حياة داود،
عن قاموس الكتاب.
داود اسم عبراني معناه محبوب وسنجد انه دعى ابنه سليمان فيما بعد "يديديا" ومعناها "محبوب الرب". يمكن ان ننظر حياته في عدة مراحل.
المرحلة الاولى:
مرحلة حداثته قضاها في بيت لحم. وكان اصغر ابن من 8 بنين (1صم16: 10..) ومع اننا نرى في (1اخ2: 13-15) انهم 7 اناء ليسى فقط الا انه يرجح ان احدهم مات دون ان يعقب نسلا. وقد عرفت امه بالصلاح ففي مرتين يدعوها "امة الرب"خلص ابن امتك" و "لانني انا عبدك وابن امتك"(مز86: 16 و 116: 16).
كان اشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر (1صم16: 12). وقد كلف برعاية الاغنام واظهر تفانيا واخلاصا (1صم16: 11 و17: 34-36). وقد تمتع بالفصاحة وكتابة الشعر واجادة العزف..
وقد ارسل اله صموئيل لمسحه ملكا، فمسحه لكنه لم يجلّسه على العرش او ينادي به ملكا لئلا تثار العداوة بينه وبين شاول وهذ واضح من كلام الرب مع صموئيل فامره ان يخفي السبب الحقيقي لذهابه الى بيت لحم. لم يذكر صموئيل سبب مسح داود بالدهن المقدس الا انه يبدو ان يسى وداود عرفا الغرض من ذلك. وكان هذا نقطة تحول فقد شعر بروح الله يحل عليه الا انه لم يحتقر عمله المتواضع.
المرحلة الثانية:
وهي مرحلة خدمته لشاول فقد اصبح ضاربا بالقيثارة له. وفي تلك الفترة اشتهر ايضا بشدة الباس بسبب حداثته (1صم16: 14-18). وقد كانت هذه الفترة خير مدرسة تدرب فيها داود وتعلم اساليب الحرب والسياسة والحكم في قصر الملك. ومن هنا نرى تدبير الله العجيب. فكما تربى موسى في قصر فرعون تدرب داود في قصر الملك شاول.
ويبدو انه لم يقم مع الملك كثيرا فقد عاد الى رعاية الغنم بعدما تحسنت حالة شاول (1صم17: 15) "واما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى غنم ابيه".
وفي احد المرات بينما كان في قريته اذ بحرب تنشب مع الفلسطينيين.. وشعر داود ان الرب يسزيل العار الذي لحق بقومه بسبب تعييرات جبارهم.
بعد ان ذهب شاول لمجابهة جليات انذهل شاول وسال ابنير عن الفتى وابن من يكون؟" ولما عاد داود منتصرا وجه اليه شاول نفس السؤال فرد عليه داود ببساطة قائلا "ابن عبدك يسى البيتلحمي"(1صم17: 55- 18-1).
ويبدو ان شاول في سؤاله – لم يكن عن جهل تام به- فقد سبق ان كان يضرب بالقيثار له، ولكن ليعرف مركز اسرته لانه وعد ان يعطي ابنته زوجة للمنتصر ولكي يعفي اسرته من الضرائب (1صم18: 18).
الا ان نجاح داود اثار حسد شاول فقد راى اتماما لنبوة صموئيل (1صم18: 6-9) عن قرب فحاول ان يمنع ذلك بقتل داود بالحربة ففشل فحط من مكانته العسمرية "اذ ابعده وجعله رئيس الف"(1صم18: 13) وقد زوج ابنته لرجل اخر (1صم18: 17-19)، ثم حاول ان ينصب من محبة داود لميكال فخا (1صم18: 20-27) ثم اعلن رغبته في قتل داود صراحة وسعى رجاله لذلك (مز7) ومع ان عداوته له هدات لبعض الوقت الا انه عاد من جديد محاولا قتله بالحربة (1صم 19: 4-9). ثم هرب بحيلة دبرتها ميكال (1صم19: 10-17) وقد كتب داود مزمو59 حينها.
المرحلة الثالثة- داود بطل اسرائيل الطريد:
هذه الظروف القاسية اظهرته بمظهر من فقد ثقته في الله او من غرق في بحر القنوط والياس. بهرب من شاول الى نوب وكان ايمانه قد بلغ من الضعف فلم ينطق بالصدق (1صم21: 1-9) وقد قتل بسبب ذلك رئيس الكهنة وكل ذريته في نوب. من ثم اسرع الى اخيش ملك جت طالبا حمايته اذ كان عدو عدوه شاول الا ان اقطاب الفلسطينيين لم يطمئنوا الى وجودهفالقوا القبض عليه (1صم21) فكتب مزموره 56)، غير انه تظاهر بالجنون فطرده (مز34) ومن المرجح ان ابيمالك هو نفس اخيش او انه اللقب الذي يحمله ملوك فلسطين. ثم استعاد داود ايمانه بالله (مز34). ورجع الى يهوذا واقام في مغارة عدلام (1صم22: 1). وكان له ذوي قرابة لراعوث جدته، لذلك نراه يودع اباه وامه في رعاية ملك مواب (1صم22: 3 و4).
