الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

مزمور 139 - استقلال ام ارتباط

من اجمل المزامير. وتنقسم 4 اقسام بكل منها 6 اعداد. تذهب في ناحية ثم تعود مرة اخرى. والحبكة في الوسط والخاتمة تعكس البداية. فيها اعظم اختبار للحياة وهي ادراك غير ما يتصوره المرء عن الله، حاضر في كل مكان، عالم بكل شئ، وقدوس. 

الادراك المضني للمحدود (1-6): 

جوهر هذا اللقاء بالله انتج وعيا بوجوده فوقي وامامي ونحتي وحولي. "فكري" كلمة وردت فقط في هذا المزمور ع2 و17. 

"ذريت" طريقي تفحص من الله فحصا دقيقا. ذهابي وايابي وكل تصرفي وكلماتي. "ع4 الكلمة ولم تصل بعد الى لساني الا وانت يا رب عرفتها. 

" حاصرتني" احطت بي واكتنفتني. حصرني بين الولادة والموت. 

"جعلت علي يدك" اي وضعتني على راحتك المبسوكة. 

يشعر المرء انه مقيد ومحدود وسجين تماما، لانه يدرك ان الله يعرفه معرفة تامة ناقدة ولا مفر منها. 

الحث عن الهرب في الفضاء (7- 12): 

ان الشعور بالضغط الذي اوجده عطمة وشدة معرفتك دفعني للبحث عن سبيل للهروبباية وسيلة والى اي مكان. فاذا حاولت ان ابتعد عنك واتملص منك بالمسافة (8-10) او بالظلام (11و12) اجد ذلك مستحيلا فلا العلو ولا العمق ولا الجو ولا القبر ابعد من ان تصل اليها. وان استرحت في قبري مينا فانت تلاحظني هناك كما لو هجمت على باب السماء (8) قارن (عا9: 2). انت لست فوق وتحت فقط وفيما وراء اي مكان الجا اليه حتى لو كانت لي سرعة الضوء (الفجر) واستطعت ان اصل الى ابعد جزائر البحر – الا انك في كل مكان (9 قارن اع17: 27 و28). وتبعا لذلك تستطيع ان تعلن نفسك وتستطيع يدم ان تقودني بعطف او تمسكني بغضب (10). فلا الظلمة تستطيع ان تخفيني عنك ولا تشكل فارقا في مقدار يقظتك وانتباهك. 

البحث عن مهرب في الزمن (13-18): 

رجائي الوحيد هو في حياتي اللاواعية اي قبل بدايات ادراكي – طفولتي، تلك الفترة الالى من حياتي حين كنت جنينا في احشاء امي ولم تكن لي معرفة بوجودي، وربما كنت ايضا غير شاعر بي (قارن اي3). 

هنا يبدا الموضوع راجعا. وكلمة "انت" صدى لعدد 2. وهي بداءة لرحلة جديدة. "اقتنيت كليتي" اي صنعت وملكت (تم14: 19) موضع مشاعري الداخلية. هذا الاعلان عن اصله يعادل الاعلان السابق لطبيعة الله ويعبد الاتزان لحياة المرنم على اساس جديد. وها هو الحمد والتعبد يفيضان على شفاه المرنم (14). 
تعجبه في اصله تحت يد الله الماهرة يستنتج 3 افكار: 

اولا، ان الرب قصد به خيرا. وع15 و16 هما ملخص لتكوينه قبل الولادة. اول نسج لاعضائه الخفية. 

"رقمت في اعماق الارض" هذا يشير اساسا الى الرحم المخفي الذي يشبه هنا بالعالم السفلي، مكان الظلام والاسرار. 

"رأت عيناك اعضائي" اي مادتي غير الكاملة او الجنين. حتى الايام التي فيها صورت ولاجلها كان هناك يوم معين. 

ثانيا، ان وجود الرب يفوق فهمه. انه مشتبك كليا في نسيج مقاصد الله لانه هو من صنعه. وينسى المرنم مخاوفه الاولى فيدرك غايات كثيرة مرجحة حتى انه ينسى عددها (18) مز40: 5 لاحظ 1مو1: 30 واف1: 3-12 

ثالثا، ان غرض الله الصالح يتضمن استمرار الشركة معه. "استيقظت" لا تدل على اليقظة بعد الموت بل عندما افيق فقط من سبات النوم. 

رد فعل مثير (19-24): 

يجب ان يلاحظ ان كل مقطع ختم بتعبير التعجب والرهبة. سرعان ما يتجه بافكاره الى الحياة الطبيعية حتى يدرك التناقض الظاهري بين معرفة الله المفصلة وتساهله المستمر مع الاشرار لهذا يتعجب "ليتك نقتل الاشرار "(19). ومن الممكن ان وجود هؤلاء الاشرار هو من دفع اولا المرنم للتفكير في الهروب. ها هو يف بجوار الله في كراهته للاشرار (لو10: 16). 

ان التغيير من التأ/مل الى العمل اهاج فيه شعورا قويا 21 و22 . ستراه يتساءل هل دوافعه بشرية. لذا يطلب من الله ان يفحصه. هذه الخاتمة تختلف تماما عن المزاج الذي كان في بدء المزمور. لا يمكن ان تكون هناك خاتمة اكثر ايجابية منها . "امنحني واعرف افكاري الشاردة (مز26: 2) "طريق باطل" اي طريق يمكن ان يصير محزنا او مؤذيا.