الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

دراسة في سفر الجامعة

تفسير سفر الجامعة: عن كتاب تفسير الكتاب المقدس ج٣ - جماعة من اللاهوتيين برئاسة الدكتور فرنسيس داندس.
دار منشورات التفسير، بيروت، لبنان.

يبدو هذا السفر حاﻻ للقارئ الفطن ان فيه ملاحظات نفاذة ونقدا خارقا للمشهد البشري العام. الذين يزعمون ان في السفر نغمة ياس وتبدد الوهم ﻻ يلطغها اﻻ اﻻبيقورية المعدلة. ظهرت دراسات حديثة ان هذا الفهم الشائع عن السفر سطحي.
الجامعة اي ذلك النوع من الحكمة الذي يلقى في الدار الخارجية تمييزا لها عن الحكمة المكتومة التي ﻻ يعرفها اﻻ اولئك الذين اطلعوا على سر الله (1كو2: 7). فالجامعة يكتب من مقدمات مخفية وسفره هو في الحقيقة عمل من علم اللاهوت الدفاعي. فالجامعة يخاطب العوام الذين ينحصر تفكيرهم بافاق هذا العالم.. فهو يقابلهم من حيث يقفون ليقنعهم ببطلان هذا الموقف الفطري. هذا السفر هو في حقيقته مقالة انتقادية تحليلية لمحبة العالم والديانة العالمية. ان عيني الجامعة مفتوحتان تماما الى البطل والفساد اللذين اخضعت لهما الخليقة (رو8: 20).
ان القرار السودوي "باطل اﻻباطيل" ليس حكمه على الحياة عامة، بل على السعي البشري المضلل، الذي ينظر للعالم على انه غاية في ذاته. انه يعلم ان للحياة اهمية ايجابية، انما يحفظ هذا السر ويضعه في خاتمة السفر الى جانب تلميحات هنا وهناك. ﻻن اهتمامه الملح هو طرد اﻻوهام الكاذبة التي تستولي على عقول البشر ، والتي يجب ان يتطهروا منها، قبل اﻻتيان بهم الى ذلك الرجاء الثابت المؤتمن داخل الحجاب (عب4: 19).
لكي يجد الناس السعادة الحقيقية يهدم الكاتب السعادة الكاذبة بضربات ﻻ ترحم، تلك السعادة التي يطلبها الناس في هذا العالم والتي ﻻ تمنحهم سوى البؤس باستمرار.
لكن الكاتب يعلم ان العالم يمكن ان يقدم السعادة كما تشهد بذلك دعواته المتكررة لطلبها (2: 24 و3: 13 و 22 و 5: 18 و 9: 7 و11: 9). ويعلم ايضا اننا يمكن ان نجد عملا في الحياة ذو قيمة (3: 12 و9: 10).
ان اهمية العالم هي ان في امكانه ان يصير واسطة ﻻعلان صلاح الله وحكمته وبره. ولكن عندما ينظر المرء للعالم على انه غاية فقط حينها ينقلب الى بطل. توجد طريقة بها يستطيع اﻻنسان ان يقبل الحياة "تحت الشمس" بما تمنح وتمنع وبما فيها من تناقضات ومظالم ، وهي ان يقبلها بانها "من يد الله" (2: 24 و5: 18-20).
الجامعة يشك فقط في قدرة الحكمة البشرية على شرح عمل الله (3: 11 و8: 17).
