اللهم ، فيًّ أري البداية ، فلمَ أقنط من النهاية ؟ وفيّ الخوف إنما مخافتك رأس الحكمة لقد بدأت أخاف فعليّ أن أصلحَ نفسي واحذر أعدائي ، أي خطاياي ، وابدأ حياةً باطنية وأميت أعضائي على هذه الأرض. مخافتك تجرح النفس كما يخرج مبضعُ الطبيب جسم المريض لينزع منه ما فسد فيه ، فيبدوا مثخناً جراحاً ، ويفوق ألمُ جرح يُداوي ألمَ جرح مهُمَل . ويعرف الإنسان دواءه فيحزن حزناً يفوق حزنه على ألم يتلوه شفاء.
املأ قلبي من مخافتك ووجّهه إلي محبتك ؛ وأجعله ينسى أثر جرح مبغضك لأنك طبيب لا يُخلّف جرحه أثراً .
فلَيكن الخوف فيَّ ، قبل أن تنفي المحبة الكاملة الخوف عني : إني لأؤمن وأدرك أني سائر بعيداً عنك في جسمي هذا الفاسد الذي يثقل علىًّ . بقدرْ ما أدنوا من الوطن الذي أصبوا إليه يضعف الخوف فيَّ خوفُ المسافرين قوي ، وخوف القريبين ضعيف . والذين بلغوا غايتهم لا يخافون إني أخاف ممن يقتلون الجسد ، وبخاصة ممًّن يقتلون الجسد ، وبخاصة ممَّن يمكنه أن يلقي النفس والجسد في جهنم.