انا هو نور العالم
ان حجر الزاوية في المسيحية هو اﻻيمان بلاهوت المسيح. ولو سأل سائل: اين هي البراهين على ان المسيح هو ابن الله؟ لكان الجواب بلا جدال: قيامته من بين اﻻموات "وتعين ابن الله بقوة بقيامته"(رو1). ومع هذا فانه توجد براهين ﻻ تقل اهمية عن القيامة، اﻻ وهي كلام المسيح عن نفسه. كثيرا ما نجد المسيح يستعمل اقواﻻ عن نفسه ﻻ يمكن ان نتفهم معانيها ما لم نسلم بلاهوته. ومن ضمنها قوله "انا هو نور العالم".
يقول المسيح "انا هو نور العالم" فماذا يكون حكمك؟ تقول هذا هراء!. ضع هذه الكلمات على فم سقراط. او على فم اي من عظماء العالم، ستجد على الفور مكانته تسقط.
باي الوسائل يمكن ان يقارن المسيح بالنور؟
اوﻻ، اﻻرسالية التي جاء لينجزها:
ما هو عمل النور؟ انه يعلن اﻻشياء على حقيقتها، ويجعل في مقدور اﻻنسان اتمام واجبات الحياة ومطالبها. لهذا جاء يسوع لينير العالم، بل ليوضح للعالم 4 اشياء:
1- جاء ليعلن الله: ان الخطية حجبت الله عنا. واصبح كل شئ ذا قيمة نعرفه عن الله من قبل الحدس او التخمين. بل ان معرفتنا كان هكذا المسيح بناموس الحياة يفيض في مكامن النفس بنوره، وتتضح للانسان حالته في بعده وتيهه عن الله. لما جاء المسيح تكشفت امام اﻻنسان ادناسه وبشاعتها.
3- جاء ليعلن السماء: قبل مجئ المسيح كانت الظنون تخبط خبطا عشوائيا حول المستقبل والحياة. لقد انسدل على المستقبل ستارا كثيفا فكانت امنية البشرية الالتائهةضاربة في بيداء الظنون واﻻوهام ان ياتي اليوم الذي يوضع فيه حد للمساوئ واﻻﻻم ويسود العدل والسلام. “انار المسيح الحياة والخلود" اورد اﻻنسان الى جادة الصواب.. لتنعم البشرية بالسعادة. ليس هذا ما جاء المسيح لينجزه ﻻنه لو وقف عند حد اعلان الله في قداسته واﻻنسان في نجاسته والنعيم في سعادته ، لبقى اﻻنسان في شقاء، تحرك فيه اﻻلم كوامن اﻻلم ، ﻻنه حبيس الشك سجين والياس. لذلك:
4- جاء المسيح ليعلن الطريق الى الله:
بمجيئه انقشع الظلام ومزق الستار.. ومن هنا نعرض الحقيقة الثانية في هذا التصريح الخطير:
ثانيا، العمل الذي اتمه:
لقد راينا فيما سلف ما جاء ليعمله. وهنا نتامل في حقيقة ما فعل. اﻻن نبحث في النور ذاته:
1- النور مجاني: اننا ندفع ثمنا ﻻغلب حاجيات الحياة، حتى النور ندفع ثمنا له. نور الشمس مجاني. هكذا نور اﻻنجيل المبارك جاءنا فضلا بلا فضة وﻻ ثمن.
النور حلو: “النور حلو"ما اعظم الفرق الذي يحدثه نور الشمس او احتجابها! بل ما اعظم السرور الذي نشعر به في يوم مشمس!واذا ما احتجبت الشمس مدة طويلة فما اعمق الفراغ الذي نحس به، وما اجمل التقير الذي يتولد فينا لدى عودتها الينا!
وهذا هو الحال معنا بالتمام ازاء شمس البر الذي يوزع اشعة الغفران والسلام والرجاء فائضا فينا بفرح ﻻ ينطق به ومجيد.
3- النور عام شامل: من مشارق الشمس الى مغاربها. هكذا المسيح نور العالم. ليس هناك من يستطيع ان ينتحل عذرا لعدم امكانه التمتع بنوره.