والفكر المتعدد الجوانب مع ما فيه من تناقضات ظاهرية يبدو واضحا في اقواله عن الموت. فهو من ناحية يتكلم عن الموت كنهاية للحياة تحت الشمس والوصول بها الى العدم (3: 19 و9: 4-6 و 11: 8). لكن هذا الفكر ليس منصفا، فهو يؤكد على حتمية الدينونة اﻻلهية (3: 17 و11: 9 و 12: 14). وموقفه اشبه بمزمور 49 ، فحكم كاتب المزمور "انسان في كرامة ﻻ يبيت. يشبه البهائم التي تباد" يتردد صداه في (جا3: 18) لنه يعود فيقول "انما الله" وفي ضوء ذلك يعدل مقولته "انسان في كرامة وﻻ يفهم يشبه البهائم التي تباد". والعبارة المهمة "كما البهيمة هكذا هم" تدل على انه يعرف ان الفهم هو من يميز اﻻنسان على البهيمة فان صاروا بلا فهم فقد شابهوا البهائم.
ا- المقدمة:
“الكل باطل" هدف الجامعة من قوله ﻻ ان يدفعنا الى الياس والقنوط ولكن دحض المادية على اساسها ذاته.
الوجود دائرة رديئة (1: 3-11):
يدخل الجامعة مباشرة الى صلب الموضوع دون توطئة او تمهيد. ان العالم يقيم الحياة على اساس الربح والخسارة. فاي ربح يستطيع ان يكسبه اﻻنسان ، وﻻ يتحتم عليه ان يتركه او يخسره اخيرا بالموت؟ يحاول الناس ان يستروا انفسهم من رياح الفناء الباردة بالتفكير في ذريتهم واستمرار نسلهم "باطنهم ان بيوتهم الى اﻻبد. مساكنهم الى دور فدور. ينادون باسمائهم في اﻻراضي"(مز49: 11). وهم يحاولون الحصول على خلود مزيف، باستمرار اعمالهم الخيالية او بترك اثارهم على رمال الزمن او بفكرة التقدم والحداثة  (9و10) لكن ﻻ سند لهذا في مجرى الطبيعة الدائري وﻻ في مجرى التاريخ الذي يعيد ذاته دوما وابدا. التقدم مصحوب دائما بالتقهقر. يتغير فقط الممثلون على مسرح الحياة، وتتغير المشاهد، لكن طابع التاريخ يظل هو هو ﻻ يزيد عن سجل لجرائم البشرية وحماقاتها وتعاستها.
ب- فشل كل محاولة ﻻهطاء معنى للوجود (1: 12- 2: 23):
اوﻻ – المحاولة الفلسفية (12-18):
محاولة صياغة نظام فلسفي ، ﻻ يمكن تحقيقه باﻻساءة الى الحقيقة الراهنة، وبتقويم ما هو اعوج (15). واخر كلمة في الحكمة البشرية هي ان نعترف باننا ﻻ نعرف شيئا.
فالحكمة ﻻبد ان تسبب عناء وقبض الريح، ما لم نجد الحكمة النازلة من فوق (يع3: 17) والحكمة المكتومة التي عينها الله قبل الدهور لمجدنا"(1كو2: 7).
ثانيا- المحاولة الشهوانية (2: 1و2):
لماذا تجهد نفسك لتجد حلا للغز الوجود؟ هيا، متع نفسك، وانعم بما تقدمه لك الحياة. ليس صعبا تبيان غباوة هذا التفكير فان نشوة الملذات ﻻ يمكن ان تتجاوز الصباح الذي يعقبها، واﻻثر العكسي للشبع واﻻمتلاء. وكما قال مستوفاليس "المسرات تنتثر كزهر الخشخاش، حالما تتكون الزهرة تنتثر اوراقها".
ثالثا- المحاولة الثقافية (3-23):
ان فشل السعي في طلب الحكمة وفي طلب الملذات يقترح المساومة او طريقا وسطا، بتجنب الافراط في طريق واحد. من المؤكد ان الحكمة اسمى من الحماقة نسبيا. لكن هذه المادلة النسبية يمحوها الموت المطلق.
