تاملات في اناجيل عشية احاد الصوم الكبير.
عشية احد الرفاع في الصوم الكبير:
اغفر لنا ..كما نغفر
تنازل عن حقك تجاه الناس لكي يتنازل الرب عن حقوقه تجاهك. في صلاتك عندما تتلو الطلبة الخامسة في الصلاة الربية "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا" قل : يا رب اعطني ان اغفر للاخرين، اعطنى الحب الذي به انس اساءات الاخرين. وتاتي هذه الطلبة في الصلاة الربية عقب طلبة "خبزنا السماوي اعطنا اليوم". فحينما نذكر الافخارستيا نتذكر حاجتنا الى المغفرة للتناول باستحقاق ونحتاج ايضا الى الصلح مع الاخرين للتاول باستحقاق.
المغفرة لا تاتي الا بالتوبة. فهل انا تائب؟ هل اصنع اثمارا تليق بالتوبة؟
واعرف ان المغفرة بعد ان تتم لا تمنع الانسان من الندم والانسحاق. قال داود النبي "خطيتي امامي كل حين" وقال بولس الرسول متذكرا ماضيه "انا الذي لست مستحقا ان ادعى رسولا لاني اضطهدت كنيسة الله"
+
انجيل عشية الاحد الاول من الصوم الكبير
يا مرائي:
يقول الشاعر:
ثوب المراء يشف عما تحته.. فاذا اكتسيت به فانك عار.
يا مرائي اطلت صلواتك واكثرت تضرعاتك، لكنك لعلة تطيل الصلاة اما تضرعك فهو مكرهة الرب.
يا مرائي ظننت انكحين عشرت النعنع والشبث والكمون انك بهذا قد قدمت ما يجب عليك تقديمه، لكنك تناسيت ناموس الحق والرحمة والايمان.
ايها المرائي تصف البعوضة وتبلع الجمل.طعامك ممزوج بالغصب والسحق وثيابك نسيجها حرام وظلم، سوف تتمزق عن قريب فتظهرفي ريائك خازيا ومما جمعت خاويا،ومما اكلت فارغ البطن.
يا مرائي لقد عرفنا المسيح حنونا واسع القلب، لكننا سمعناه قاسيا على المرائين يصب ويلاته عليهم ويستنزل بهم اللعنات.
يا مرائي. قسوت على الناس وادنت غيرك وكان الاولى ان تدين نفسك وتخرج الخشبة من عينك.
+
انجيل عشية الاحد الثاني
كان يوحنا يعمد.
ان التوبة باليونانية ميطانيا وتترجم تغيير الفكر ، او الاتجاه. مما لا شك ان التوبة مظهر للارادة. يمكن اعتبارها الجانب الاخر للايمان. ولذلك كانت اول كلمات يسوع هي "قائلا: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات.. (متى ٣: ٢). والتوبة حياة وليست حدثا في الحياة. نحن نخطي كل يوم ولذلك نحتاج الى توبة كل يوم.
واهم علامات التوبة هي الاعتراف. اعترف نحميا بخطية شعبه موحدا نفسه بهم "وأنت بار في كل ما أتى علينا لأنك عملت بالحق، ونحن أذنبنا.. (نحميا ٩: ٣٣). واعترف الشعب معتمدين "واعتمدوا منه في الأردن، معترفين بخطاياهم.. (متى ٣: ٦). بل ان الاعتراف ممكن نعتبره اقدم وصية، حين سأل الله ادم كان يريد ان يعطيه فرصة للاعتراف لا ليبرر نفسه. وهذا ما علمنا اياه الرب يسوع في مثل الفريسي والعشار.
الاحد الثالث
القلب والشيطان
طلب سليمان شيئا واحدا (1مل3: 9) واستجاب الله له (ع11).القلب ساحة قتال وميدان معركة بين الله وابليس، هكذا صورهخ لنا المسيح في مت12 لا يمكن ان يكون ابدا ارضا محايدة- اما الله او الشيطان، هكا علم المسيح وتعلم المسيحية.
