الخميس، 29 أغسطس 2019

نبوات ضد امم اجنبية ومعادية

نبوات ضد امم اجنبية ومعادية (13:1- 23: 18) 
يضم هذا القسم 10 رسالات تتعلق باﻻمم وواحدة باورشليم. 

من جهة بابل (13: 1- 14: 23): 

يتالف هذا النشيد الرائع من مقطعين يتباينان في اﻻسلوب تماما. فاﻻول (13: 2-22) ينبئ بغزو بابل ونهبها على ايدي الماديين (17). والثاني (14: 4ب – 23) يتضمن انشودة انتصار سوف ينشدها اليهود احتفاﻻ بسقوط اعدائهم. ويصل هذين المقطعين ببعض بضعة ابيات شعرية ذات وزن مغاير. 

من جهة اشور (24-27): 

هنا اقسم الرب ان يحطم اشور. الخطة قد رسمت وﻻ يمكن ان يحول شئ دون انفاذها (26 و27) والكلمات هنا قريبة من 10: 24-27 “احطم اشور في اﻻضي" نزلت الضربة القاضية على اشور فوق مرتفعات اليهودية. 

من جهة فلسطين (28-32): 

اوحي بهذه الرسالة في سنة وفاة احاز الملك. كان في المدينة انذاك رسل من فلسطين (32) وفدوا الى يهوذا التماسا للعون او ربما لعقد حلف مع اليهود. فهذه كانت المناسبة التي استدعت صدور الوحي عن النبي، وفيه تحذير لفلسطين من الفرح بكون ملك اشور قد مات، ﻻن واحا اخر اردا منه سوف يقوم (29). سوف تدمر فلسطين (31) غير ان صهيون سوف تثبت ﻻن مؤسسها الرب (32). في هذه الرسالة اعلان ان يوجد امان في عقد تحالفات مع امم فاسدة. 

“ولول ايها الباب" باب المدينة كناية عن المدينة. “دخان" ﻻ شك انه دخان الحرب بما فيه المخيمات والقرى المحروقة "ليس شاذ في جيشه" سيكون اﻻنضباط كاملا فيه. 

من جهة مواب (15:1-16: 14): 

يحتوى اﻻصحاحان على رسالة وحي تختص بمواب. في القاء نظرة على تاريخ مواب ما يعيننا على فهم الرسالة. بعد موت سليمان حول الموابيون وﻻءهم من يهوذا الى اسرائيل، لكنهم بعد موت اخاب ﻻحقا شقوا عصا الطاعة ورفضوا تادية الجزية السنوية (2مل3: 5). فما كان من يهورام ابن اخاب الا ان شن الحرب على مواب بمعاونة يهوشافاط ملك يهوذا. وقد تم له اﻻستيلاء على عار العاصمة. وتدمير قير معقلهم الرئيسي. وفي اﻻعداد 1-15 استعادة لذكريات الحرب الماضية فمثل ذلك الرعب سيتجدد ثانية، غير انه يوجد وعد بالخلاص ان هم خضعوا لسلطة يهوذا. 

سيكون خراب مواب "في ليلة" اي مفاجئا.. غير ان معاناة شعب مواب ، رغم كل شئ، تمس شغاف قلب النبي فيصرخ متاوها عليها (5). 

اما ص16 فهو متميز بعدة امور. فاوﻻ، تحث مواب في غمرة بليتها على ارسال الجزية الى جبل ابنة صهيون (1). ثم تتبع ذلك دعوة صهيون الى ايواء مشردي مواب (3). ويبرز العددان 4 و5 البركات التي تنعم بها مواب في ظل المسيا. ان هذا لرائع حقا، اذ يبين ان منظور النبوة موسع النطاق بحيث يستوعب مقاصد الله اﻻشمل من جهة خلاص العالم. ثم يتوالى الوحي ليشي الى العامل اﻻوحد الذي سيكون عقبة امام ذذلك، اﻻ وهو تكبر مواب وتجبرها ، الذي لن يبقي ارضها رهينة الخراب فحسب ، بل سيجعل من المستحيل على الموابيين ان يفلحوا في الصلاة في مقدسهم الخاص بهم (12). 

“سالع" هي عاصمة ادوم التي لجا اليها الموابيون اثناء غزو اشور. 

من جهة دمشق وشمال اسرائيل (17: 1-11): 

كانت اسرائيل متحالفة مع دمشق لعلها تحمي نفسها من اشور. وكانت يهوذا تطلب عون اشور لمواجهة تحالف الشمال. وهنا يتنبا بخراب دمشق (1-5) ويرز كم كان باطلا الرجاء الذي تعلقت به اسرائيل (8). ستكون اسرائيل مجرد بقية (6). ونتيجة لهذا الدمار سيلجا الناس الى الله مجددا. ربما تكون النبوة في السنة اﻻولى ﻻحاز. 