ج – حكمة الخليقة (2: 24-3: 15):
السبيل الوحيد هو حكمة لها موقف مختلف. حكمة الله في السر. اول بديهية فيها ان كل الخليقة وغناها هي لنا للتمتع (26). لكنها ليست حكمة سهلة، ﻻنها يجب ان تكون بلا نظام. فان المنظر العام المنظم يمكن الحصول عليه فقط اذا كنا في المركز الذي منه نرى الكل في ابعاده الحقيقية. انما هذا مركز الخالق ، ﻻ المخلوق. ونحن في مركزنا المخلوق تحت الشمس نرى الصورة الخلقية المطرزة على القماش بخطوط مشوهة ملخبطة.
ان راس حكمتنا هو مخافة الرب. واحد عناصرها هو ادراك اﻻختيار اﻻلهي في اختلاف للازمنة واﻻوقات.

د- بر الله (3: 16- 4: 3):
بر الله ليس خاضعا لحكمنا. فهو – ﻻنه برالله- لذلك هو بر منه، ولو بدا مخفيا عنا. ومن ﻻ يفهم هذا، فلا مفر اﻻ ان يفضل الموت على الحياة.
هـ – بطل الحياة (4: 4-16):
1- التعب والكسل والرضى: لوﻻ الرغبة في التفوق ما كان اﻻنسان انسانا، لكن السخرية في هذا، انها كثيرا ما تكون ﻻقل المازفين. فان الكسلان هو اكثر الناس رضى وقناعة.
2- الوحدة والمجتمع (7-12):
هل يمكن ان يصير الدافع الى الربح الخاص هو الموصل للخير العام؟
3- الشهرة الشعبية (13-16): يبدو  هذا الفصل كحادثة تاريخية مالوفة لقراء عصره. ملك شيخ عاجز خلفه شاب ذكي ﻻمع خرج بطريقة خيالية من السجن وسط حماس الجماهير لكنه سرعان ما جلب سخطهم.
و- بطل العبادة والخدمة 05: 1-9):
الحكمة والجهالة في عبادة الله: يحول الجامعة عينه الناقدة الى الدين. كلمة الله ليست صدى كلماتنا، بل كلمته هو. وهي كلمة دينونة ونعمة، وامها يجب ان نكون صامتين مصغين وان نحترم الفرق النوعي غير المحدود بين الله واﻻنسان.
2- الحاكم المدنى (8و9):
ان خوف الله يرتبط طبيعيا باحترام سلطة الدولة. فالسلاطين الكائنة مرتبة من الله. وليس معنى هذا انها خالية من العيوب.. لهذا ﻻ نستغرب من وجود المظالم ﻻ علاج ذلك ليس في اية سلطة بشرية.
ز- بطل الغنى (5: 10- 6: 12):
الثروة ومحبة المكسب: ان اكتفاء اﻻنسان بمحبة المال الذي يرى فيه ان حياته في وفرة المال هو سراب، يتراجع ويرتد باستمرار، ﻻن شهوة الجمع والتكويم ان انطلقت ﻻ تقف عند حد. فان الراسمالية نزداد في السوق المتسعة، ودائرة العرض والطلب.. وفقاقيع النجاح تنفجر، والكساد يتبع اﻻزدهار..
هل نرضى اذا بالتقشف؟ كلا. فان اﻻشياء الطيبة في العالم هي عطايا الله "ﻻن كل خليقة الله جيدة وﻻ يرفض شئ اذا اخذ مع الشكر"(1تي4:4) والله تبارك اسمه "خلق ل شئ بغنى للتمتع"(اع).
المصير البشري: يقرر مصير اﻻنسان شخص اقوى منه، فلا يستطيع ان يخاصم صانعه (10).