ان العلم الحديث يثبت وجهة نظر الكتاب المقدس عن الانسان كشخصية وكميدان لقوى الخير والشر المتصارعة.
ان يهوذا الخائن خرج وكان ليلا" نعم كان بالنسبة ليهوذا ليلا طبيعيا، وكان ليلا روحيا دون ان يظهر فيه نجم رجاء واحد. فذاك الذي كان يمكن ان يتالق كابهى النجوم في سماء المجد الخالد قاده الشيطان ان يشنق نفسه.
كيف نقهره؟
اولا، بدم المسيح: "وهم غلبوه بدم الخروف"(رؤ12: 11). نعم فالجلجثة دائما هي الجواب والحل لكل مشكلات الانسان. حاول ابليس ان يجعل الجلجثة الهزيمة الاخيرة ولكن يسوع جعلها ساعة المجد والنصرة الاكيدة"لكي يبيد ذلك الذي له سلطان الموت اي ابليس"(عب12: 14). ان غضب الله قد احرق ما هو حول الجلجثة حيث يمكنك انت ويمكنني انا ان نجتمع تحت صليب يسوع امنين من نيران الهلاك. ابدا سيرك الى السماء من تحت الصليب. كن قريبا من الصليب .
ثانيا، بكلمة الله: كلمة الله سيف بتار، انها سيف الروح. كانت اجابات يسوع على تجارب ابليس كلها ب "مكتوب". يقول الانبا انطونيوس (ليكن لك دائما شاهدا من الكتب المقدسة على كل عمل تعمه).
ثالثا، الصلاة: اسهروا وتضرعوا لكي تحسبوا اهلا للنجاة.."(لو21: 36). ان الركب الساجدة اقوى من الجيوش الزاحفة. واجه اباؤنا الرسل المقاومات في بداية الكرازة بهذا السلاح وغلبوا ونشروا الايمان. حقا، ان الصلاة تحرك اليد التي تحرك العالم كله. قالت القديسة تريزا (الصلاة هي التي ترفع العالم كله).
*
الاحد الرابع
الطبيعة
لقد وفر الله في الطبيعة كل ما يلزم لسرورنا "يمنحنا كل شئ بغنى للتمتع.. يعطينا من السماء امطارا وازمنة مثمرة ويملا قلوبنا طعاما ورورا". يوجهنا يسوع الى الاستفادة مما اعدته لنا العناية الالهية. يدعونا ان نتامل الطبيعة ونتمتع بجمالها. ويهو يريد بهذا اكثر من غرض اولا، نستمتع بالحياة وبهجتها. ان في الطبيعة البريئة ما يكفي لاستمتاعنا وسرورنا. وليس غرو اكثر من ان يطلب الانسان سروره من غيرها، اعني من ضروب اللهو الباطل والتي يجني منها نتائجها المريرة. ثانيا، ان ناخذ ونستخلص من الدروس والعبر ما ينفعنا. انه يريد ان نتاملها لنكتشف قدرة الله وجمال فنه ودقة صنعه وعنايته بخلقه.
ما اشد حاجة المؤمنون الى ساعات هادئة يقضونها في احضان الطبيعة. ما اشد حاجتنا الى التمثل باسحق ابينا الذي خرج ليتامل في الحقل عند اقبال المساء (تك24: 63).
ما اروع ان نقرا في صفحاتها معاني الحب الالهي للانسان ففنشد مع المرنم "اذ ارى سمواتك عمل اصابعك..
ما اشد المؤمنين في ساعات الشك والضيق ان يستلهموا من الطبيعة حديثها عن عناية الله. هكذا فعل رجال الله القديسون. يقول المرنم "لهجت بكل اعمالك. بصنائع يديك كنت اتامل"(مز143: 5).