السواري هي اعمدة من خشب تمثل الهة اناث مقترنة بالمذابح الكنعانية. الشماسات هي اعمدة الشمس كانت ايضا تستعمل في عبادة البعلالهة الخصب اعتقادا في انها تجلب الخير ووفرة المحصول. 

مناجاة نبوية (17: 12-18: 7): 

هذا الجزء من مقطعين اﻻول يبدا ب "اه" التعجب والثانية باداة نداء (18: 1). يتخذ الوحي شكل مناجاة نبوية بمناسبة وجود مبعوثين اثيوبيين في بلاط ملك يهوذا (1و2). ان حضور هؤﻻء اﻻجانب دفع النبي الى الجهر باطلاعه على ضجيج اﻻمم المحيطة (17: 12 و13). غير ان بطلان عجيج كهذا ، فالعناية السرمدية راسخة كالصخر في خضم حنق العالم العاصف كالبحر الهائج. ومع ان الجيوش المندفعة ستكون لبعض الوقت اﻻت دينونة فلسوف تندحر بين ليلة وضحاها وتباد عن بكرة ابيها. 

اما المقطع الثاني، فيعرض صورة اخرى هي صورة الهدوء في اثناء الحر ونزول الندى (18: 4)وهو ضروري ﻻنتاج الحنطة. حتى ان سكوت الله ينظر اليه على انه اعداد لدينونته ونقمته، تماما مثلما يعمل الحر الصافي الذي تحدثه حرارة الشمس مع طل الصباح على انماء المحاصيل. فليس سكون السماء اﻻ امرا ظاهريا. 

اﻻعداد 12-14 ينظر اليها على انه هجمة سنحاريب واﻻعداد التي تليها على انها الهزيمة المباغتة له. 

ان كانت طواحين الله تطحن ببطء اﻻ انها تطحن دقيقا ناعما للغاية "اهدا"(4). ف "عند تمام الزهر" يتدخل الله. فيوم يهزم اشور ياتي اﻻحباش بالهدايا الى صهيون. 

من جهة مصر (ص19): 

يقع هذا القسم في جزءين: تصف اﻻعداد 15 اﻻولى الدينونة الوشيكة والاعداد الباقية على البركات. 

ستخذل ديانة مصر (3) وتقوم حرب اهلية (2) تنتهي بهم للخضوع الى حكم استبدادي (4) وستكون في اعقاب ذلك كوارث طبيعية. فينشف النيل وينتهي الرخاء (5-10). 

وسيثبت عدم جدوى حكمة المصريين (11-13). وتعاني البلاد من الماسي والمخاوف (14 و15). 

المقطع الثاني (16-25) ذو نغمة مختلفة فهو ينبئ مقدما بنتلئج فعل الرب الغريب . تبدو مصر وقد رجعت الى الرب (21) وتترسخ عبادته في تخومها (19). وسيتم لها اﻻنقاذ على يد مخلص يرسله الرب (20). فضلا عن ذلك، فان عدوتي اسرائيل القديمتين، مصر واشور، تلوحان متحدتين معا بواسطة اسرائيل. اذ تصبح اراضي اسرائيل هي الطريق المفتوحة التي يسلكونها متعاونين متحابين. هذا التحالف الثلاثي القائم على عبادة الرب باعتبار اسرائيل اللاصق اﻻعظم (23-25). 

“واهيج..” (19: 2) يشير الى حرب اهلية عقب موت ترهاقة قطعت فيه اوصال مصر واضحت 12 وﻻية تخضع لاشور. 

“وتنشف المياه من البحر..” اذ ان النيل في فترة فيضانه يشبه البحر (نا3: 8). “اﻻسل" هو البردي. “راس او ذنب، نخلة او اسلة" الفكرة هي ان كل مجهود سيكون عقيما عن اي فرد صدر او طبقة اجتماعية كان، ﻻ فرق! 

“مدينة الشمس" توجد تورية بين الشمس والهلاك بحيث يمكن قراءة الثانية عوضا عن اﻻولى. وعليه فان المدينة التي كان بها معبد الشمس حل بها الهلاك. 

“سيكون اسرائيل ثلثا (ثالثا)” اي ان اﻻمم الثلاثة ستتحد معا بالتساوي في روابط التفاهم. 

في عدد 25 تبلغ ذروة النبوة بدحر مقاومة اﻻمم وادخالها ضمن نطاق الملكوت اﻻلهي. 
***

تحذير من التحالف مع مصر (20: 1-6): 

في مقدورنا تحديد تاريخ تلك النبوة ﻻن نقوش سرجون الخاصة بحملته على اشدود تحددها بالسنة 711 ق.م. وتطلعنا النبوة على تجول اشعياء حافيا وخالعا بعض ملابسه لمدة 3 سنوات في شوارع اورشليم كاية على مصر (2). كانت الرسالة ان عونا ما ﻻ يمكن ان يجدوا من مصر او كوش لمواجهة اشور. ما دام واضحا ان رؤساء اورشليم يئسوا من الحصول على عون اشور ضد تحالف الشمال اي ارام مع اسرائيل يبدر النبي بان فكرة التحالف مع مصر فكرة عقيمة. 