ج- حكمة الموت (7: 1-14):
يبسط الجامعة حكمة الحياة التي تتضمن وصفا كاملا للسلبيات الكبري وهي: الشدائد والحزن والموت. فمن اراد ان يعيش حكيما عليه ان يضع الموت نصب عينيه، ويدمجه في نظرته عن الحياة. فالحكمة التي تريد ان ترى "الحياة متزنة كلها بجملتها" يجب ان ترى الموت ايضا. فالنظرة العصرية التي تتجنب ذكر الموت في الحديث (المؤدب) وكان الموت اشبه بكل نائم ، علينا ان نمشي على اطراف اصابعنا حتى ﻻ نوقظه، هذا دليل على اننا نعتبر الموت حقيقة وحشية. ان امال اﻻنسان اليوم ترتبط برغبة متزايدة في تاجيله وبحلم التخلص منه نهائيا.
ان مقدرة الجامعة على مجابهة فكرة الموت والحديث عنه بدون وجل او خوف، ترجع الى انه يرى الموت ﻻ كشئ سلبي، بل مثل افق او خط فاصل لعتبة "ما وراء الطبيعة". فالحياة اشبه بلوح الشطرنج فبدﻻ من ان نرى اللوح كله اسودا ونشكو  او نتأوه على اﻻيام الطيبة كان فيه الشئ ابيض، يجب ان نقبل وجود اللونين معا.
ي- السلاطين الكائنة (8: 1-9):
الحكمة السياسية ليست علما منطقيا، بل هي فن سيكولوجي، فالجامعة يسترشد بما هو صحيح منطقيا ومتناسقا، بل بما هو مناسب للظروف نسبيا "قلب الحكيم يعرف الوقت والحكم"(5). فنظام المجتمع المستبد ، قد يكون غير معقول وحتى شريرا (9) مع ذلك فالوﻻء له افضل من التمرد (رو13). وهذا تعليم يصعب قبوله اليوم، لكنه تحد عميق للذين يرون التغيير والتقدم امرا واحدا. ربما كان فكر اﻻصلاح غريبا على عقل سفر الجامعة الذي يرى اﻻنتقاد للسلطة تمردا صريحا، لكن خو اطره فيها اﻻنتقاد. وعدم القدرة على رؤيا نتيجة اي تغيير مقترح تضع مسؤلية البرهان على اولئك الذين يروجون له. والواقع ان اﻻصلاات التي يقصد بها ازالة شر، كثيرا ما تضع شرورا اخرى مكانه. والسياسات الطويلة اﻻمد يرتاب في صحتها بسبب قصر الياة البشرية.
“لضرر نفسه" اي المحكوم وليس الحاكم.
ك – نقص اﻻحكام البشرية (8: 10).
ل- بر الله المخفي (11-17):
ان طواحين الله تطحن ببطء – وببطء شديد لدرجة يحسب معها الناس انها ﻻ تطحن على اﻻطلاق. ويبدو ان الله ﻻ يبالي بالفروق اﻻدبية. وسفر الجامعة يعي كل الصعوبات القائمة في قبول "فلسفة التاريخ" كما يعي المحاوﻻت لتمييز عمل الله (14). اﻻ انه يضحك على الياس (15).
م- كلام اخر عن حكمة الموت (1-10):
ان الحياة سباق ينبغي ان يجري فيه الجميع. فالناس يستطيعون ان يقلبوا فيه السباق الى فوضى دون ان ينالوا عقابا ظاهريا على ذلك، لكن هناك دينونة.
تاييدات سلبية (11-18):
نتيجة تطلع الجامعة الى اﻻفق في ضوء ما وراء افق الموت قال "عدت ورايت تحت الشمس". “اما خاطئ واحدا فيفسد خيرا جزيلا"(18) هذه الجملة مقدمة لسلسلة خواطر هي:
س- عن الجهالة والحكمة (10: 1-7):
خميرة صغيرة من الجهالة تفس عجينا كاملا من الحكمة. وجاهل واح يفسد عل حكماء كثيرين. فضلا عن ذلك، فان الجهالة اسرع ظهورا، فهي تظهر نفسها في الشارع. وبينما تظهر الجهالة نفسها في اﻻماكن العالية، فان سيرة الحكماء هي الصبر والمسالمة.