*
الاحد الخامس
المجئ الثاني:
في هذه الايام نرى ارتداد الناس ظاهرة. في ارتدادهم عن الحق .. ارتدادهم عن الحق الكتابي وفي اتباعهم ارواح مضلة وتعليم شياطين. في سلوكهم لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها في ان واحد. ينادون بالاخلاق والانسانية وفي نفس الوقت يهاجمون الكتاب الذي يعلن الحق الالهي ولا ياتيه الباطل في اي عبارة من عباراته، الا وهو الكتاب المقدس!
من ذا الذي تفوته تلك العبارة التي تدعو للاسى التي فاه بها رب المجد "متى جاء ابن الانسان العله يجد الايمان على الارض؟!"(لو8:18). فلنصغ الى وصية الرسول "امتحنوا انفسكم – هل انتم في الايمان؟"(2كو13: 5).
وازاء مجئ المسيح يمكن ان نقول ان البشر ينقسمون الى 3 فرق:
اولا، ينكرون مجئ المسيح:
(2بط3: 3و4).
يعترفون بالمجئ الثاني لكنهم يستبطئونه: (مت24: 48-51)
ثالثا، ينتظرون ويطلبون سرعة مجئالرب: مثل هؤلاء يشتركون مع الرسول في اخر صلاة وطلبة "نعم تعال ايها الرب يسوع"(رؤ22: 20). انه اخر وعد كتابي "ها انا اتي سريعا" واخر طلبة "تعال ايها الرب يسوع" في كلمة الله الحية الباقية الى الابد.
ان العروس تنتظر عريسها باشتياق، وفي المقابل العريس مهتم ويسعى الى ان "يحضرها لنفسه..".
انجيل عشية الاحد السادس من الصوم الكبير:
"اقليل هم الذين يخلصون؟" يبدو ان هذا السؤال وجهه احد الحاضرين لا التلاميذ، وانه كان الغرض منه ايراد امر مبهم بالنسبة له لا طلبا للفائدة.
ويبو ان اليهود كانوا منقسمين ازاءهذا التساؤل ففريق منهم يرى ان الذين يخلصون هم كل نسل ابراهيم وفريق ان قلة فقط هي التي ستفوز بالخلاص. وذلك استنادا الى ان اثنان فقط ممن خرجوا من مصر هما من دخلوا كنعان – يشوع بن نون وكالب بن يفنة. وقد اراد السائل ان يعرف راي يسوع في هذه لقضية عسى ان تؤكد اجابته كثرة الذين يخلصون، فيزداد اطمئنانا ال خلاص نفسه. ويظهر من عبارة "فقال لهم" ان السائل كان ينوب عن كثيرين من حاضرين، وان السيد وجه اجابته اليهم، ويرى بعضهم ان الجواب كان يمثل عقيدة لكل الحاضرين لذا وجه الرب حديثه اليهم.
فقال لهم "اجتهدوا ان تدخلوا من الباب الضيق". لكن ما قصة (الباب الضيق)؟ وكيف فهم اليهود هذا القول؟
كانت عادة وعرفا متبعا في تلك الايام في الاعراس ان تقام ليلا، وكانت تزين البيوت بالمصابيح، ويدخل المدعوون من باب ضيق صغير يغلق عقب دخولهم جميعا اما الذين يتاخرون فكان الباب لا يفتح لهم مهما قرعوا فيقفون في الظلمة الخارجية. فطريق الله مسيج بالوصايا العشرة والطاعة للوصايا التي تضاد الطبيعة الفاسدة. طريق ضيق في الدنيا واسع في الاخرة. كثيرون يطلبون دخخول السماء بعد فوات الاوان، وهم كثيرون كما قال المسيح اكثر من مرة "واسع الباب.. المؤدي الى الهلاك وكثيرون يدخلون منه"(مت7: 13). وتتضمن كثرة الهالكين الى ان خطر الهلاك محدق بنا وانه لا سبيل الا تجنبه الا بالاجتهاد الكامل.
ثم يمضي رب المجد في حديثه فيقول "انه حين يرى اولئك رب البيت اغلق الباب بعد دخول القديسين الملكوت.. يشتاقون هم ايضا للدخول ومشاركتهم النعيم بدليل وقوفهم خارجا يقرعون "يا رب افتح لنا..".
