الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في أن ما فيك يظهر واضحاً أمام المسيح الديان



سوف يأتي سوف يأتيُّ يوم يخضع فيه كل شيء للقضاء : إن كان هذا اليومُ بعيداً في الزمن فهو قريب من كل إنسان لأنه أخر يوم من حياته . وشاء الله أن يظل هذا اليوم خفياً عن البشر.
إن أردت ألا تخاف اليوم الذي تجهله ، فاستعدّ لمجيئه . شاهدُك الوحيدُ ، ضميرك . فلا تخفْ بين القاضي وضميرك سوي قضيتك : إن لم يكن لديك دعوى سوء فلن تخشى شاهد زور ، ولن تطلب شاهد حق .
أطلب الله قاضياً لك وشاهداً ، ولن يرفض القاضي أن يكون شاهداً . وطال ما أن الشاهد هو قاض فأطلب منه أن يسرع في دعواك . انه شاهد لا يستشهد بآخر لأنه يعرفك . وهو قاض له سلطان أن يحكمَ بالموت وأن يعفو . أن يلقي في جهنم ويرفع إلي السماء ، أن يسوق مع الشيطان ويكلل مع الملائكة.
يراك الآن من سوف يحاكمك فلن تستطيع أن تغشه ويقول الله لك : احتقرتني فرأيتك وكفرت فلم أسحب دعواي بل أرجأتها وما تراجعت عنها.
رفضتَ تعليمي فذقْ تهديدي : لو أنك قبلت تعليمي لما كنت تكبدت العذبات التي حدثتك عنها بل الخيرات التي وعدتك بها.
أنه يمتنع الآن عن أن ينتقم بل يرجئ العقاب منتظراً التوبة.
وماذا تريد أن تعمل ؟ سلْ نفسك حالاً . أدرس وضَعْك وتأمله باطنياً وضع ذاتك أمام ذاتك وافحصها من الداخل واجلس إليها وابسطها على مركبة الوصايا الإلهية وخوّفها ولا تغترّ وأجبْ نفسك بنفسك.
تأملْ نفسك منذ الآن وافحصها ، لأن الله يدينك علناً ساعة مجيئه. وماذا يصنع بك متى قاضاك؟ يريك ما لا تري الآن . لو انك فحصت ذاتك بحسب الحق وما رضيت بها لكنت أرضيت الآن الله ولكن بما أنك عميت فارتضيت بذاتك ، فلن ترضي الله ولن ترضي ذاتك : لن ترضي الله ساعة يدينك ولن ترضي ذاتك ساعة تحترق بالنار.
وكيف يقنعك ؟ يضعك أمام نفسك ، ولماذا تخفي نفسك عن نفسك؟ تقف إلي الوراء كيلا تري نفسك أما هو فسوف يريك ما أخفيت وراء ظهرك فيضعه أمامك لتري قذارتك وتخجل منها . ولن يبقي لك مجال للإصلاح .
كن مطيعاً ما أمكن وما دام ساكتاً لأنه آت ولن يسكت ، ومتى اتهمك فلن يبقي لك مجال للإصلاح.
أعمل الآن ما سيهددك به الله ، قم من وراء ظهرك حيث لا تريد أن تري ذاتك مختبئاً عن أعمالك وقف أمام نفسك . أصعد قوس نفسك وقاضيها واتخذ الخوف مهماز عذاب ينتزع منك اعترافاً تقول فيه لله:(أنا عارف بآثامي وخطيئتي أمامي في كل حين).
ضع أمامك ما كان وراءك مخافة أن يضعك اللهُ ديانُك بعدئذ أمام نفسك فلن يبقي لك مجال للهرب. أما إن انقضتْ حياتك بكرامة بين الناس ولم يجدوا فيها ما يستحق اللوم العادل تبدأ محاكمتك ، وفقاً لقاعدة فيتفحصك بنظره ويجد فيك ما لا يرضاه القاضي حتى ولو لم يجد فيها حسُك الباطني ولا الناس ما يستحق اللوم . وإذ تخشى هذه الأمور تضطرب ، فيسرّ إليك عقلك قائلاً : ولما تخشى وأنت لا تستطيع أن تتحاشاها بالتمام؟
أرجُ الله وضع ثقتك فيه : الصلاة تشفيك من بعض الأخطاء ، والاعتراف الصادق ينقيك من البعض الأخر.