كالنخلة وتنمو كأرز لبنان أو أن تيبس كالعشب تحت حرارة الشمس.
إن لم تشأ أن تكون عشباً بل نخلةً وارزةً فليطمئنًّ باطنُك وتأمَّلْ في ما أقوله لك ؛ لأن الله أزلي يرأف بالخطاة الكفرة ويقودهم إلي التوبة ، أنه يجلد الصالحين ويوجّهُهم إلي ملكوت السماوات ، ولا يظلم أحداً فلا تخف .
لا تضطرب بل اطمئن : وهل يجلدك الآن ، إلا ليخلصك من نار الأبد؟ وهل يصبر على الشرير الآن إلا ليسمعه هذا الصوت القائل : أذهبوا إلي النار الأبدية؟
لا تقلق لتلك الأفكار بل اطمئن وقل :{عادل أنت أيها الرب إلهي ولا إثم فيك البتة}"مزمور13:92".
لا تغترَّ بأفراح هذا الدهر فهي أضغاث أحلام : أبناء الدهر يستمتعون بنومهم وإذا أبوا يستيقظوا حين تكون لهم من النهوض فائدة ، فسوف ينهضون ساعة لا يشاءون ،  ويدركون إذ ذاك أن أحلام هذا العالم بأسرها باطلة وزائلة على حد قول الكتاب :{نام رجال الثروات ولم يجدوا أيديهم}مز5:75".
ومنهم من لا ينامون بل يغفون ويكفون عن محبة الخيور الزمنية ثم يقعون في حبها من جديد وغالباً ما يحنون بسرعة رؤوسهم كالغافين.
أما أنت فاسهر وانفض عنك غبار النعاس لأنك إذا حلمت تعرضت للسقوط . ولمَ تخاف من خراب ممالك الأرض ؟ السماء أعطتك مواعيدها لئلا تهلك مع من في الأرض . إن ترددت في العمل فأثبت على الرجاء وإن أقلقك العمل فلتكن المكافأة حافزاً لك .