ثم تجمعت حوله جماعة من 600 رجل كان من بينهم ابياثار الكاهن وجاد النبي ومنا توفر له الدعم الديني. ثم ذهب من عدلام الى قعيلة وخلص اهلها من ايدي الفلسطينيين ثم هرب الى برية يهوذا اذ وشى به الزيفيون انه مختبي عندهم (مز63) من مطاردة شاول الذي توقف الى حين بسبب ورود اخبار باقتحام الفلسطينيين للبلاد ثم عاد الى مطاردته في عين جدي (مز57 و 142). ونراه يقوم بحماية املاك نابال (1صم25).
وعاد الزيفيون يوشون به ثانية وعفا عنه داود كالمرة السابقة ووقع شاول في يدى داود لكنه عفا عنه.
اذ يئس داود استاذن اخيش ان يحتل صقلغ حيث بقى هناك سنة و4 شهور يحمي الفلسطينيين ويحارب قبائل الصحراء (1صم27) وعند ذهاب الفلسطينيين لمحاربة جيش شاول لم يدعه اقطاب الفلسطينيين وعند عودته وجد ان صقلغ قد اخربت فتعقب الغزاة واسترد الاسلاب.
ولما سمع بما حدث في جلبوع رثى يوناثان وشاول.
المرحلة الرابعة – داود ملك يهوذا:
بعد موت شاول اختار سبط يهوذا داود ملكا عليه وكان سنه 30 عاما. فقامت باقى الاسباط بقيادة ابنير وملكوا ايشبوشث ابن شاول في محنايم واشتعلت حرب اهلين لمدة عامينانتهت باغتيال ابنير وايشبوشث بغير رضا داود وقد دام ملك داود في حبرون 7 سنوات وستة اشهر.
المرحلة الخامسة – داود ملك اسرائيل:
عند موت ايشبوشث اختارت كل الاسباط داود ملكا وفي الحال بادر بتاسيس المملكة واخذ اورشليم من يد اليبوسيين وكان بها حصنا منيعا وكانت العاصمة الجديدة تقع على الحدود بين الشمال والجنوب وكان موقعها عاملا على ازالة الحسد بين الشمال والجنوب. وقد ساعده اخذ المدينة من الكنعانيين على فتح الطريق بين يهوذا والشمال وعملت على احكام اواصر المملكة. وقد غزا الفلسطينيون المملكة بعد ان سمعوا بتملكه مرتين ولكنه هزمهم (2صم5: 17-25) وبعد ان انتصر عليهم في المرة الثانية تقدم فغزا بلادهم واخذ جت وتمكن من اخضاعهم تماما (2صم21: 15-23) فكفوا عن اقلاق المملكة لعدة قرون تالية. وحالما تاسست المملكة وجه اهتمامه للشؤن الدينية فنقل تابوت العهد من قرية يعاريم ووضعها في خيمة الاجتماع التي نصبها في مدينته – مدينة داود وهو الاسم الذي اطلق على الحصن الذي اخذه من اليبوسيين. ثم نظم خدمة التسبيح ووضع تصميما لهيكل عظيم (2صم7).
ولكي يضمن امن المملكة ويحرص على ان لا تاتيها عدوى الوثنية من الامم المجاورة ولكي ينتقم من هجمات وقعت على المملكة قام بحرب موسعة ضد الامم المحيطة فاخضع مواب واراك وعمون وادوم والعمالقة وبهذا امتدت مملكته الى اقصى حدود وصلت لها في تاريخها.
وقد ارتكب داود خطيته الشنيعة وتاب الا انه اعلن ان السيف لا يفارق بيته وظهرت قوة الشهوة الجانحة والانتقام في بيته (2صم13) وفي ثورة ابنه ضده (2صم14-19) وظهرت مرة اخرى في شبع بن بكري (2صم20).
وقد وفى داود العدل بحسب ما هو متبع في عصره فانتقم لكسر شاول الحلف مع الجبعونيين (2صم21). وارتكب خطية كبرياء باحصاء الشعب وقد عوقب على ذلك بان اصيب الشعب بالوباء (2صم24). وختم حكمه بتثبيت ابنه على العرش وارثا له (1مل1).