نشأته:
القديس يوحنا هو مبشر وكاتب وناشط ديني واجتماعي ولد في 19 اكتوبر عام 1829 في روسيا. كان الطفل الاول لعائلة فقيرة تخدم في الكنيسة. بدأ الدراسة عام 1839 بالمدرسة الدينية بارخانغلسك التي انهاها بدرجة امتياز، بعدها دخل الى مدرسة اللاهوت في المدينة وانهاها عام 1851 ، وكان الثاني بين الخريجين ولهذا ارسل للدراسة في اكاديمية اللاهوت بمدينة بطرسبورغ والتي تخرج فيها عام 1855 بدرجة دكتوراه في اللاهوت. وحسب ماجاء في سيرته الذاتية التي نشرتها بطريركية موسكو فقد قرر وزوجته ان يظلا بتوليين.
خدمته:
اراد ان يدخل حياة الرهبنة ويعمل في التبشير بالمسيحية بين شعوب سيبيريا وامريكا. ولما علم ان سكان العاصمة يعلمون عن المسيح بقدر علم الوثنيين قرر البقاء فيها . بعد ذلك ارسل الى كرونشتادت ( ميناء غير بعيد من بطرسبورغ ) وهو المكان الذي كان يرسل اليه الفقراء والكادحون. وفي كرونشتادت كان القديس يوحنا يزور اكواخ ومساكن الفقراء. كما هدأ من روع الامهات وساعد في تربية اطفالهن، وقدم لهن مساعدات مالية، وكان يوزع كل مرتبه على الفقراء، وعندما لم تبق لديه اموال كان يخلع جبته وحذائه ويعطيها للفقراء، ويسير هو حافيا. ادى هذا الى ان الكنيسة كانت تسلم مرتبه الى زوجته في اكثر الاحيان.
في 12 ديسمبر عام 1855 اصبح يوحنا كاهنا في كاتدرائية القديس اندرييف بكرونشتادت حيث بقي في هذه الكاتدرائية مدة 53 سنة اي الى ان وافاه الاجل. وكان قد اصبح في عام 1894 رئيسا للكاتدرائية المذكورة.
وكان منذ بداية عمله ككاهن يصرف امواله على الفقراء والمحتاجين حتى انه اسسس عام 1880 " بيت محبي العمل"، ومدرسة للفقراء، ودار ايتام . كما كان الاغنياء في بطرسبورغ يدعونه لاقامة القداس في المدينة، وكان ذلك يسبب في بعض الاحيان جدالات حادة مع كهنة المدينة ومطران بطرسبورغ ايسيدور.
اضحى الاب يوحنا ذا شهرة واسعة في البلاد، فحيثما حل كانت الجماهير تحتشد لاستقباله والتبرك به. ولم يتعمد الشهرة حتى انه كان يقطع الاتصال بمن يمتدحه ويمجده. وطلب عدم الكتابة عنه في الصحافة وعدم التجمهر حوله. لقد كان سبب شهرته هو قدرته على شفاء المرضى وعمل المعجزات. فلقد بدأت الصحافة تكتب عن ذلك منذ عام 1875م. ويقول شهود عيان انه بالاضافة الى شفاء المرضى بعد صلواته، كان المستمع يشعر بصفاء الفكروالروح، كما انه شفى مصابين بمرض "الحمى السيبيرية"، وانه كان يؤثر في الطبيعة، فيقال انه خلال احدى جولاته، وصل الى بلدة اخبره اهلها ان الامطار لم تهطل عندهم منذ 3 اشهر، وبعد ان صلى معهم هطلت امطار غزيرة مما جعل كثيرين يركعون خلال توديعه.
ازدياد شهرته ونشاطه واعماله الخيرية، ادى الى زيادة التبرعات المالية المباشرة والمرسلة له عن طريق البريد. ويقول شهود عيان ان الاب يوحنا كان لايبالي بالاموال، فمثلا كان يستلم المال في ظرف مغلق، وقبل ان يفتحه لمعرفة محتواه كان يسلمه الى محتاج، وكان هذا يسبب ازعاجا للمتبرعين في بعض الاحيان.
كان الاب يوحنا يتبرع بالاموال الكبيرة الى بناء المدارس ودور الايتام وصيانتها والمؤسسات الصحية والاديرة والكنائس ،كما كان يتبرع الى الطوائف الدينية الاخرى (التتار واليهود). وكان يقول: " ليس عند الله لا اغريق ولا يهود. وانا لا املك المال. انهم يتبرعون لي وانا اتبرع به ، وفي اكثر الاحيان لا اعرف من المتبرع ومن اين ذلك ،وانا اتبرع به للجهة المحتاجة الى هذا المال عسى ان يفيدها بشئ.
العلاقة مع الاباطرة الروس:
في 8 اكتوبر / تشرين الاول عام 1894م، وصل الاب يوحنا مع اولغا ملكة اليونان والاميرة الكساندرا يوسيفوفنا الى شبه جزيرة القرم، قبل وفاة القيصر الكسندر الثالث الذي كان يعاني من مرض عضال. وبرأي بعض الباحثين فقد جعلت هذه الزيارة من الاب يوحنا منيعا امام الانتقادات التي كانت توجه اليه لغاية هذا الوقت من قبل المسؤولين الدينيين، اضافة الى ان الزيارة عبرت عن افكاره السياسية. شارك الاب يوحنا في 14 مايو/ ايار عام 1896 بالقداس المقام بكاتدرائية صعود العذراء بالكرملين، بمناسبة اعتلاء الامبراطور نيقولاي الثاني وزوجته الامبراطورة الكساندرا فيودوروفنا العرش.
النشاط الاجتماعي – السياسي:
في عام 1903 انتقد والاسقف انطوني مذابح اليهود في كيشينيوف بمولدافيا، مما ادى الى حقد المتطرفين اليمينيين الروس وشجبهم لموقفه. رحب الاب يوحنا بتأسيس "اتحاد الشعب الروسي" ( منظمة ملكية كبيرة تأسست عام 1905 ). وفي عام 1907 انضم الى هذا الاتحاد حيث انتخب في 15 اكتوبر/تشرين الاول عام 1907 عضو شرف مدى الحياة فيه. وكان يساهم بنشاط في عمل هذا الاتحاد ، وكان يخطب في الاجتماعات الملكية ويشارك في طواف الصليب.
الانتقادات في وسائل الاعلام:
تعرض الاب يوحنا قبل وفاته بثلاث سنوات الى انتقادات حادة، وذلك بعد بيان 17 اكتوبر عام 1905 - الذي كانت نتيجته قيام الثورة الروسية الاولى- حول حرية الضمير. بدأت الصحافة بنشر مقالات تهاجم الاب يوحنا مع رسوم كاريكاتورية بسبب دفاعه عن الكنيسة والدولة، ومن اسباب هذه الحملة ايضا هو مهاجمته للديمقراطية وحرية الصحافة وغير ذلك.
الوفاة:
مرض 4 سنوات بمرض المثانة ثم توفي في 20 ديسمبر عام 1908 عن عمر ناهز الـ 80 عاما.