ولكنه يرد "لا اعرفكم من اين انتم؟" كيف لا يعرف وهو خالقهم؟ انها معرفة من نوع خاص، لا يعرفون كورثة لملكوت ابيه.
ثم يمضي سيد الكل ليبين لمستمعيه الحجج الواهية التي يعتمد عليها المتكاسلون لتبرير دخولهم الى الملكوت فيقول "حينئذ تاخذون في تذكير رب البيت بما كان بينكم وبينه يوما من اسباب الالفة والموانسة.. لقد ذهبت تعاليمه بينكم صرخة في وادي قفر. لا اعرفكم خاصتي لا اعرفكم حقيقة! لقد خدعتم غيركم بالمظهر لكنكم لا تستطيعون خداعي!
"اذهبوا عني .. تباعدوا عني".
ويستفاد من هذا ان القرب من الرب هو خلاصة او قمة افراح السماء وان البعد عنه هو اشد ما يقاسي المرء من عذابات جهنم.
يستفاد من هذا ان قديسي العهد القديم سيشاركون ابناء العهد الجديد الفرح في الملكوت.
ونتعلم من القول " ان الامم ايضا شركاء في المجد.
*
انجيل عشية الاحد السابع
لماذا سعف النخل؟
يعف النخل يتميز باستقامته (استقامة الايمان) وحته (دقة التعليم) "كن امينا الى الموت..
اغصان الزيتون وسعف النخل يمثلان فضيلتين يكمل احدهما الاخر:
الفضيلة الاولى، صنع السلام والثانية استقامة السيرة .
السلام يقتضي التسامح في الحق الخاص. والاستقامة تقتضي عدم التساهل في الحق الالهي- الحق العام وحق الغير. السلام ينطوي على الرحمة واللطف والاستقامة تنطوي على الحزم والدقة والعدل. في المسيح التقى الاثنان، تصالح الاثنين معا (اف2: 14) هذا هو المسيح، وهذا هو المسيحي السائر على درب المسيح. يجمع التسامح على قدر طاقته في حقه الخاص مع التدقيق في حق الله والقريب. يقرن اللطف في غير ضعف، مع الحزم في غير عنف.
قال المسيح "مملكتي ليست من لعالم" لكي يطمئن الملوك والسياسيين انه ما جاء لكي ينافسهم عروشهم وكراسيهم. ولا جاء لينتزع منهم سلطاتهم الزمنية. انه جاء ليكون ملكا في الارض كما هو في السماء. لم يكن من الارض لانه نزل من الماء واتباعه يصيرون منتمين للسماء وان كانوا من الارض. قال لتلاميذه "لستم من العالم"
جاء يسوع من مملكته في السماء ليمد نطاقها الى الارض "ليصير ملك العالم للرب ومسيحه"(رؤ11: 15). ليست مؤامرات اليهود سوى تعبيرا عن الحرب التي اعلنها الشيطان "كرئيس لهذا العالم"(يو12: 13) على المسيح الذي جاء من السماء ليؤسس مملكته على الارض، حيث كرسي الشيطان (رؤ3: 12). صارت الحرب بين المسيح وابليس حربا على المسيحيين الذين صاروا مضطهدين ومكروهين ، عاشوا يه امناء او ماتوا شهداء.
وكذلك امى الميحيون حربا على العالم والشيطان- يشهرون به وبمبادئه ويعارضونه ويفضحونه.
وبالاجمال، امسى المسيح والشيطان على خطين متعارضين ومتعامدين – راسي وافقي. من فوق الى اسفل ومن اليسار الى اليمين "قد صلب العالم لي وانا للعالم" هي مقولة يقولها كل مسيحي.
واذ صعد المسيح الى السماء امست الكنيسة هي سفارته على الارض، تتحدث باسمه وتنوب عنه وتحويؤ اسراره وكنوز معرفته.
لنرفع صليبه فهو علم مملكته (نش2: 4) ولنرتسم صليبه امام وجوهنا على الدوام.