نشيد المحبة الالهية (13: 1-13):
هذا النشيد في مدح المحبة هو اعظم واقوى ما كتبه بولس، ففيه من الجمال الادبي والايقاعي الكثير. كانت كلمة اغابي نادرة في اللغة اليونانية قبل ان يجعلها المسيحيون كلمتهم المميزة في نوعية المحبة. اللفظتان الاعتيادتان هما ايروس (المحبة الجنسية) وفيليا (المودة اﻻخوية) وهما في الجوهر محبة لمستحقيها مصحوبة برغبة في الامتلاك.
الفصاحة البشرية مهما كانت ملائكية يحكم عليها بانها مجرد ضوضاء تزعج ولا تفيد، وذلك اذا خلت من المحبة. وهكذا من يملك قوات نبوية ويفهم كل الاسرار وكل علم (12: 8 و8: 1) وله موهبة خاصة بالايمان الذي يجري العجائب (12: 9 ومت17: 20) وتنقصه المحبة فهو بلا قيمة. واعظم احسان واشد تقشف مؤلم بدون باعث المحبة لا ينال حظوة يوم الدينونة مهما جنى الاخرون من فوائد مادية.
اما الفضائل الادبية التي تدعى فضائل المحبة (4-7) فانها تستهدف الخطايا التي عرف بها الكورنثيون. (4) وهي تشمل ان يكون الانسان متانيا صبورا مترفقا اي عطوفا نافعا بشكل عملي. ثم يعقب ذلك 8 صفات بالنفي.
المحبة لا تحسد الاخرين لنجاحهم او لمواهبهم (13: 26 و3: 3) ولا تنتفخ (من26: 33 و يو21: 17) ، ولا تتفاخر (4 6 و8: 1) اي الغرور الفارغ. ولا تقبّح او تتصرف بدون لياقة (7: 26) . المحبة لا تفعل شيئا يخجل الاخرين. لا تطلب ما لنفسها اي لا تسعى وراء منفعتها الشخصية (11: 21) لكنها نزيهة (10: 33). لا تحتد اي لا تهتاج او تستاء سريعا. لا تظن السوء وحرفيا لا تحسب (كلمة حسابية) الامر السوء اي لا تسجل الاخطاء، ولذا لا تحتضن الحقد. المحبة لا تفرح اذا ما اتيح فرصة الحكم على الاثم او لا تشارك المعتدي المنتصر فرحته لكنها تشترك في الفرح (تعبير اقوى) بالحق (1يو1: 6) . ايجابيا المحبة تحتمل اي انها تستر (1بط4: 8) او تصطبر (1تس3: 1 ، 5) على كل شئ. المحبة تصدق كل شئ اي تنسب للاخرين حسن النية او لا تفقد الثقة مطلقا. المحبة ترجو لا بتفاؤل اعمى بل بانتظار انتصار نهائي بنعمة الله. المحبة تصبر اي بمعنى ايجابي فعال. عندما لا يكون لدى المحبة دليل تصدق الافضل. عندما يكون الدليل معاكسا ترجو الافضل. وعندما يخيب الرجاء مرارا لا تزال تنتظر بشجاعة. فهي لا تيأس مهما صار.
المحبة لا تنهار مطلقا. انها خالدة بطبيعتها (1بو4: 16) بخلاف المواهب التي جعلت للحياة الحاضرة. النبوات والالسنة سوف تصبح غير ضرورية في حضرة الله. العلم البشري والمعلن بطريقة الهية (12: 8) سيفوقه نور اكمل واتم.
متى جاء الكامل، لا الكمال في نوعيته بل في مجموعه، اي العالم الكامل عن الله. ما هو بعض اي جزئي وناقص (ار31: 34) الذي يتسم به اختبارنا الحاضر يبطل.
كما يبطل التفكير الصبياني والكلام الصبياني ويستبدلان طبيعيا عند النضوج. انتم ايها الكورنثيون تظهرون عدم النضوج بالمغالاة في تقدير الالسنة وتقليل شان المحبة.
فهمنا الحاضر اشبه بالتطلع في مراة معدنية بدائية بانعكاسها الناقص (2كو5: 7). لكن حينئذ في الحياة المقبلة سننظر وجها لوجه (1يو3: 2). وهكذا الحال مع العلم الناقص الان، الكامل حيتئذ – كما ان علم الله عن كل مسيحي هو كامل من قبل. الايمان هو قبول الله بثقة كما هو، والرجاء هو الاستمرار في الايمان، والمحبة ، هذه كلها خالدة. انها ستثبت (الفعل مفرد) هذه الثلاثة لانها تكوّن وحدة واحدة (مو1: 4، 5 و1تس1: 3).