ع- حساب النفقة (8-10):
اقواﻻ شائعة مفادها انه ﻻ يمكن ان يتم تغيير بدون خطر. فقبل اﻻقدام على اﻻنسان ان يتاكد ان له ما يكفي من مهارة وقوة وموارد تحت امرته.
غ- اﻻقوال واﻻفعال (11-20):
الحكيم والجاهل (11-15). يشير الى ثرثر الجاهل. “ﻻ يعلم كيف يذهب الى المدينة" مثل شائع فالجاهل ﻻ يستطيع ان يعمل شيئا.
الكسل في البلاط الملكي (16-19). تسوء احوال الرعية اذا ساد البذخ قصر الملك.
اﻻحترام اللائق بالملك (20).  هذا التحذير من كلام العصيان والتمرد واﻻفكار الخطرة. ويتفق هذا مع  موقف الجامعة المعتزل السياسة. وليس هذا نصيحة بالرضوخ للظلم واﻻستبداد، ولكنه تحذير من التعرض ﻻخطار غير ضرورية. فان لم تكن هناك نية صادقة وﻻ قوة ﻻصلاح اﻻمور، فمن الغباء ان ينصرف اﻻنسان الى مجرد التذمر والتبرم.
ص- توجيهات للاعمال الخيرية (1-6):
ان كانت بعض النصائح السياسية السابقة تحوي اﻻتجاه المحافظ المهدئ فاننا نرى اﻻن الوبا جريئا مجازفا. كما لو كان يريد ان يشير بان السلوك في الحياة ﻻ يمكن ان يؤسس على قاعدة واحدة. لكن "الحكيم يعرف الوقت والحكم". في المشاريع التجارية ﻻبد من المخاطرة، ومن ﻻ يجرؤ على المخاطرة وينتظر عرض مضمون تماما عليه اﻻنتظار الى اﻻبد (4). فان المستقبل ﻻ يمكن التنبوء به ابدا. فقد تحدث حوادث تغير ادق اﻻعمال تنظيما. باي عمل من اعمال الله (5) يمكن ان تنقلب ادق حسابات اﻻنسان. من الحكمة اﻻ تضع كل ما عنك من بيض في سلة واحدة، بل نقلل الخطر بتوزيع العمل.
“ارم خبزك على وجه المياه..” ربما تعني التجارة بالحنطة عن طريق البحار. لكن سفر الجامعة بلا شك يستعمل هذ النوع من المجازفة التجارية ليوضح السبيل الذي تدعو الحكمة الى انتهاجه في ميادين الحياة اﻻخرى – مثل ممارسة اعمال الخير دون حساب (لو16: 9).
ق- النظر الى النهاية (7و8):
ان ادراك عدم يقينية المستقب يجعل الحاضر اكثر اهمية فهو الوقت الوحيد تحت تصرفنا. اما الغد ففي يد الله، وﻻ نعلم ماذا يلده. وقول المسيح "ﻻ تهتموا بالغد"  ﻻتعني عدم اعتبار المستقبل بل ان ندرك انه اي المستقبل في يد الله. والفلسفة اﻻبيقورية التي تدعو ﻻغتنام الفرصة متى سنحت تحوي حقا ﻻ يبعد كثيرا عن قول الرسول "مفتدين الوقت"(كو4: 5).
ر- نصائح للشباب (11: 9 -12: 8):
يقول "اذكر خالقك..” ولم يقل "اذكر انك ستموت حتما" وبهذا يميز نفسه عن المتشائمين والابيقوريين.