من جهة برية البحر : 

تعلن سقوط بابل وتضمن ايضا رثاء. يحسب النبي بابل كما حسب مصر عديمة النفع اذ انه من المحتم ان تنهار امام اشور (1و2). 

عيلام ومادي ستكونان اتحادا مع اشور في الحملة على بابل. وسيكون ذلك مباغتا ، اذ هي تعد المائدة (5) . تصدر اﻻوامر على وجه السرعة (5) وهنا تنقبض نفس النبي اﻻ انه يذهب الى برج حراسته امتثاﻻ ﻻمر الرب (6) وفي النهاية يسمع الخبر "سقطت بابل" وتشير النقوش الى سقوط بابل سنة 710 ق.م عل يد سرجون. 

"برية البحر" كانت اﻻرض التي قامت عليها بابل ارضا صحراوية تمتد بمحازاة صحراء العرب وقد اخترقها الفرات والمستنقعات حتى بدت عائمة في البحر. 

“يا دياستي..” اي يا شعبي الذي ديس كالحنطة فوق البيدر، قد اخبرتكم برسالتي .. 

من جهة دومة :

دومة معناها "صمت" تستعمل هنا مجانسة للاسم "ادوم". ان الصمت عتيد ان يخيم فوق ارضهم. وهو صمت الفساد الذي يتهددهم خطره. الرسالة غير محددة. وعدم التحديد و الرسالة. فمن سكون الظلام ينبعث سؤال: “ي حارس، ما من ليل؟". ذلك هو موقف ادوم – موقف اﻻستفسار عن المستقبل. والجواب المعطى هو ايضا غير محدد عن قصد. ومفاده ان هناك علائم صباح وليل. والمعنى ان ادوم ستحدد ما اذا كان سيطلع صباح او ليل حسب اختيارها. 

“ما من الليل؟" كم المدة التي انقضت منه. ولعل المعنى انه طال على ادوم اﻻنتظار حتى اصبح ﻻ يطاق. 

من جهة بلاد العرب: 

ينتقل من ادوم الى اقرب جيرانها – الدادانيين ويظهرون متضايقين بسبب الحروب وما تسببه من نزوح وما يتبعها من اضطراب فعلى هؤﻻء التجار التخلي عن طرقهم التجارية المعهودة ويبيتوا في الغابات (13). 

من جهة وادي الرؤيا: 

يتحول النبي الى اورشليم. يقع كلامه في جزاين: اﻻول، (1-14) حالة الشعب الميئوس منها والمقطع الثاني شؤن ذات صلة بالسياسة وتدبير الرؤساء لشؤن البلاد. 

يوجه الكلام الى مدينة اخذ فيها الهياج والجموح دونما سبب فيسالها اشعياء: “لماذا الفرح والمرح وليس لديك ما تعيدين له؟"(2). اغربي انت وعجيجك المجنون واحتفالك اﻻحمق! فان يوم ارتباك وكرب اعد لك بقضاء الرب. وذلك في موضع الرؤيا اي خدر النبوة . 

ثم يلتفت النبي الى اﻻعداء فيلقي عليهم لمحة خاطفة ويصف قدومهم (7). اﻻ ان ذلك لم يردهم الى الرب بل يمموا شطر بيت الوعر حيث مخازن اسلحة سليمان والتحصينات حول المدينة. 

ﻻ شك ان شبنا كان زعيم الحزب الراغب في التحالف مع مصر. ويطلب اشعياء ازاحته وتولية الياقيم. وهذا تم بالفعل (2مل18: 18 واش36: 3و11و22). في اﻻسطر الختامية يخاطب النبي الياقيم منبها اياه الى اخطار منصبه الرفيع (24و 25). 
ﻻحظ ان اورشليم دعيت "وادي الرؤيا" ﻻنها موطن النبوة. 

من جهة صور: 

ينقسم الى قسمين – اﻻول قصيدة نثرية اشبه بمرثاة تصف خراب المدينة. القسم الثاني نثري ايضا ويفيد كيف سيدوم الخراب 70 سنة في نهايتها تعود صور لمجدها. 

اليك ترجمة شعرية لفقرة من المرثاة: “يا صيدون يا ام المدائن، يا معقل البحر الحصين، بخجل اتخذي هذه المرثاة: “الفتيان الذين ولدتهم باﻻوجاع وربيتهم، والصبايا اللواتي نشّاتهن لم يعودوا موجودين!”.