4- النور ضروري: ان العالم ﻻ يمكن ان يحيا بدونه. فهو عماد الحياة البشرية . كما ان اﻻزهار واﻻشجار ﻻ تنمو اﻻ به. من يسلك في الظلام يجر عليه عواقب وخيمة فيمكن ان يعثر او يسقط في وهدة عميقة.
وعد جليل
“من يتبعني فلا يمشي في الظلمة"
الظلمة، ما هي؟
1- ظلمة الخطية: هذا ما كان يعنيه اشعياء بالظلام الذي يغطي وجه اﻻرض والظلام الدامس الذي يغشي قلوب البشر.
2 – ظلمة اﻻحزان: اﻻحزان ايا كان نوعها. احزان المرض، الفقر، الموت.. كلها نشات عن الخطية.
3- ظلمة الشك: ان المتاعب والشك تحلق فوق الكثير من الناس، وﻻ يستطيعون لها حلا. فالى الذين عذبتهم هذه الثلاثة – الخطية والحزن والشك. نقد الوعد المتضمن في هذا الوعد الجليل "نور الحياة" نعم. فمهما كانت ظلمة الخطية حالكة، فان المسيح يستطيع ان يقشعها..
ا- هذا النور في متناولنا جميعا:
ب- انه كاف: في كل خطوة من خطوات الحياة تعترضنا الصعاب لكن المسيح كفايتنا ﻻن قوته في الضعف تكمل.
انه ﻻ ينطفئ: كل اﻻنوار اﻻخرى تنتهي. حتى الشمس يوما ما ستغيب وﻻ تطلع فيما بعد. لكن الهنا "هو هو امسا واليوم والى اﻻبد" ذاك الذي اضاء حياة هابيل واخنوخ ونوح..
شرط بسيط
“من يتبعني" مع ان المسيح هو نور العالم اﻻ انه ليس كل واحد يتمتع بهذا النور. اﻻ من يتبعه. ما معنى اتباع المسيح؟
1- يجب ان نؤمن بالنور (يو12: 36). علينا ان نسلم ذواتنا له بالتوبة، ونفتح قلوبنا ليدخل نوره فيبدد كل ظلمة.
2- يجب ان نسلك في النور: هل نحن متممون للشروط باتباعنا المسيح؟ ﻻحظ قول "من يتبعني". ان اﻻمر شخصي بين الفرد والمسيح. ليس من يتبع فلانا ..”ان الله نور" .. هل توجد خطية في حياتنا تجعلنا نوصد دونه كل النوافذ مثلما يفعل من ذهب للنوم حتى ﻻ يعاكسه النور؟
قد يهجم الظﻻم، لكن دونا نقول "اذا جلست في الظلمة فالرب نور لي"(مي7: 8). “اما سبيل الصديقين فكنور متزايد ينير الى النهار الكامل"(ام4: 18). فهلم "نسلك في نور الرب"(اش2: 5).
***
عظة الاحد الرابع
انت المسبح ابن الله الحي (يو٦: ٦٩):
لئلا يظن البعض ان لقب "ابن الله" اقل شانا من لقب "الله"، حرص الوحي على ان يذكر في كثير من المواضيع ان يسوع المسيح هو الله. ولنبين ذلك "في البدء كان الكلمة" وكان الكلمة عند الله. وكان الكلمة الله"
في قوله "في البدء كان الكلمة" اشارة الى ازليته. "وكان الكلمة عند الله” اشارة الى اقنوميته. “وكان الكلمة الله" اشارة الى ﻻهوته او الى مساواته لله.
“كرسيك يا الله" جاءت بصيغة المخاطب وهو ذاته الذي مسح بدهن اﻻبتهاج . اما كلمة الله الثانية فوردت بصيغة اخرى. فهي تشير الى اﻻب الذي اعلن سروره يوم عماد المسيح "الذي به سررت".
“يا الله" اﻻبن.
“مسحك الله" تشير الى اﻻب،
“بدهن اﻻبتهاج" تشير الى الروح القدس.