اﻻعداد 2-7 تحمل وصفا استهاريا لفناء الحياة وانحلالها، لكن من الصعب تفسيره بالتفصيل. ان هبوب العاصفة (2) قد يكون اشارة الى اقتراب الموت بطريقة عامة. عددي 3 و4 يشير غالبا الى انحلال اﻻعضاء الجسدية. “حفظة البيت" هي اﻻيدي، "رجال القوة" اﻻرجل. “الطواحن" اﻻسنان، "النواظر" اﻻعين "اﻻبواب" الاذان، " والعبارات الباقية في عدد 4 تشير الى انحلال قوى النطق الغناء. لكن "حين يقوم لصوت العصفور" هل تعني وصفا لرجل عجوز؟ هذا ينطوي على ادخال مفاجئ لعبارة حرفية وسط استعارة مسهبة. كما انه ليس حقا المسنين يقومون لصوت العصفور. انهم اقل تاثرا باﻻحداث ﻻ سيما وهم في اغلب اﻻحيان ضعاف السمع.
وياخذ الوصف الحرفي مكان اﻻستعارة في عدد 5 فالطاعنون في السن يخافون من العالي ويتهيبون من الخروج على اﻻطلاق. “الجندب واللوز" وصفا لظواهر الربيع والصيف، فاللوز يزهر والجندب يتزود (بالطعام) لكن كل هذه المناظر المفرحة ﻻ تعني شيئا للمسن الذي يرى انحلال بيته اﻻرضي كاعداد للانطلاق الى مسكنه السماوي (2كو5: 1).
تستانف اﻻستعارة ب "حبل الفضة" وهو ينفصم و"كوز الذهب" وهو ينسحق في اشارة الى انسحاق قوى النفس والروح. فحياة اﻻنسان تشبه اوﻻ "كوز الذهب" محتويا على زيت المصباح معلق بحبل الفضة ثم تشير الى "جرة ماء" سحب من البئر. المصباح والجرة رمزان مالوفان للحياة في القديم.
“ترجع الروح الى الله الذي اعطاها" يرجع كل شئ الى اصله، فالجسد يعود الى التراب اما عن مصير الروح بعد رجوعها الى الله فهذا ﻻ يتحدث عنه.
ها هو يكرر نظريته "باطل اﻻباطيل"(1: 2) بنغمة نهائية. ها هو قد جعل كل شئ ارضي تافه وها هو يجلس على كومة تراب.
ش- تذييل (12: 9-14):
تذييل في صيغة اطراء للكاتب ومحاولة تلخيص تعاليمه. هل اضيفت هذه الخاتمة فيما بعد؟ وتغيير الضمير من المتكلم الى الغائب يقترح هذا.
كان السؤال الهام الذي يساله الناس عن اي كتاب، ليس "من كتبه؟" بل "ماذا يقول؟" لذا ضاعت اسماء كثيرين من المؤلفين القدامى. ولم يكن حاجة لمؤلف ان يظهر تواضعا، اذ ان عمله لم يكن يعتبر نجاحا شخصيا او مهارة.
انه من الصعب ان نرى كيف يمكن لعبارة تحوي واجب ايجابي للانسان (13-14) ان نستنتج من مقدماتها منطقيا ان كل ما تحت الشمس باطل. ربما كان يقصد تصحيح اي استدلال متسرع يمكن ان يستنتج من نظرياته حتى انه وضع تشديده النهائي على الواجب العملي للانسان. ان لغز الحياة قد ﻻ تجد له حلا في الحكمة ولكنك تحله وانت تسير في الحياة.
“كلام الحكماء كالمناسيس (المناخس)..” (11) فهو وان كان مقبوﻻ لكنه يلسع. و"اﻻوتاد" هي دعامات الخيمة. “ارباب الجماعات" انهم المعلمون العظماء . “راع واحد" هو الله الذي هو مصدر كل حكمة
هناك تحذير اخير من العقلانية (12) موجه في الحالة اﻻولى ضد التظاهر المبالغ فيه عن الحكمة الممثلة في الكتب التي تحمل اسمها. سفر الجامعة ﻻ يحتقر الذكاء او العقل (9: 17 و18) لكنه يدرك محدوديتهما (8: 17).